Site icon IMLebanon

عبد اللهيان في “مكتبه البيروتي”

كتبت سناء الجاك في “نداء الوطن”: 

بالتزامن مع التوافق على هدنة لتبادل الأسرى بين حركة «حماس» وإسرائيل، سارع وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان لمواكبة الحدث من «مكتبه البيروتي». لم يتوقف عند العطلة الرسمية في ذكرى الاستقلال، ذلك أنّ المعطيات المنطقية لهذه الذكرى انعدمت، كما أنّ الواجب يناديه ليدير «خلية الأزمة» لعملية «طوفان الأقصى» (والتي تصر إيران أن لا علاقة لها ولا معرفة مسبقة بها)، ويعطي تعليماته للمرحلة المقبلة.

وفي إطار هذا الواجب، وبهدف التنسيق وتوجيه «جماعات المقاومة المتحالفة مع إيران التي تضبط الضغط بذكاء على إسرائيل ومؤيديها»، اجتمع عبد اللهيان بالأمين العام لـ»حزب الله» حسن نصرالله، كما شملت سلسلة لقاءاته الأمين العام لحركة «الجهاد الإسلامي» الفلسطينية زياد النخالة، ومسؤول العلاقات العربية والإسلامية في «حماس»، نائب رئيس الحركة في غزة خليل الحية، بحضور القيادي في «الحركة» اسامة ‏حمدان.

عدا ذلك، وعلى هامش انشغالاته، وجد «معاليه» حيزاً فارغاً في جدول أعماله ليسجل زيارتين إلى رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، على الرغم من العطلة الرسمية التي تفرضها ذكرى استقلال لبنان. وبالطبع، لم يبحث معهما ما بحثه مع أركان خلية الأزمة، وانما التقاهما حرصاً على الدبلوماسية الرفيعة، التي يراعيها بعض الأحيان، مندوب الاحتلال حيال المسؤولين في الدولة المحتلة، حتى عندما يزورها متى يريد. وكلما طاب له أن يتفقد مستعمرته. ويكفي إبلاغهم، وفي اللحظة الأخيرة، بزيارته ليلغوا كل مواعيدهم ويتركوا انشغالاتهم الروتينية، ويجلسوا في حضرته ويستمعوا إلى أحاديث عن عموميات لا علاقة لها من قريب أو بعيد بلبنان، بصفته دولة سيدة وحرة ومستقلة.

بالطبع، قد يقول قائل من الغيارى على «المفهوم المفتعل للوطنية» التي تفرضها جرائم إسرائيل في غزة ولبنان، إنّ مجرد الإشارة إلى الاحتلال الإيراني في هذه المرحلة يجسد الخيانة العظمى لصاحب الإشارة ويستدعي محاكمات عرفية.

لكن توصيف الجرائم الاسرائيلية وما تثيره من غضب وألم وشعور بالقهر والعجز، وبما لا يمكن للتعبير أن يترجمه أو يعكسه، لا يمنع، في المقابل، انتقاد مسارعة عبد اللهيان إلى مكتبه في بيروت وإدارته «خلية الأزمة»، ليس لتحرير القدس، ولكن لتحصيل المكاسب التي تترافق مع المفاوضات.

فقمة الوطنية أن تترافق إدانة إسرائيل مع إدانة مصادرة القرار اللبناني واستغلال دماء أطفال غزة وتوظيف «جماعات المقاومة التي تضبط الضغط على إسرائيل بذكاء» فقط لخدمة رأس المحور الذي حرص طوال ارتكاب آلة القتل الإسرائيلية مجازرها على إنكار أي علاقة له بما يجري في غزة أو العراق أو اليمن، وتبرأ من العمليات النوعية لدعم «حماس» ضد إسرائيل وحلفائها.

ليس خيانة عظمى توصيف تأثير استراتيجيات جبهة الممانعة، وتشبيهها بالأعراض الجانبية التي تتأتى من دواء يجري تسويقه طمعاً بالأرباح التي تجنى منه، بمعزل عن الخطر الذي قد يسببه… ولطالما سمعنا عن أدوية بعينها تُسحب من الأسواق لعلة في تركيبتها بحيث تنحرف تماماً عن هدف استعمالها لمكافحة المرض، وتتحول سماً قاتلاً وتتغلب أعراضها الجانبية على فوائدها المرجوة.

فزيارة عبد اللهيان إلى «مكتبه البيروتي» ليتابع مسار الهدنة حتى تأديتها غرضها لكل من إسرائيل وحركة «حماس»، ومن ثم عودة المعارك إلى سابق عهدها، على ما يلوِّح به طرفا الصراع، فيما «حزب الله» يدعم وينتظر تطورات الميدان ويراكم النقاط، تدل على أن محور الممانعة برأسه وأذرعه، أصبح دواءً تتفوق أعراضه الجانبية على غاية استخدامه، ما يفرض سحبه من التداول، وإلا فالموت بانتظار المريض… وليس الشفاء… أو تحرير القدس.