IMLebanon

نازحو المناطق الحدودية يُعانون الأمرَّيْن

كتب رمال جوني في “نداء الوطن”:

منذ الأمس وعائلة يوسف المؤلفة من 15 فرداً، تقيم في الشارع، هربت من بلدة عيناتا بعدما تعرّضت لقصف صاروخي، فقصدت مدينة صور، حيث وجدت منزلاً للإيجار بـ500 دولار، غير أنّ صاحب البيت بدّل رأيه، لأنه حصل على بدل إيجار بـ600 دولار، فتابعت العائلة طريقها نحو بيروت لعلّها تجد منزلاً يأويها. ذنبها الأول أنها تسكن في بلدة حدودية، تواجه الحرب والقصف، وذنبها الثاني أنها تعيش مرارة التهجير الثاني ربّما.

تبكي مريم الزوجة، لا تعرف ماذا تفعل بعدما ضاقت بها السبل «بتنا ليلتنا في السيارة، لم نجد منزلاً يأوينا»، تحاول السيدة الأربعينية أن تتمالك أعصابها من دون جدوى، تقول «عدنا إلى عيناتا رغم الخوف والقصف، هل نبقى في السيارة؟»، تتمنى أن تجد منزلاً هبةً في منطقة النبطية، فزوجها عامل، وباعتقادها «وحده الفقير يدفع فاتورة الحرب، أما الأغنياء فيستأجرون منازل ولو بـ1000 دولار».

تتكشّف يوماً بعد آخر معاناة النزوح، فهو ليس بالأمر السهل في وضع اقتصادي صعب جداً، بدأت صرخات الأهالي القادمين من القرى الحدودية تتعالى، فمعظم من نزح لجأ إلى بيت هبة أو اضطر للاستئجار، وفي الحالتين، حال المنزل «فارغ» من دون أثاث، بالكاد تمكّن الأهل من إحضار بعض الحاجيات الضرورية.

يكاد أحمد موسى لا يقوى على الصمود، تخذله دمعته، يخرج يده من جيبه، بالكاد يتوافر معه 20 دولاراً. فالرجل الذي كان يعمل مياوماً في كفركلا فقد مصدر رزقه، وصار «عالحديدة»، لا يعرف كيف سيتدبّر أمره، تجده يقول «النزوح صعب، يحتاج إلى مال غير متوافر»، ويردف «نعيش واقعاً معيشياً لا نحسد عليه، في بيتنا في كفركلا كنا نعيش على قد الحال، ولكن بعد شهر من النزوح وضعنا لا نحسد عليه».

يحمد أحمد ربّه على ما هو عليه، فقد وجد منزلاً يأويه، هناك عائلات تبحث عن منزل من دون جدوى، تواجه منطقة النبطية أزمة منازل، فوجود السوريين واحتلالهم غالبية المنازل جعلا توفير منزل صعب المنال.

لأكثر من أسبوع جهدت فاطمة في البحث عن منزل من دون جدوى، لا تقوى على دفع بدل إيجار ناهز 400 دولار، بصعوبة وجدت منزلاً بسعر مقبول. نزحت فاطمة مع عائلتها وأولادها من بيت ليف، جاءت على عجل بعدما بات القصف المعادي محاذياً لمنزلها الواقع على أطراف البلدة، تقول «إنّ البيت فارغ من دون أثاث، لم نستطع المجيء ببعض الأثاث من المنزل، كان القصف قوياً، هربنا بسرعة».

لفاطمة أحفاد صغار، أصغرهم في عمر السنة، ما تخشاه هو إطالة عمر النزوح مع قدوم فصل الشتاء «لا نعرف ما ينتظرنا، بالكاد وجدنا بعض الفرش والأغطية».

قبل شهر فقدت فاطمة زوجها، ما زالت في حال حزن، غير أنها تضطر لتكون قوية لتدعم عائلتها، وتقول «يجب أن نتحمل عبء النزوح، ولكن الغلاء كبير، هناك فارق بين الأسعار في بيت ليف والنبطية، يصل إلى 50 الف ليرة في أي قطعة».

معاناة النازحين من القرى الحدودية كبيرة، وقد ناهز عددهم السبعة آلاف، ولم تفتح مراكز إيواء حتى الساعة، وبدأت محافظة النبطية بتوزيع الفرش والأغطية وبعض حصص النظافة، غير أنّ ما يوزّع ليس كافياً، ما يحتاج إليه النازح أكبر بكثير، بحسب حسين من ميس الجبل «نحتاج إلى مال لتأمين الطعام، لا نملك شيئاً».

كان حسين يعمل مياوماً في إحدى المؤسسات في ميس الجبل، ويتقاضى الحدّ الأدنى، منذ شهر لم يُدخِل قرشاً واحداً إلى جيبه، هو ربّ أسرة مؤلفة من 5 أولاد، يجد صعوبة في تأمين المعلّبات للعائلة، وقال «لا أعرف ما ينتظرنا، كل يوم يمرّ يكون أسوأ من سابقه».

غير أنّ جهوداً حثيثة تبذلها محافظة النبطية الدكتورة هويدا الترك وخلية إدارة الأزمة داخل المحافظة لتوفير ما أمكن من دعم للنازحين، وقد ناهز عددهم 7 آلاف نازح بحسب ما أشارت، لافتة إلى أنه في ظل أزمة توفر منازل للنازحين يجري العمل حالياً على تجهيز مركز للإيواء سيتم افتتاحه خلال اليومين المقبلين، وأشارت إلى أنّ بعض الجمعيات بدأ يتحرك في هذا الاتجاه ومجلس الجنوب ومنظمة الغذاء العالمية، إضافة الى wfp الى جانب بعض الجمعيات الأخرى التي قدّمت فِرشاً وحرامات ومواد نظافة.

تبعاً للترك فإنّ توافر مراكز الإيواء يسهل عملية الدعم المباشر، كما أنها ستجهز بمطبخ يومي لتقديم الطعام للنازحين، ما يخفّف عنهم الأعباء الاقتصادية.

وتنشط خلية الأزمة في النبطية في تأمين الدعم للنازحين اللبنانيين بما توافر، وتقول الترك «من حقهم علينا أن نقف قربهم في هذه المحنة، ولن نألو جهداً في دعمهم».