كتبت آمال خليل في “الأخبار”:
خطر الاعتداءات الإسرائيلية المحدق بالبلدات الجنوبية الحدودية أجبر أهاليها على النزوح، وأصحاب المصالح فيها على الإقفال. ومع دخول العدوان شهره الثاني، بدأ ثقل الأزمة يزداد مع تزايد الخسائر المادية. فقد تعثرت مواسم زراعة الخضر في سهلَي الخيام والوزاني وبلدات الضهيرة ويارين والبستان، وغرس شتول التبغ في عيتا الشعب وعيترون وميس الجبل، وأفرغت مزارع الأبقار في بليدا والضهيرة وعيترون، حيث افتتحت معامل صغيرة لإنتاج الحليب ومشتقاته. وفي خراج بليدا، قبالة مواقع البياض ويفتاح والمالكية، سارع أصحاب مزارع الدجاج إلى نقل ما تبقى من الدواجن.
وفي ميس الجبل، البلدة التي تعدّ مركزاً تجارياً ضخماً للأدوات المنزلية والأثاث والمفروشات، ضُرب موسم بيع السجاد والحرامات لتزامن بدء العدوان مع التحضير للشتاء.
على طول الحافة الأمامية، أقفلت غالبية المحال والمؤسسات التجارية والورش الصناعية والمهن. واقتصر النشاط الاقتصادي على بعض الدكاكين التي صمد أصحابها لتحصيل عيشهم وتأمين حاجات الصامدين، إضافة الى عدد من الـ«كافيهات» ومقاهي «الإكسبرس» التي يتجمع فيها الشبان.
كما أُقفلت غالبية الصيدليات التي كان كثير من الأهالي يعتمدون عليها للتداوي السريع في ظل قلّة الأطباء والمراكز الصحية. في المقابل، نشط في بعض البلدات الحدودية الآمنة قطاع المطاعم والفنادق التي استفادت من وجود الصحافيين الذين يغطّون الأحداث.
يوماً بعد يوم، تكبر الأزمة المعيشية لمن صمد في منزله، سواء في البلدات الحدودية وتلك الخلفية المحاذية لها.
مختار جديدة مرجعيون (مركز القضاء) كامل رزوق قال لـ«الأخبار» إن غالبية أبناء البلدة من المقيمين ويعدّون حوالي 1600 شخص، لم يغادروها. إلا أن الدورة الاقتصادية فيها انطفأت تماماً. إذ تعدّ الجديدة مقصداً لأصحاب المعاملات في الإدارات الرسمية التي أقفلت أبوابها (المالية والنفوس) والمحاكم. فيما ألحق الأمن العام عناصر مركز مرجعيون بمركز النبطية، وتوقف أهالي البلدات المجاورة عن زيارتها للتبضع من متاجرها الكبرى. وبعد مرور أسبوعين على بدء العدوان، بدأت الشركات تنقطع عن إرسال بضائعها إلى المنطقة الحدودية، بسبب الوضع الأمني.
وبحسب رزوق، «توقف مندوبو شركات الأدوية والمنتجات الغذائية وتجار الخضر والفواكه عن المجيء… وحتى المخابز لم تعد ترسل سوى ربطات الخبز العربي بعدد محدود لكل متجر»، منتقداً «الحكم المسبق الذي فرضه تجار السوق على المنطقة الحدودية خلال العدوان. إذ ظنوا بأن البلدات فرغت أو أن على من بقوا فيها أن يعيشوا كالمساجين!».