كتبت جوانا فرحات في “المركزية”:
في معرض سؤاله عن مصير القرار 1701 في ظل الهجمات الصاروخية التي تطلق من قبل حزب الله وفصائل فلسطينية تابعة لمحور حركة حماس والحزب من الجنوب اللبناني نحو إسرائيل، يجيب ديبلوماسي مخضرم” كان الأجدى أن يطرح السؤال عن مدى احترام هذا القرار منذ نشأته عام 2006 ومدى التزام إسرائيل وحزب الله بتطبيقه. باختصار القرار لم ينفذ منذ 17 عاما ومع اندلاع حرب غزة أصبح باطلا”.
كلام الديبلوماسي أكد عليه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إذ أشار في تقريره الأخير إلى ان القرار 1701 لم يُحترَم لا من قبل حزب الله ولا من قبل إسرائيل”. فهل تحول إلى نموذج ينطبق عليه شعار مكيافيللي” الغاية تبرر الوسيلة”؟ والأهم ماذا فعلت الدولة اللبنانية على مدى 17 عاما في كل مرة كان يخرق فيها ال 1701 غير رفع الشكوى إلى مجلس الأمن بدل أن تبادر إلى تطبيق نص القرار الذي ينص على اتخاذ ترتيبات أمنية بما في ذلك إنشاء منطقة بين الخط الأزرق ونهر الليطاني خالية من أي أفراد مسلحين أو أسلحة بخلاف ما يخص حكومة لبنان وقوة الأمم المتحدة الموقتة في لبنان، ويفرض إبعاد حزب الله “.
هذا القرار شهد الكثير من الخروقات على مر السنوات الـ17 الماضية، سواء من قبل إسرائيل التي واصلت اعتداءاتها وخرقها للأجواء اللبنانية أو من قبل حزب الله الذي بدا واضحاً أنه لم يسحب سلاحه ومسلحيه من منطقة جنوب الليطاني.وجاء اشتعال جبهة الجنوب أخيراً ليطرح أكثر من علامة استفهام حول مصيره إذا كان لا يزال نافذاً، أو إذا كان يفترض استصدار قرار أممي جديد بعد انتهاء القتال في غزة وتالياً جنوب لبنان وذلك تحت البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة الذي ينص على أنه “في حال قد وقع تهديد للسلم أو إخلال به أو كان ما وقع عملاً من أعمال العدوان، يقرر مجلس الأمن ما يجب اتخاذه من التدابير لحفظ السلم والأمن الدولي أو إعادته إلى نصابه.
وزير الخارجية الأسبق فارس بويز ينفي الكلام عن أن قرار مجلس الأمن رقم 1701 لم يعد نافذا ويقول لـ”المركزية” “هناك خروقات كبيرة وهذا ينعكس على مصداقية القرار وإن كان قد جرى خرقه مراراً وتكراراً من قبل إسرائيل أو من أي طرف في لبنان فبعد زوال الخرق وخلاله يبقى ملزماً ولا حاجة لاستصدار قرار ثانٍ بالمضمون عينه باعتبار أنه ما زال قائماً ومنتجاً مفاعيله. أما إلغاؤه فلا يحصل إلا بصدور قرار عن نفس الجهة”.
يشدد بويز على ضرورة التمييز بين مفهومي التعطيل والإلغاء. ويضيف” 1701 لا يزال صالحاً للتنفيذ إذا تشكلت الظروف المؤاتية لذلك”. لكن ماذا لو لم تتوافر وفق تطورات الوضع الميداني على الأرض، هل يكون البديل بوضعه تحت بند الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة؟ ” يفترض الفصل السابع تدخل الأمم المتحدة في المعارك وإعطائها القدرة العسكرية على التدخل مباشرة وهذا يقتضي قراراً كبيرا من مجلس الأمن لأن هناك حق الفيتو الذي سيمارس من هنا وهناك، خصوصا أن الثقة بمجلس الأمن ليست بأوجها. ولا أعتقد أن روسيا والصين سيصوتان على القرار. أضف إلى أن عددا كبيرا من الدول سيرفض إرسال قواته للإنضمام إلى القوة العسكرية المشتركة ويفترض أنها قوة ضاربة وليست قوة إستطلاع كما الحال مع قوات “اليونيفيل”. هذا مشروع حرب. من هنا يبدو هذا الحل مستبعدا لا بل صعب المنال”.
الأكيد أن لا حاجة لإعادة ترتيب بيت القرار 1701 الدولي “يكفي أن تتوافر الظروف السياسية المرتبطة بمسار نتائج الحرب حتى يعود إلى موقعه الطبيعي ويسير وفق المطلوب. فإذا ما تغيرت الظروف الحالية التي يشهد عليها العالم لجهة الخسائر التي منيت بها إسرائيل ومع انتهاء الإنتخابات الأميركية، وإذا ما كانت هناك إرادة جدية ودولية، قد تحصل اتصالات أميركية روسية فرنسية مع القوى المتصارعة عند الحدود في الجنوب ويتم تعديل القرار نسبيا بما يجعله قابلا للتنفيذ. أما إذا حصل العكس وحققت إسرائيل أهدافها من الحرب فسيستمر إسقاط القرار وتطغى حالة الحرب على أي احتمال سلام أو تهدئة” يختم بويز.
في المقابل، يعتبرالعميد المتقاعد جورج نادر أن القرار 1701 سقط في أرض الجنوب المستباحة من قبل حزب الله والفصائل الفلسطينية. ويرد أسباب عدم تنفيذه إلى إمساك أمين عام حزب الله حسن نصرالله القرار السياسي والفكري والعسكري وفرض سلطته العسكرية على أرض الجنوب والسياسية على الدولة ومؤسساتها . “باختصار هو الآمر الناهي” ويضيف ل”المركزية” “اليوم نعيش حالة ما قبل 1701 وإعادة إحيائه تحت البند السابع صعبة لأن هنا لا مجال للديبلوماسية وهناك دول لن توافق .أضف إلى أن التسوية الإقليمية لم تعد تنفع بعدما بدلت الحرب كل موازين القوى المعمول بها من قبل، وهنا لا بد من قراءة نتائج هذه الحرب جيدا لأن قضاء إسرائيل على حماس يعني ضرب استكمال الحرب على حزب الله في الداخل اللبناني كونها لن تسمح بالعيش تحت تهديدات صواريخه على الجبهة الشمالية. وإذا ما “انتصرت” حماس سنعود إلى ما قبل 1701 ”
ويختم نادر بالتأكيد “أن القرار الأممي لم يكن خطأ، لكن كان المفروض تنفيذه. ولو احتُرِمَ القرار 1559 الذي يقضي بحل كل الميليشيات وتسليم السلاح للدولة على حدودها كان القرار 1701 سينفذ .لكن عدم احترامه يعني أنه غير موجود”.