كتبت لارا يزبك في “المركزية”:
بدا لافتا ان يشدد قائد الجيش العماد جوزيف عون شخصيا، في امر اليوم الى العسكريين الذي وجهه بمناسبة العيد الثمانين للاستقلال، على اهمية عدم التلاعب باستقرار المؤسسة العسكرية، في ظل رغبة جامحة لدى فريق من اللبنانيين يترأسه رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، لإزاحته من منصبه على رأس الجيش، وفق ما تقول مصادر سياسية مراقبة لـ”المركزية”.
القائد قال امس: اليوم، نقفُ أمامَ مشهدٍ شديدِ الخطورة، إذ يواصلُ العدوُّ الإسرائيليُّ ارتكابَ أفظعِ المجازرِ وأشدِّها دمويّةً على نحوٍ غيرِ مسبوقٍ في حقِّ الشعبِ الفلسطيني، ويكرّرُ اعتداءاتِهِ على سيادةِ وطنِنا وأهلِنا في القرى والبلداتِ الحدوديةِ الجنوبية، مستخدِمًا ذخائرَ محرمةً دوليًّا، إلى جانبِ استمرارِ احتلالِهِ لأراضٍ لبنانية. في الوقتِ نفسه، يواجهُ لبنانُ تحدياتٍ جسيمةً على مختلفِ الصعد، تنعكسُ سلبًا على مؤسساتِ الدولة، ومِن بينِها المؤسسةُ العسكرية، التي تقفُ اليومَ أمامَ مرحلةٍ مفصليةٍ وحساسةٍ في ظلِّ التجاذباتِ السياسية، في حينِ تقتضي المصلحةُ الوطنيةُ العليا عدمَ المساسِ بها، وضمانَ استمراريتِها وتماسُكَها والحفاظَ على معنوياتِ عسكرييها.
بدا العماد عون اذا، يعدد الاسباب التي لأجلها لا يجوز اليوم اجراء تعديلات على القيادة العسكرية، وهو يتلاقى في ما اعلنه، لناحية الوضع الامني والواقع الاقتصادي، مع ما تقوله معظم القوى السياسية عموما والمسيحية خصوصا، في معرض شرحها أسباب تمسّكها بضرورة بقاء “القائد” في منصبه في هذا الظرف.
“ففي قلب الحرب، لا نغيّر الضباط”، تتابع المصادر، فكم بالحري لو كان قائد الجيش في بلد يعاني من حرب على حدوده الجنوبية، من جهة، ومن انهيار اقتصادي ومالي غير مسبوق، من جهة ثانية، تمكّن العماد عون شخصيا، من إبقاء تداعياته بعيدة عن المؤسسة العسكرية حتى اليوم.
فالجدير ذكره، ان الرجل أثبت على مر السنوات الماضية انه بعيد من الفساد ومن الزبائنية، ففاز بثقة المجتمع الدولي وعواصمه التي لا تنفك ترسل الى الجيش اللبناني المساعدات على انواعها، كي تتمكن من الصمود في وجه الازمة، بينما هذه الدول ذاتها تقاطع لبنان – الدولة، واداراته، لعلمها بأن الفساد ينخرها! وفي الساعات الماضية، وصلت إلى مطار رفيق الحريري الدولي طائرة محمّلة بنحو 3 طن من المواد الطبية المقدمة هبة من السلطات الفرنسية إلى الجيش اللبناني. وجرى تسلمها بحضور السفير الفرنسي في لبنان هيرفيه ماغرو وممثل قائد الجيش، رئيس الطبابة العسكرية العميد الإداري داني البشراوي، إلى جانب عدد من الضباط. ايضا، استقبل العماد عون في مكتبه في اليرزة امس سفير دولة قطر في لبنان الشيخ سعود بن عبد الرحمن آل ثاني الذي أكد استمرار الدعم القطري للبنان والجيش في ظل الظروف الاستثنائية الراهنة.
اذا “أُزيح” العماد عون، ستكون كل هذه المساعدات بخطر (وفي افضل الاحوال، هي ستتوقف لفترة الى حين اختبار القائد الجديد الذي ستعيّنه الطبقة السياسية الحاكمة) وبالتالي سيكون مصير المؤسسة العسكرية على المحك… فهل هذا ما يريده الساعون الى التخلّص من “القائد”؟!