كتبت صونيا رزق في “الديار”:
عاد البطريرك الماروني بشارة الراعي الى لبنان، بعد رحلة طويلة في الخارج شملت اوستراليا وروما والفاتيكان، حمل خلالها هموم لبنان طالباً المساعدة في حل ملفاته وقضاياه العالقة، والتقى خلالها قداسة البابا فرنسيس وجرى بحث في كل الاخطار التي تطوّق لبنان، ومسألة انتخاب رئيس جديد للجمهورية، التي ما زالت تراوح مكانها وتطلق العنان للفراغ في الموقع المسيحي الاول، مروراً بحاكمية مصرف لبنان، وصولاً اليوم الى المؤسسة العسكرية وإمكانية حصول الفراغ الثالث، ما أضاف الى الهموم اللبنانية عامة والمسيحية خاصة، مشكلة جديدة مرتقبة في حال لم يحصل التوافق، وهذا ما يبدو وسط الانقسام المسيحي، والتوافق الفجائي الذي حصل قبل فترة وجيزة بين رئيس” التيار الوطني الحر” جبران باسيل ورئيس تيار “المردة ” سليمان فرنجية، بحيث جمعهما رفض التمديد لقائد الجيش بعد طول افتراق وقطيعة سياسية، وهذه المشكلة وضعت على كاهل البطريرك الماروني، الذي سارع الى اعلان تأييد التمديد للجنرال جوزف عون، في ظل هذه الظروف الاستثنائية التي يمّر بها لبنان، لكن الحسابات السياسية لم تأت كما يرغب سيّد بكركي، لانّ الانقسام برز بين القيادات المسيحية كالعادة.
الى ذلك، وعلى الرغم من الاستياء الذي أطلقه الراعي في اتجاه رافضي التمديد للعماد عون، ودعوته المتجدّدة الى ضرورة انتخاب رئيس للجمهورية في اقرب وقت ممكن في هذه المرحلة القاتمة، لكن لا حياة لمن تنادي.
وفي هذا الاطار نقل وزير سابق مقرّب من بكركي، أنّ “الفاتيكان مستاء من خلافات القادة المسيحيين في لبنان، وفق التقارير التي تصله تباعاً عن تشرذمهم وانقساماتهم حيال أي استحقاق مهم خصوصاً الرئاسة، اذ يتكرّر المشهد كل ست سنوات، من دون ان تساهم المخاطر التي تحدّق بالوطن في جمعهم وتوحيد قراراتهم، كي يصلوا الى حل أي ازمة”.
وقال لـ” الديار”: “يبدو انّ سيّدنا الراعي يئس من إمكان جمعهم، لانه يكرّر مناداته لهم من دون ان أي رد إيجابي من قبلهم، وكأنّ البلد بألف خير”، وسأل: ” أيعقل ان يتناسوا مصلحة بلدهم امام النكايات التي يتبادلونها حيال أي ملف يقف حجر عثرة؟ وبدل ان يقوموا بحلّ الخلاف يساهمون في وضع العصيّ في الدواليب، وكأنهم غير مؤهلين لتولّي أي مسؤولية في هذا الصدد، مبدياً أسفه للحالة التي وصل اليها هؤلاء، بسبب انقساماتهم حيال معظم القضايا”.
واشار الى انّ البطريرك الماروني “كان وما زال يعمل على مواجهة التحديات، في سبيل وحدة الموقف المسيحي، وهو مُدرك تماماً لحجمها، لكن الخلافات المتجذرة بين الاحزاب المسيحية لا تساعده على نجاح مهمته، لذا يجهد وحيداً لتحقيقها، بعدما تبيّن له أن الازمات المتتالية لها بُعد خطر داخل البيت المسيحي، لكنه لم يلق أي تجاوب مطلوب حتى اليوم”.
وكشف انّ الفاتيكان نقل رسالة عبر البطريرك الراعي الى القيادات المسيحية، حملت عتباً كبيراً ودفعاً في اتجاه توافقهم، كما نقل استياء السفير البابوي في لبنان من الفراغ الرئاسي الحاصل. وقال: “هذه الرسالة تزامنت مع إمكانية حصول فراغ ثالث، وهذا يعني حثهم على التحرّك والطلب من البطريرك الراعي القيام بعملية إنقاذ سريعة، ولمّ الشمل المسيحي لانّ الكرسي الرسولي قلق” ، مع نصيحة “بضرورة توافقهم اليوم اكثر من اي وقت مضى، كيلا يكونوا بعيدين عن التسويات التي ستجري في المنطقة، لأن تداعيات الاتفاقات المرتقبة سترخي بظلالها على لبنان ولو بعد حين، لذا عليهم أن يسيروا وفق خارطة طريق تحفظ لهم دورهم في لبنان كما كان سابقاً، وأن يتفقوا أولاً على اختيار الدروب الرئاسية، التي تبدأ بغربلة الأسماء التي طُرحت”.
ولفت المصدر المذكور الى انّ الراعي بصدد إجراء اتصالات مع المعنيين بالتمديد لقائد الجيش، خصوصاً وزير الدفاع موريس سليم، في محاولة لكسر الجليد بين الاخير والجنرال عون، على ان تكون بكركي الغطاء المسيحي لهذا التمديد مع تأييد “القوات اللبنانية” وبعض الاحزاب المسيحية ونواب “التغيير” و “المستقلين”، على ان يجري اتصالات مماثلة مع الرئيسين بري وميقاتي وبعض الوزراء والافرقاء السياسيين للوصول الى هذا الهدف.