كتبت نجوى أبي حيدر في “المركزية”:
فجر اليوم، شن الجيش الاسرائيلي غارة في سوريا، لم يشر الى موقعها ولا الجهة المُستهدفة التي اكتفى بتسميتها في بيان بالـ”مُنّظمة”. ليست الغارات الاسرائيلية الاولى على سوريا، فغاراتها تكاد لا تتوقف وقد ادت اخيرا الى وضع مطاري حلب ودمشق خارج الخدمة بفعل استهدافهما. الا انها تتخذ اليوم اهمية من زاوية طابعها الذي جاء بحسب مزاعم تل ابيب ” “ردًا على مُسيّرة مصدرها سوريا أصابت مدرسة في إيلات، فضربت قوات الدفاع الإسرائيلية المُنظّمة التي نفّذت الهجوم”، وحمّلت ” النظام السوري مسؤوليّة أيّ عمل إرهابي ينطلق من أراضيه”.
المنظّمة المجهولة التي اطلقت مسيّرة “يتيمة” من الداخل السوري في اتجاه اسرائيل، تبدو توجه رسالة عشية القمة العربية الطارئة التي تنعقد في العاصمة السعودية غدا، ويشارك فيها الرئيس بشار الاسد للمرة الثانية بعد قمة ايار الماضي، مفادها أن دمشق ليست بعيدة من المحور المقاوم، وهي في صلب النضال العربي، ولو ان النظام السوري يأبى فتح جبهة الجولان.
تعزو مصادر دبلوماسية عربية رفض الاسد فتح حدود سوريا لدعم حماس في غزة او مساندتها على غرار جبهة جنوب لبنان الى جملة اعتبارات تفنّدها عبر “المركزية” بالاتي:
– الخلاف بين النظام السوري وحماس على خلفية انقلاب قادة حركة المقاومة الاسلامية علنا ابان الثورة السورية على حليفهم الاسد وتأييدهم الانتفاضة الهادفة الى اطاحة حكم عائلته، ما حرمه آنذاك من أحد مؤيديه القلائل الباقين من السنّة في العالم العربي واسهم في عزلته الدولية، وقد رفض الاسد بعد نحو عشر سنوات مبادرة حماس لاستعادة العلاقات معه، قبل ان تستأنف إثر لقاء وصفته حماس بـ”التاريخي” مع الأسد، منذ عام بالتمام، الا انه لم يرقَ الى مستوى المصالحة ولم ينسِ الاسد صفعة حليفه التاريخي، وهو ليس مستعدا تاليا لفتح جبهة مساندة لمن طعنه في الظهر.
– رفض الحليف الروسي للاسد فتح بؤرة امنية جديدة في سوريا وتوسع رقعة المعارك وعدم قدرة الاسد على مواجهة الرفض لا بل تأييده وهو ما ابلغه لحزب الله، حينما طلب منه فتح الجبهة على نطاق ضيق حفظا لماء وجه خط المقاومة وتأكيدا على استمرار سوريا في المحور.
– اعتبار الرئيس الاسد ان حركة حماس ايرانية وليست سورية، فلا داعي تاليا للدفاع عنها وتكبّد الخسائر بفتح جبهة لاجل من سيقبض ثمن ورقة كهذه من واشنطن في المفاوضات لاحقا .
وتوضح المصادر ان قائد فيلق القدس اللواء إسماعيل قاآني الذي زار دمشق وبيروت ، أبلغ المرشد الاعلى علي خامنئي اثر العودة، أن الأسد رفض رفضا قاطعا فتح جبهة الجولان لمواجهة إسرائيل، مبررا ذلك بأن الجيش السوري منهك بفعل الحرب الداخلية ثم انه غير قادر على الانخراط في حرب إقليمية،اذا ما توسعت رقعتها وتم فتح الساحات المقاوِمة . الا ان الاسد ابدى للمسؤول العسكري الايراني استعداده لتسليم اسلحة روسية وايرانية في حوزته لحزب الله لتمتين الجبهة في جنوب لبنان. وفي هذا الاطار، تفيد ان الحزب استخدم في مواجهاته اخيرا صواريخ كورنيت الدقيقة السريعة جدا،اذ انها تصيب هدفها خلال أقل من دقيقة ، الا ان اسرائيل استخدمت في المقابل مسيرات ترصد الاحداثيات خلال 22 ثانية فتفجرها، وهو ما عطّل فاعلية الكورنيت، لا سيما بعدما مدت الاساطيل الاميركية الجيش الاسرائيلي باحداثيات دقيقة جدا، فأوقف الحزب على الاثر استخدام الكورنيت ولجأ الى اسلحة من نوع آخر.