كتبت غادة حلاوي في “نداء الوطن”:
هدفان لزيارة وزير خارجية إيران حسين أمير عبد اللهيان لبيروت والدوحة: أولاً، البحث في إمكانية تحويل الهدنة وقفاً نهائياً لإطلاق النار، وثانياً، إحتمال إذا قرّرت إسرائيل استئناف عدوانها على غزة بعد انقضاء الهدنة. وفي الحالتين حذر إيراني وتحذير من لبنان الى الدوحة التي أبلغت رسائل، وتبلّغت أخرى في المقابل.
كما في أول العدوان الإسرائيلي على غزة، كذلك مع نهايته. فقد زار وزير الخارجية الإيراني بيروت مرتين في بضعة أسابيع. خصّصت الأولى لنقل أجواء الحرب ومعرفة وضع المقاومة، والثانية لنقل أجواء الاتصالات التي أدّت إلى الهدنة الموقتة. وفي الحالتين دليل على اهتمام كبير وعلى درجة الانخراط الإيراني في متابعة الحرب الإسرائيلية على غزة عن كثب. منذ يومها الأول، واكبت إيران الحرب وكانت الحاضر الأساسي في مساعي التهدئة، وهي نفسها التي كانت حاضرة أيضاً في مساعي وقف العدوان.
ونقلاً عن مصادر ديبلوماسية، فإنّ زيارة عبد اللهيان جاءت «في إطار تنسيق المواقف مع الدول والحلفاء حيال الخيارات المطروحة في المرحلة المقبلة على صعيدي مساعي تحويل التهدئة الموقتة وقفاً لإطلاق النار، أو إذا استأنفت إسرائيل عدوانها على غزة بعد مرحلة الهدنة». والنقطة الأخيرة مدار بحث ومدعاة قلق في ظل وجود مواقف في الداخل الإسرائيلي تدعو إلى استكمال الحرب على غزة إلى حين القضاء على «حماس»، وهو ما أعاد التأكيد عليه أمس وزير الخارجية الإسرائيلي.
خلال لقائه المسؤولين، نقل عبد اللهيان موقف بلاده التي ترى أنّ التهدئة الموقتة ليست كافية، لافتاً إلى أنّ وقف إطلاق النار من شأنه أن يمنع تمدّد الحرب إلى جبهات ثانية، متحدثاً عن وجود جبهات جديدة لا تزال غير معلومة سيتمّ تحريكها إذا رفض الطرف الثاني لجم هذه الحرب ومنع تمدّدها، وهذا يتطلب تثبيت هذه الهدنة وتحويلها وقفاً دائماً للنار ومستمراً.
على أنّ الاجتماعات الأهم كانت تلك التي جمعت كبير الديبلوماسيين الإيرانيين بالقوى الفلسطينية أي «حماس» و»الجهاد» سواء في لبنان أم في الدوحة التي انتقل إليها من لبنان مباشرة، وغرض هذه اللقاءات «تأكيد إيران على دعم المقاومة وتظهير متانة العلاقة ووحدة الصف مقابل التخبّط الإسرائيلي في التعامل مع الهدنة وما بعدها».
يرفض الجانب الإيراني أي صيغ للحل لمرحلة ما بعد الحرب على غزة، وقد بات واضحاً أنه كان جزءاً من حركة الاتصالات الدولية والاقليمية التي تحصل على صعيد الموضوع الفلسطيني، ويعتبر نفسه معنياً بالطروحات التي تناقش، وتتحدث المصادر الديبلوماسية عن «أفكار تناهت إلى مسامع الإيرانيين كمسألة إدخال قوات فصل أو إعادة إدخال السلطة الفلسطينية إلى غزة، وقد اعتبرتها إيران طروحات غير قابلة للتطبيق، وهي ستمنع حكماً أن تعطي الإسرائيلي في السياسة ما فشلت في أخذه بالعسكر».
وقد وضع عبد اللهيان القوى الفلسطينية والدولة اللبنانية بصورة هذه الطروحات «غير المنطقية»، وأعاد التأكيد أنّ بلاده لا تقبل أن تُفرض على الفلسطيني وعلى أهالي غزة حلول من الخارج.
في التعاطي الإيراني، كما في تعاطي الغرب، فإنّ لبنان هو البوابة التي تطلق منها الرسائل الى الطرف الآخر، وعلى هذا الأساس وجّه وزير خارجية إيران أكثر من رسالة لأميركا التي يعتبرها الراعي الرسمي للحرب الإسرائيلية على غزة، وبالتالي «اذا كان الطرف الأميركي يريد منع تمدّد الحرب يجب تحويل الهدنة إلى وقف لإطلاق النار». وهو ما يجري العمل عليه بالاتفاق مع القطريين حيث تطرق البحث إلى الشأن اللبناني المتعلّق بجبهة الجنوب «التي تحركت بشكل تلقائي نتيجة العدوان الإسرائيلي على غزة، ويفترض أنّها تعيش تهدئة مماثلة لتلك التي تعيشها غزة». لكن، هناك عامل إضافي يرتبط بالجبهة الجنوبية شدّد عليه الموفد الإيراني يتعلق بالسلوك الإسرائيلي فـ»طالما أنّه ملتزم التهدئة وعدم خرقها من جهة الحدود الشمالية فسيدخل «حزب الله» بطبيعة الحال في اتجاه التهدئة باعتبار أنّ الغرض الذي تحركت لأجله هذه الجبهة حصل، ولكن إعادة الاعتداء على الأراضي اللبنانية سيقابله ردّ بالمقابل».
تقول حرفية الرسالة التي أبلغها عبد اللهيان الى الجانب القطري «طالما أنّ الإسرائيلي يلتزم هذه التهدئة ستسري حتماً على الجبهة الجنوبية، استقرار جبهة الجنوب اللبناني مرتبط بسلوك الإسرائيلي، وطالما أنّه مردوع فلن يتم تحريك الجبهة، وإذا حصل العكس فيعني فتح الجبهة من بابها الواسع».