كتبت يولا هاشم في “المركزية”:
يصل البابا فرنسيس يوم الجمعة المقبل إلى دبي، ليشارك السبت في مؤتمر الدّول الأطراف في اتّفاقيّة الأمم المتّحدة الإطاريّة بشأن تغيّر المناخ الذي يعقد في مدينة الإكسبو، ويفتتح يوم الأحد الثّالث من كانون الأوّل جناح الأديان في الإكسبو، قبل أن يغادر عائدًا إلى إيطاليا. وستكون هذه المرة الأولى التي يحضر فيها بابا الفاتيكان اجتماع تغير المناخ التابع للأمم المتحدة منذ أن بدأ عقده عام 1995.
ويعقد مؤتمر الأمم المتحدة الثامن والعشرون للمناخ (كوب28) اعتبارًا من الخميس المقبل في الإمارات ويستمر حتى 12 كانون الاول المقبل، بعدد مشاركين غير مسبوق، وتطبعه معركتان كبيرتان حول تمويل تداعيات الاحترار المناخي والتخلي عن الوقود الأحفوري الذي يدفع استخدامه المفرط البشرية نحو أزمات مناخية جديدة.
يحضر القمة أكثر من 70 ألف شخص وهو عدد غير مسبوق في مؤتمرات كوب السابقة، بينهم البابا فرنسيس والملك تشارلز الثالث والرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون ورئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي، إضافة إلى حشد كبير من رؤساء دول وحكومات ووزراء وممثلي منظمات غير حكومية وأصحاب أعمال ومجموعات ضغط وصحافيين، في حين لن يشارك فيه الرئيس الاميركي جو بايدن .
يبدأ المؤتمر بمراسم افتتاح في 30 تشرين الثاني، تليه “قمة القادة” التي تستغرق يومين ويلقي خلالها قرابة 140 رئيس دولة وحكومة كلمات، قبيل محادثات تستمرّ حوالى عشرة أيام. ويبقى موعد انتهاء المؤتمر غير نهائي، إذ غالبًا ما يتمّ تمديده ليوم أو يومين.
ويعقد البابا، بحسب ما أفاد برنامج عمل أصدره الفاتيكان، اجتماعات لما يقرب من يوم كامل مع زعماء العالم الذين سيحضرون القمة.وستكون هذه المرة الأولى خلال ولايته البابوية التي يعقد فيها البابا اجتماعات كثيرة رفيعة المستوى واجتماعات ثنائية مع نظرائه ومسؤولين آخرين خلال فترة وجيزة. فهل سيكون لبنان من ضمن هذه المباحثات؟
مدير مركز المشرق للشؤون الاستراتيجية الدكتور سامي نادر يقول لـ”المركزية”: “من الممكن أن يتم بحث ملف لبنان، لكن المهم ان البابا على أرض عربية، وهذا أمر لا نراه غالباً. صحيح ان البابا زار العراق ولبنان وسوريا، لكن وجوده على ارض عربية في هذا الوقت بالذات يحمل دلالات كبيرة، وكذلك وجوده في قمة المناخ، لأن البابا حمل راية قضية المناخ. بالطبع لم يكن الوحيد، لكنه حمل رايتها نظرا لأهميتها في مستقبل الكرة الارضية والعالم، وفي حال لم يتم القيام بخطوات معينة، فإن العالم يتجه نحو الانقراض. وبالتالي إن وجود البابا في هذه القمة تحديداً مهم، إضافة إلى ما يجري في غزة. بالتأكيد الموضوع الأول في هذه القمة هو المناخ، لكن هذا لا يعني أبداً أن القادة الذين سيجتمعون لن يتطرقوا إلى امور أخرى، ومن بينها بالطبع ما يحصل في فلسطين، خاصة في ظل الكلام الذي يدور اليوم حول حلّ الدولتين وضرورة ايجاد تسوية للصراع العربي – الاسرائيلي. وفي حال أردنا الدخول إلى تسوية لهذا الصراع فإن العالم يتجه بالطبع نحو مؤتمر شبيه بما حصل عام 1992 اي مؤتمر مدريد ليجمع كل الأطراف المتنازعة”.
ويعتبر نادر أن “لا يمكن الدخول في حلّ لما يحصل من دون وضع الجميع الى الطاولة، خاصة وأنه لا يمكن وضع الفلسطيني والاسرائيلي الى الطاولة لأنهما على طرفي نقيض، ولا أحد منهما يريد حلّ الدولتين، وموقف حركة “حماس” الأخير في البيان واضح. اليوم إذا كان هناك حلّ، أي حلّ، وليس بالضرورة حلّ الدولتين، حتى لو انفتحت ثغرة في الحائط المسدود، لأننا اليوم من دون شك أمام حائط مسدود، ليس هناك من حلول تُطرَح لأن المعركة ما زالت مستمرة ورئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو ومن يجلسون عن يمينه لا يريدون هذه التسوية التي يتحدث عنها الجميع، وحتى توجّه “حماس” راديكالي. وبالتالي فإن العالم بأجمعه منشغل بما يسمى بـ”اليوم التالي”، أي اليوم الذي يلي الحرب، هل سيكون تمهيدا لحرب جديدة ام من الممكن ان تكون الفرصة سانحة ويتم اغتنامها للدخول في تسوية. وهذه التسوية كي تكون مستدامة عليها أن تشمل ايران، لأنها في حال لم تشملها على طريقة “مدريد”، فسندخل في حلقة جديدة من الصراعات. وهنا أود الاشارة الى انه كان لافتاً وجود ايران في مؤتمر الرياض، وهذا دليل على أن الطرف العربي، خاصة السعودية، تريد اشراكها على الأقل اليوم بنوع من الموقف الموحّد، وهذا بالتالي يرفع من منسوب الأمل ان يتم طرح أمور في هذه القمة، او على الأقل أن تُمهِّد لمؤتمر، ليس تحت عنوان المناخ بل تحت عنوان التسوية في الشرق الاوسط على غرار ما حصل عام 1992، لكن هذه المرة مع إشراك ايران. وعندها يمكن القول ان الامور ستحل”.
ويضيف: ” تبقى عقبة أساسية، وهي كيف ستنجلي المعارك على الأرض؟ هل سيبقى نتنياهو؟ هل على أرض الواقع ستحصل عملية ترحيل؟ كله رهن تطورات المعركة الميدانية، وكيف يكون شكل السلطة في اسرائيل بعد المعركة. لكن اليوم يمكن التأكيد ان القادة المجتمعين في قمة المناخ سيذهبون باتجاه ايجاد تسوية. وربما لهذا السبب لن يحضر بايدن القمة، لأنه لا يملك الجواب على الموضوعين اللذين تحدثنا عنهما: كيف ستنتهي المعركة على الارض ومن سيكون الطرف الاسرائيلي. بايدن لن يأخذ التزاما، لن يدخل في التزام اليوم وهو لا يعلم كيف ستكون التطورات على الأرض. فهو يعلم ان الموضوع السياسي سيُطرح في هذه القمة وستكون هناك إدانة لاسرائيل، على الأقل ستكون مطالبة بوقف نهائي للحرب. فما الذي سيقوله في الموضوع؟ كما ستُطرَح مسألة حلّ الدولتين، الأمر الذي يوافق عليه بايدن، لكن ما ستكون ردّة فعل الاسرائيلي، خاصة وانه سيقول بانه لم ينته من “حماس” بعد”.
أما عن لبنان، فيختم نادر: “ملف لبنان أصبح مرتبطاً بالتسوية الكبرى، وبالعلاقة مع ايران. فهل ستدخل ايران على هذا المؤتمر ام لا؟ هل ستكون ايران شريكا في التسوية مع الاسرائيليين والعرب ام لا. هذا هو السؤال. وبالتالي ايران سوف تظل ممسكة بكل اوراقها الى حين معرفتها ما إذا كانت ستُدعى الى التسوية ام لا”.