IMLebanon

المتهم بقتل الجندي الإيرلندي حرٌ ولن يُسلم

جاء في “المركزية”:

الخطوة مفاجئة لا بل صادمة بالنسبة إلى الدولة الإيرلندية وذوي الجندي “شون روني” (23 عاما) من قوات الأمم المتحدة لحفظ السلام “اليونيفيل” وأحد أفراد الكتيبة الإيرلندية العاملة في جنوب لبنان، الذي قتل في “العاقبية” في جنوب صيدا وألقي القبض في حينه على المدعو محمد عياد بتهمة قتل “روني” وإصابة ثلاثة آخرين من زملائه في الكتيبة.فيما بقي شركاء المتهم عياد الأربعة في الجريمة وينتمون لحزب الله متوارين عن الأنظار.

في لبنان لا يزال الرأي العام وجهات قضائية وحقوقية تحت وقع الصدمة وإن جاءت التعليقات والقراءات ربطا بواقع القضاء المسيس أو بالصمت المدقع. وأساساً ليست المرة الأولى التي يقع اللبنانيون والجسم القضائي المنزه فيها تحت “صدمة اللاعدالة”. فقاتل الضابط الطيار سامر حنا أطلق سراحه وكذلك قتلة شهداء 14 آذار وصولا إلى جريمة مرفأ بيروت وقتل الياس الحصروني في عين ابل.

من هنا يصبح السؤال عن كيفية إطلاق سراح قاتل ينتمي لجهة حزبية مجرد “هزة ضمير” خصوصا أنها حصلت في وقت ينشغل اللبنانيون بهاجس دخول لبنان الحرب. لكن لا بد من طرح الأسئلة وإن كانت الإجابات لا تقنع إلا أصحاب الفعل.

14 كانون الأول الفائت وقعت حادثة العاقبية وقتل على أثرها الجندي الإيرلندي شون روني. التوقيفات اقتصرت على المدعو محمد عياد بتهمة القتل وإصابة ثلاثة آخرين من زملاء روني إضافة إلى أربعة شركاء له في الجريمة ما زالوا متوارين عن الأنظار منذ كانون الأول الفائت. لكن وفي خطوة غير متوقعة ، أفرجت المحكمة العسكرية، برئاسة العميد الركن خليل جابر، عن المتورط في الجريمة ، بكفالة مالية بلغت مليار و200 مليون ليرة لبنانية، وذلك بعد 15 يوما على توقيفه أي نهاية العام الفائت، ولم يتم تسريب الخبر إلا بتاريخ 15 تشرين الثاني الجاري.

إخلاء السبيل جاء نتيجة التقارير الطبية التّي قدمها وكيل عيّاد القانوني للمحكمة العسكرية، مفصلًا وضعه الصحي بالصعب نتيجة إصابته بمرض السرطان، وهو بحاجة إلى متابعة طبيّة دائمة وإلى أدوية. وفي حين تزدحم السجون بموقوفين مرضى مصابين بالسرطان وأمراض مزمنة أخرى إلا أن عملية إخلاء سبيل عياد جاءت وفقا لتقرير طبي مماثل. كيف ولماذا؟

مصادر قضائية أوضحت أن المحكمة العسكرية بصدد متابعة هذه القضية ولن تتركها. وفور التأكد من إدانته، سيتم سجنه ومعاقبته. فهل سيتم تسليم المتهم عياد مرة ثانية ويدخل السجن لقضاء محكوميته ؟ وبأية تهمة سيحاكم؟ القتل عمدا أم عن طريق الخطأ؟

“إخلاء السبيل يعني أن المتهم لن يعود إلى السجن” تقول مصادر قضائية لـ”المركزية” على رغم التأكيدات بمتابعة القضية حتى النهاية. قد يعين محام وتتم محاكمته لكن في النهاية سيصدر القرار بأن الحادثة لم تكن مقصودة وهذا ما ذكرته مصادر استنادا إلى معلومات عن المحكمة العسكرية “التي ارتأت بأن القتل لم يكن مدبرا أو مقصودا. وإذا سلمنا جدلا بأن الجندي الإيرلندي قُتلَ عن طريق الخطأ برصاص طائش فالقاتل يكون مجهولا”. إذا على أي أساس تم توقيف عياد وتسليمه من قبل الجهة الحزبية التي ينتمي إليها ولماذا اعتُبر الأربعة الآخرون متوارين عن أنظار العدالة؟

في السياق، تستغرب المصادر صدور قرار إخلاء سبيل “لأسباب صحية” “لأن المحكمة لا تأخذ في الإعتبار هذا السبب لإطلاق سراح موقوف بتهمة القتل وقبل صدور القرار الظني. والسؤال الذي يطرح لماذا صدر القرار عن قاضي التحقيق المكلف حصرا بالتحقيق”.

حتى اللحظة لا إجابات عن كل الأسئلة “طالما أن ليس هناك معطيات عن الملف ولأن التحقيقات سرية. لكن المطلوب الإجابة على الأسئلة التالية: ما هي التهمة التي أوقف عياد على أساسها؟ هل هي جناية أم جنحة . إذا كانت التهمة جناية فإطلاق سراحه مستغرب خصوصا أن القرار صدر بعد مرور 15 يوما فقط على توقيفه، أما إذا كانت جنحة فهذا وارد في ظل الضغوطات السياسية المعتمدة على القضاء. ايضا تسأل المصادر هل يجوز أن يستغرق التحقيق في جريمة قتل جندي في قوات اليونيفيل 15 يوما فقط وإلى ماذا أفضى ليخرج عياد من السجن؟

الناطق الرسمي باسم “اليونيفيل” أندريا تيننتي، وفي أول رد فعل على الخبر “الصادم” أعلن أن “بعثة حفظ السلام اطلعت على التقارير التي تفيد بأن السلطات اللبنانية أطلقت الليلة الماضية سراح الشخص الذي اعتقلته، بعد الهجوم الذي أدى إلى مقتل جندي حفظ السلام التابع لليونيفيل شون روني بسبب تدهور حالته الصحية. ونعمل على التأكد من هذه المعلومات من المحكمة العسكرية”. وفي حين كانت الدولة الإيرلندية مطمئنة لسير العدالة بعدما كانت الحكومة اللبنانية أعلنت في مناسبات عدة التزامها تقديم الجناة إلى العدالة، إلا أن خبر إطلاق سراح قاتل الجندي في الكتيبة الإيرلندية شكل صدمة لدى المجتمع الإيرلندي وتحديدا أهل الضحية. فهل سيطالبون بالعدالة وهذه المرة وفق الآلية القانونية المعتمدة في حوادث مماثلة أي مساءلة مدعي عام التمييز ومطالبته بنسخة عن التحقيقات وإخلاء السبيل وأخرى عن الأسباب التي دفعت المحكمة العسكرية إلى إطلاق سراح قاتل إبنها الذي كان يعمل ضمن قوة حفظ السلام في الجنوب؟”.

هذا هو الهامش المسموح به لأهل الضحية.أما بالنسبة إلى الناطق بإسم اليونيفيل فلا يحق له التكلم في المنحى القضائي ونقطة على السطر”.