كتب مايز عبيد في “نداء الوطن”:
تشكّل النفايات في مناطق الشمال أزمة بكل ما تحمله الكلمة من معنى. وفي مناطق عكار والمنية تتكدّس على الطرقات، أمام المراكز الصحية والمدارس والمجمّعات السكنية والمنازل، إضافة إلى انتشار المكبّات العشوائية في كل مكان، ولا سيما في الأراضي والبساتين وعلى جوانب الطرقات.
منذ سنوات يجري الحديث عن تلوث المياه الجوفية في مناطق عكار، ولم تكن الأمور كما هي اليوم، وإذا ما حسبنا أنّ جزءاً مهماً من الأراضي والمزروعات والمواسم في عكار والمنية، تروى من مياه الآبار والمياه الجوفية، وأنّ المياه الجوفية هي المصدر الرئيسي لاستعمال العائلات شمالاً، فإنّ النفايات المكدّسة والمتراكمة تزيد طين التلوث بِلّة، خصوصاً بعد تحللها بفعل العوامل الطبيعية، من أشعة الشمس إلى الأمطار، في حين أنّ عصارتها تتسلل في الأرض وتختلط بالمياه الجوفية، مع ما قد يسببه ذلك من أمراض وأوبئة وما تشكّله من مخاطر على حياة الإنسان.
ثمة قلق متنامٍ لدى الأهالي والأطباء من توسّع دائرة التلوث والأمراض، خصوصاً أنّ عكار عانت بشكل كبير العام الماضي من وباء الكوليرا وتفشّيه في العديد من قراها وبلداتها. يقول الدكتور محمد هزيم في هذا الصدد «نحن أمام كارثة ومخاطر جدية متوقعة وبعضها موجود أيضاً ونحتاج إلى حلول جذرية وسريعة. نحن على أبواب فصل الشتاء فالكارثة الصحية قد تنجم عن تكّدس النفايات، خصوصاً عندما تختلط عصارتها بالمياه الجوفية ومياه الشفّة والري وتسقى منها المزروعات، والتي هي بجزء منها إما نفايات عضوية، وإما نفايات مستشفيات، وإما نفايات أدوية وغيرها، وهذا خليط خطير جداً ينزل إلى المياه الجوفية وحجم أضراره كبير جداً بلا شك».
ويضيف: «هذا الأمر قد يسبّب أمراضاً وأوبئة كثيرة مثل وباء الكوليرا الذي من الممكن أن يتجدد، لأن أسبابه ما زالت موجودة، إضافة إلى الوباء الكبدي، وهو ما بدأنا نراه في مراكزنا الصحية، ناهيك عن التهابات الامعاء والسلمونيلا».
ويؤكد هزيم «أنّ ظاهرة حرق النفايات التي يلجأ إليها بعض الأهالي للتخلّص من النفايات المتراكمة خطرة جداً هي الأخرى، فعملية الحرق العشوائي قد تؤدي إلى تلوث إضافي، وإلى التهابات في الرئتين والجهازين الصدري والتنفّسي، لذلك يجب وضع حل جذري بالطمر الصحي أو بالحرق بطرق منظّمة وفي أماكن بعيدة عن التجمعات السكانية».
ويشير عدد من مسؤولي المراكز الصحية في عكار إلى أنّها تستقبل من بداية فصل الخريف الحالي العديد من المرضى وبالأخص من فئة الأطفال، وأكثر الأمراض الشائعة في هذه الفئة هي الأمراض الصدرية وضيق التنفس، مع ملاحظة الأمراض الجلدية، وانتشار لأعراض الكوليرا، الحادّة والطارئة في أحيان كثيرة، إضافة إلى احمرار كبير وهيجان في الجلد تسبّبه لسعات البرغش والبعوض بشكل أكبر من المعتاد، خصوصاً في مثل هذه الفترة من السنة.