كتب غاصب المختار في “الجمهورية”:
تمكنت المساعي الدولية القائمة منذ فترة في تحقيق الهدنة المؤقتة والقصيرة جداً في قطاع غزة لمدة أيام معدودة تحت عناوين انسانية بحتة، كإدخال المواد الاغاثية على انواعها وربما إخراج بعض الجرحى الفلسطينيين والاجانب، وإطلاق سراح عدد من الاسرى المدنيين الموجودين لدى حركتي حماس والجهاد الاسلامي وفصائل فلسطينية اخرى، حيث فعلاً وصلت الى معبر رفح المصري عند حدود غزة العديد من شاحنات الاغاثة لإدخالها الى جنوبي القطاع بعدما تم الاتفاق على الهدنة.
وبحسب مواقف بعض مسؤولي الكيان الاسرائيلي، فإنه لن يكون هناك وقف إطلاق نار مؤقت أو هدنة مؤقتة في قطاع غزة، من دون إطلاق سراح عدد من المحتجزين بالتركيز على الأطفال والنساء والمسنّين. وأن إسرائيل لا ترفض فكرة إطلاق سراح إنساني لأسيرات وأطفال فلسطينيين في صفقة مرحلية. وهذا ما تحقق عملياً بحسب الاتفاق.
ووفق المعلومات المتداولة من اكثر من جهة فلسطينية وعربية، ستشمل الهدنة المقترحة إطلاق المقاومة المحتجزين من النساء والأطفال ومزدوجي الجنسية من غير العسكريين. في المقابل يُطلق الاحتلال الأسرى الفلسطينيين من النساء والأطفال. لكن لم يحدد بشكلٍ نهائي عدد الإسرائيليين الذين سيطلق سراحهم إلا أنّه بحسب المقترح يُرجّح إطلاق سراح أكثر من 12 أسيراً، ممن أشار إليهم الناطق باسم كتائب القسام أبو عبيدة سابقاً.
وأضافت المعلومات: هناك مبادرات أوسع لكن لم تصل إلى مرحلة النضج». ما يعني انّ اطلاق عدد من الرهائن سيقتصر على المدنيين مقابل الهدنة القصيرة، لا سيما انّ حركة “حماس” ترفض بشكل قاطع اطلاق اي جندي أسير لديها قبل التوصّل الى اتفاق على تحرير المعتقلين الفلسطينيين بالكامل.
لكن بقي السؤال، لو نجحت الهدنة، ماذا عن مصير الجبهات العسكرية في شمالي القطاع الغربية والشرقية ؟ هل تشملها الهدنة وتوقِف المعارك ام انها خارج إطار الاتفاق؟ وهل ينعكس الهدوء في غزة على جبهة الجنوب اللبناني وباقي جبهات المقاومة الاخرى كاليمن والعراق وسوريا، لا سيما انها باتت تطال القواعد العسكرية الاميركية بزخم كبير؟
البيت الابيض الاميركي اعلن مساء امس انّ “الهدنة بدأت بالفعل، وستشمل ايضاً شمال قطاع غزة (حيث تدور المعارك الأشد ضراورة). و»سيبدأ تطبيق هدنة لأربع ساعات يومياً في شمال غزة، اعتباراً من الخميس». وقال الناطق بلسان البيت الأبيض جون كيربي: أبلغتنا إسرائيل أنه لن تكون هناك عمليات عسكرية في شمال غزة أثناء الهدن. وأن الولايات المتحدة تهدف لدخول ما لا يقل عن 150 شاحنة مساعدات إنسانية لغزة يومياً”.
لكنه اضاف: “ان الولايات المتحدة لا تؤيد وقفاً لإطلاق النار في غزة حالياً». وبناء لذلك، وبحسب تقديرات مصادر مطلعة على موقف المقاومة، ان معارك وعمليات – «الاسناد والدعم والإشغال» في الجبهات الاخرى ستستمر لتخفيف الضغط قدر الامكان عن المقاتلين في القطاع عند تجدّد القتال طالما انّ الهدن مؤقتة لساعات قليلة. وعلى هذا فالاحتمال الاكبر ان تبقى جبهة الجنوب والجبهات الاخرى ساخنة، ولو بقدر أقل من السابق وبحسب «إيقاع» التزام اسرائيل بالهدنة وبقواعد الاشتباك في الجنوب، فثمّة حرص من كل الاطراف بإستثناء الكيان الاسرائيلي على ان تتحقق الهدنة الانسانية وان لا يستمر الحصار على المدنيين”.
وقالت المصادر: طالما “الحزب” صامد ويقاتل في غزة بشراسة، فلا تصعيدَ واسعاً في الجنوب. وهناك خيار من اثنين امام نتنياهو: إمّا انه سيلجأ للتصعيد اكثر على الجبهات اذا رأى انّ قبول الهدنة سيضرّ به اكثر سياسياً بحيث يستغل خصومه قبوله بها لإسقاطه نهائياً، وإمّا ان يقبل بها ويستمر بالتفاوض لتحرير باقي الاسرى تباعاً وتكون هذه بداية “نزوله عن الشجرة” لتخفيف خسائره السياسية والعسكرية والشعبية. لكن في كل الحالات سيبقى الجنوب مسرحاً لعمليات موضعية دقيقة ومؤثرة ضد مواقع الاحتلال حتى نهاية الحرب، والتي يبدو أنها ستطول اكثر من المتوقّع ما لم يحقق نتنياهو “إنجازاً ما”، واذا لم يتحرك العالم بالضغط الكافي والفعّال على اسرائيل لِوَقفها.