كتبت باتريسيا جلاد في “نداء الوطن”:
عند نفاد كل شحنة فيول يدخل لبنان في مناخ العودة الى العتمة الشاملة أو الـblack out الذي بات اللبنانيون معتادون عليه، إن بسبب إصرار مصرف لبنان على عدم تحويل حساب مؤسسة كهرباء لبنان لديه الى دولار نظراً الى الضغط الذي قد يشكّله هذا التدبير على سوق الصرف، أو لاعتراض على مناقصة تُفتح لاستقدام شحنات النفط العراقي الى لبنان.
فالعراق لا يزال يزوّد لبنان بالوقود الثقيل الذي تمّ الإتفاق عليه للمة الأولى في تموز 2021 والذي يتم تحويله الى غاز أويل يمكن استخدامه في محطات الكهرباء التي عملت لعقود بأقل من قدرتها الكاملة، وتوقفت تقريبا عن العمل خلال الأزمة المالية التي أضرت بقدرة الدولة على شراء الوقود.
العقد الثالث
وبعد انتهاء الفترة التعاقدية للسنة الأولى البالغة مليون طن متري من زيت الوقود الثقيل العراقي، وتلتها الكمية نفسها للسنة الثانية، ها نحن ندخل اليوم في الكمية التعاقدية المرتقبة للسنة الثالثة البالغة 1,5 مليون طن متري من زيت الوقود الثقيل أو High sulfur Fuel oil. ما يعني تسليم 125 ألف طن متري شهرياً من الوقود الثقيل تعادل بين 56 و68 الف طن متري لتأمين قدرة إنتاجية نحو 400 ميغاواط على اساس مجموعتين غازيتين (بطاقتهما القصوى) و 550 ميغاواط (على أساس ثلاث مجموعات غازية ).
والمناقصة لتوفير 125 الف طن من الفيول الثقيل لشهر تشرين الثاني و125 ألف طن لشهر كانون الأول فيكون المجموع 250 ألف طن من فيول HSFO على ان يرسل ما يعادلها غاز أويل، بقيمة إجمالية تبلغ نحو 100مليون دولار. وعلى أن يتم تخصيص 33 ألف طن من الديزل لزوم وزارة الإتصالات و85 ألف طن غاز أويل لمؤسسة كهرباء لبنان.
الهدف من المناقصة
يكمن الهدف من المناقصة العمومية التي جرت في شراء ثلاث شحنات من مادة الـ»غاز أويل» على الشكل التالي:
الشحنة الأولى: 25 ألف طن متري من مادة الـ»غاز أويل»، لتسليمها بين 6 و 10 كانون الأول.
الشحنة الثانية: 30 ألف طن متري من مادة الـ»غاز اويل» لتسليمها بين 10 و 14 كانون الأول.
الشحنة الثالثة: 30 ألف طن متري لتسلّم بين 25 و28 كانون الأول.
وشحنة من مادة وقود الـ»ديزل» بكميّة 33 الف طن متري تسلّم بين 6 و 10 كانون الأول 2023.
4 شركات
فتح وزير الطاقة والمياه باب المناقصة التي أطلقت في 20/10/2023 وتمّ فضّ عروضها وفقاً للأصول، في 6 تشرين الثاني والتي بقيت فيها شركة BB energy (بي بي إنرجي) من بين 4 شركات. علماً أن المناقصة العمومية شكّلت محطّ اهتمام العارضين التاليين: Petraco oil company وBBenergy وDMCC، وشركة Adnoc. الا ان قبول عرض شركة BBenergy كان محطّ جدل إعلامي حول مجريات تلك المناقصة وتوفّر الشروط المطلوبة في الشركة الممثلة بخالد البساتنة.
رسالة إلى ميقاتي
في 9 الجاري أرسل فياض رسالة الى رئيس مجلس الوزراء في حكومة تصريف الأعمال مفصّلة تبيّن نتيجة المناقصة العمومية التي أطلقتها الوزارة لتأمين المحروقات تنفيذاً للعقد المجدد بين وزارة الطاقة والمياه وشركة تسويق النفط العراقية SOMO. وتأتي تلك الرسالة سعياً للحصول على موافقة رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاني أو موافقة اللجنة الوزارية على خطة الطوارئ للكهرباء، لتلزيم المناقصة العمومية التي أطلقتها وزارة الطاقة والمياه في 20 تشرين الأول لتأمين المحروقات، وبالتالي توفير التغذية الكهربائية لشهري كانون الأول والثاني وتفادي الغرق في العتمة الشاملة.
وفقاً للقوانين؟
وأعلن فياض في حديث الى «نداء الوطن» أن «وزارة الطاقة قامت بكل الإجراءات وفقاً للقوانين المرعية لأصول المنافسة وقانون الشراء العام، وسعت لأوسع نطاق مشاركة في المناقصة، ورُفعت النتائج مع رأي هيئة الشراء العام». وشدّد على أنه «يعمل مع رئاسة الحكومة للتأكيد على ضرورة إرساء المناقصة. وفي حال عدم تلزيمها، وإعادة إطلاق مناقصة جديدة يترتّب تأخير في عملية الإرساء ووصول شحنات الفيول التي من المفترض أن تصل في أوائل كانون الأول، وتعرّض التغذية الكهربائية الى تقليص ساعاتها خلال تشرين الثاني، وبهدف كفاية المخزون لتوفير الكهرباء في كانون الأول أو الدخول في دائرة خطر انقطاع التغذية الكهربائية نهائياً». لافتاً الى أن «فتح الباب لأي مناقصة جديدة لاستيراد 4 شحنات من النفط سيستغرق نحو شهر ونصف من الوقت، عندها يكون الوقت قد فات ودخلنا في دائرة العتمة في شهر كانون الأول».
تفاصيل العروض
الشركات العالمية التي سبق أن تعاملت مع لبنان في شحن الفيول والمقبولة من شركة Somo إستناداً الى مصدر مطّلع، أعربت عن اهتمامها بالمشاركة في المناقصة. شركة «كورال إنرجي» (نيوزيلاندية) سبق أن اوصلت شحنة الى لبنان ولم تفرغ بسبب رفض مصرف لبنان تحويل حساب مؤسسة كهرباء لبنان الى دولار وتسديد كلفة الشحنة، اعربت عن اهتمامها لكنها لم تقدّم عرضاً.
أما شركة OQ trading العُمانية التي تتعامل حالياً مع لبنان وحجم عملها كبير وعقدها قيد التنفيذ، لا تريد تحمّل عبء إضافي، وارسلت رسالة اشارت فيها الى وجود أمور عالقة مع لبنان بالنسبة الى العقد الحالي، واعتذرت عن المشاركة في المناقصة.
شركة «أدنوك «الإماراتية The Abu Dhabi National Oil Company قدّمت عرضاً مالياً لوزارة الطاقة من خلال البريد الألكتروني من دون إرسال ممثّل عنها شخصياً للتوقيع على الأوراق، خلافاً لقانون الشراء العام ودفتر الشروط ذي الصلة، فلم يؤخذ بعرضها.
وشركة Petraco oil company السويسرية قدّمت سعراً لمادة الـDiesel فقط من دون الـ»غاز أويل»، وبما أن المناقصة واحدة لمادتي الـ»غاز أويل» والفيول، لا يمكن القبول بعرض على مادة واحدة لمخالفة ذلك دفتر الشروط، فاستبعد عرضها لمّا تمّ فتح الملفّات المالية،علماً أن الشركة لديها إفادة من البنك المركزي بعدم وجود ما يمنع قبول مشاركة شركتها في عملية مبادلة منتوج زيت الوقود العراقي، وحازت على إفادة من وزارة الإقتصاد أنه يمكن التعامل معها.
وبقيت شركة BBEnergy التي تم قبولها نظراً الى استيفائها الشروط المنصوص عنها في المادة 25 البند 4 من قانون الشراء العام وهي: أن تكون الحاجة أساسية وملحة والسعر منسجماً مع دراسة القيمة التقديرية، وأن يتضمن نشر قرار الجهة الشارية بقبول العرض الفائز (التلزيم الموقت) نصّاً صريحاً بتقدّم العارض الوحيد المقبول ونية التعاقد، وأن تكون مبادئ وأحكام هذا القانون مطبقة.
دراسة المخزون التي عرضتها مؤسسة كهرباء لبنان على اللجنة الوزارية وتبيّن توقّع انتهاء استهلاك كميات الـ»غاز اويل» من العقد العراقي الثاني في النصف الأول من كانون الأول وبالتالي خطر العتمة عندها إن لم نوفّر قبل ذلك وصول شحنات جديدة من العقد الثالث
الأسعار المقدمة
واستناداً الى محضري لجنة التلزيم، جاءت أسعار الـPremium المقدّمة كما يلي:
من شركة «بيتراكو»، 83,33 دولاراً للطن المتري لـ»الديزل أول» (من دون التقدّم بسعر لـ»الغاز أويل» )، ومن شركة «بي بي إنرجي» 72 دولاراً لطن الـ»ديزل أويل» المتري و89,5 دولاراً للطن المتري لـ»الغاز أويل». أما تقديرات الوزارة للأسعار، وكما يلزمها بتحديده القانون فهي 82.5 دولاراً لطن الـ»غاز أويل» و 87,5 دولاراً لطن الـ»ديزل أويل». وبذلك يكون السعر المقدم في عرض « بي بي إنرجي» منسجماً مع دراسة القيمة التقديرية لوزارة الطاقة.
موعد التسليم
وأرسلت شركة «سومو» العراقية كتاباً حدّدت بموجبه موعد تحميل الناقلة البحرية من العراق بمادة زيت الوقود الثقيل بين 26و30 تشرين الثاني 2023. إستناداً الى ذلك طلبت وزارة الطاقة من رئاسة الحكومة السير قدماً في إجراءات التلزيم. لأن إعادة إطلاق المناقصة يحول دون تحصيل شحنة شهر تشرين الثاني من العام 2023 بسبب المهل الزمنية المنصوص عنها في قانون الشراء العام، وبالتالي عدم استلام شحنتي الغاز أويل والديزل أويل في أوائل شهر كانون الأول من العام 2023، وطلبت الوزارة الإيعاز لمصرف لبنان بإصدار الإعتماد المستندي المطلوب تمديده لسنة إضافية وتعديل قيمته وفقاً لطلب شركة Somo لتصبح 700 مليون دولار تغطيةً لقيمة الشحنات موضوع العقد المجدّد بين وزارة الطاقة والمياه المتعلّق بتزويد الوزارة بمادة زيت الوقود الثقيل خلال الفترة الممتدة من تشرين الثاني 2023 لغاية تشرين الأول 2024 بكمية 1.5 مليون طن متري من مادة زيت الوقود الثقيل. أي بمعدل شحنة واحدة بكمية 125 الف طن متري شهرياً، وذلك تمكيناً للجهة الشارية من استكمال إجراءات التلزيم وفقاً لقانون الشراء العام.
فإعادة المناقصة تستغرق الكثير من الوقت لنشرها مع تحديد فترة لتقديم الطلبات 10 أو 15 يوماً، واعادة تقييم وترسية التلزيم موقتاً والإنتظار 15 يوماً فعلياً او 10 أيام عمل للتعاقد. فقانون الشراء العام ليس ليناً اذ تستغرق أقل مناقصة بين شهر وشهر ونصف.
رسالة اعتماد مصرف لبنان
ماذا عن رسالة الإعتماد التي يترتب على مصرف لبنان تمديدها الى السنة الثالثة في عقد النفط العراقي؟ يعمل مصرف لبنان على إصدار «رسالة إعتماد» Lettre de credit، ومن المنتظر إصدارها يوم الأربعاء كما علمت «نداء الوطن»، فمن دون خطاب الإعتماد لا يمكن تنفيذ العقد حتى لو لزّمت وزارة الطاقة المناقصة.
وحول الخدمات التي يأخذها العراق مقابل الفيول المسلّم الى لبنان، فمعروف أن «الفيول العراقي يسلم الى لبنان في مقابل خدمات، والعقد الساري حالياً هو بالصيغة نفسها عن السنوات السابقة، ومجلس الوزراء يعمل مع «ايدال» لإنجاز المنصّة التي تحدّد الخدمات وكيفية الإفادة العراقية منها.
الوزارة: إعادة إطلاق مناقصة جديدة قد تستغرق شهراً ونصف الشهر
الهدر ينخفض والجباية تزيد
بالنسبة الى حجم الجباية تؤكد الوزارة ان الوضع يتحسّن بعد تعاون الجهات الأمنية، علماً أن الجباية متوقفة اليوم في الجنوب والبقاع الغربي. فأتت كميّة الهدر في الكهرباء وفقاً لتقرير مؤسسة كهرباء لبنان بمعدّل 35%، منخفضة بنسبة 5% مقارنة مع 40% التي كانت متوقّعة. وهذا الأمر جيّد رغم زيادة تعرفة فاتورة الكهرباء، حيث تزيد السرقة عادة. ولكن يجب أن ينخفض بنسبة أكبر. وينقسم الهدر الى فنّي وغير فنّي. الهدر الفنّي من الصعب تحسينه من دون إستثمارات، أما الهدر غير الفنّي فهو سرقة الكهرباء من دون تسديد فاتورة.
اما عن نسبة الجباية فتصل في بعض المناطق الى ما يفوق 90%، علماً أن المعدّل العام هو 80%. وفي بعض الأماكن، الجباية سيئة وتتراوح بين 50 و 60%.
ولا تزال مؤسسة كهرباء لبنان تسعى لإزالة التعديات. واستناداً الى مصادر المؤسسة، فالعملية سارية وفقاً للخطة الموضوعة لها بمؤازرة من القوى الأمنية، علماً أن الازالة تتركّز في بيروت والشمال.