كتبت غادة حلاوي في “نداء الوطن”:
خلال زيارته عين التينة، بادر رئيس مجلس النواب نبيه بري، ضيفه رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل، بالقول: يريدون التمديد لقائد الجيش. فسأله باسيل: لماذا؟ فعاجله بري بالقول ضاحكاً: «نكاية فيك». يعتقد خصوم باسيل أنّ استمرار قائد الجيش جوزاف عون في منصبه هو أكثر ما ينغّص عليه سياسياً ورئاسياً، فكيف إذا توافر هذا السبب مقروناً بظروف أمنية تعزّز حظوظ التمديد، وتشكّل مدخلاً شرعياً لطرحه؟
ثلاثة احتمالات قيد التداول حالياً في ما يتعلق بمصير قائد الجيش:
الأول- أن يتخذ رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي قراراً بتأجيل تسريحه.
الثاني- أن يقرّر وزير الدفاع الطلب من مجلس الوزراء تعيين قائد للجيش بالوكالة ورئيس أركان بالوكالة فيتم الإختيار إمّا بحسب التراتبية الوظيفية أو خلاف ذلك، على أن يكون التعيين حتى تعيين الأصيل.
الثالث- أن يتم الإتفاق بين كل مكونات الحكومة على عقد جلسة حكومية في حضور كل الوزراء ويتم تعيين قائد جيش ورئيس أركان بعد توقيعهم مجتمعين. حل لا يعارضه «التيار الوطني الحر» لأنه يستكمل شروط مشاركته في الحكومة أي توقيع 24 وزيراً مقابل توقيع رئيس الجمهورية على قرار تعيين البديل، لكنه لن يرضي ميقاتي بطبيعة الحال، كونه متوجساً من فكرة توقيع 24 وزيراً ويرفض تسليف باسيل اختيار اسم القائد الجديد ويميل ضمناً إلى التمديد للقائد الحالي.
قالت مصادر وزارية إنّ بتّ الملف مؤجل في الوقت الراهن، مشيرة إلى أنّ الاحتمالات مفتوحة على خيارات عدة، مستدركة بالقول إنّ ملف التعيينات ليس هو الحل، ولا الأسماء المطروحة للإختيار منها يمكن أن تكون حلاً، ولا الجو متاح للتعيين، كاشفة أنّ العمل جار على تخريجة بموافقة المعترضين أو التغاضي عن رأيهم. مصادر سياسية أخرى قالت إنّ الاتجاه الغالب هو صوب التمديد لاستحالة ترك المؤسسة العسكرية بلا قائد في ظل الظرف الراهن. ومن يدري ربما يوافق «التيار» على هكذا اقتراح كحل وسطي.
وما ليس واضحاً بعد هو موقف «الثنائي الشيعي». بري الذي تبرأ من فكرة التمديد، وتحدث مع باسيل عن آخرين يريدون التمديد، لم يحسم قراره بعد. سبق ووافق على تعيين قائد جديد ثم تراجع، على ما تقول مصادر مقربة منه.
وفي حين ألمحت مصادر سياسية إلى أنّ «حزب الله» كان أبلغ ميقاتي رفضه اقتراح تأجيل التسريح، أكدت مصادر مطلعة على موقفه أنّ «الحزب» لا يمانع في التمديد، خاصة أنّ الفترة المطروحة هي ستة أشهر لا أكثر. يدرك «الثنائي» أنّ التمديد مطلب أميركي في الدرجة الأولى وبرسالة واضحة أبلغ الاميركيون لمن يعنيهم الأمر رغبتهم في التمديد لقائد الجيش، وخلال زيارته لبنان فاتح المسؤول عن ملف لبنان في الادارة الاميركية آموس هوكشتاين الرئيس بري بالأمر، مبدياً خشية إدارته على مصير قيادة المؤسسة العسكرية، وهو ما رأت فيه مصادر متابعة أسباباً تعزز احتمال التمديد، مؤكدة أنّ البحث يجري عن الصيغة القانونية المناسبة لذلك، إما بتأجيل التسريح أو باقتراح يعدّه وزير الدفاع موريس سليم، لا يزال قيد البحث.
والمرجّح أن يمضي «حزب الله» بالموافقة على تأجيل التسريح باعتباره الاقتراح الأسلم في الوقت الحاضر في ظل وضع أمني متوتر جنوباً ومفتوح على كل الاحتمالات، ما يجعل من غير الممكن ابقاء المؤسسة العسكرية بلا قائد، ومن غير الممكن الاتفاق على تعيين قائد جديد ليتسلم سدة القيادة. فالاتفاق بين المكونات السياسية على اسم البديل غير ممكن وابقاء القديم أفضل الخيارات في الظروف الراهنة.
وتعتبر مصادر «الثنائي» أنّ «حزب الله» لا يرى أن تجربة الأمن العام أو حاكمية مصرف لبنان تنطبق على قيادة الجيش. فسواء في مديرية الأمن العام أو في الحاكمية حدد القانون وضعية المؤسسة في حال تغيّب رأس الهرم أو انتهاء فترة مخدوميته، لكن في مؤسسة الجيش حيث يتوجب أن ينوب رئيس الأركان عن القائد في غيابه، لا رئيس حالياً للأركان، ومن غير الممكن راهناً تعيينه أو الاتفاق على اسمه لرفض «الاشتراكي» أمراً كهذا، ما يقلل من الخيارات المطروحة ويعزز أفضلية التمديد.
واذا كان «التيار» يعتبر أنّ تعيين قائد جديد ممكناً في حضور الوزراء مجتمعين وتوقيعهم فإنّ الخلاف من وجهة «حزب الله» هو في مكان آخر يتجاوز الشكل إلى اسم القائد الجديد المطروح واستحالة الإتفاق عليه، وأنّ بري الذي كان أبدى موافقته بداية على التعيين كمبدأ عاد وعارضه لرفضه تعيين قائد محسوب على باسيل ستستمر ولايته حتى العهد الرئاسي الجديد، بينما يقضي العرف أن يرشّح رئيس الجمهورية اسم قائد الجيش لتعيينه.
معضلة جديدة أو مشروع اشتباك سياسي في طريقه إلى العلن، وإن كانت محاولات تأجيله تجري بحجة أنّ هناك متسعاً من الوقت لاتخاذ القرار الأنسب، وأنّ من يحسم في النهاية مصلحة البلد والحرص على المؤسسة العسكرية.