كتبت باتريسيا جلاد في “نداء الوطن”:
بعد مرور عام على موجة الملاحقات القضائية التي بدأت في 5/12/2022 في أمانات السجلّ العقاري في جبل لبنان (وتضمّ بعبدا، عاليه، المتن، الشوف، جونية وجبيل) من فرع المعلومات بناءً على إشارة المحامي العام الإستئنافي بجبل لبنان الرئيس سامر ليشع على خلفية شبهات فساد، لا يزال الشلل مستمرّاً في دائرة جبل لبنان بسبب استمرار إقفال تلك الدوائر التي فوّتت على خزينة الدولة نحو 10 آلاف مليار ليرة (50 ألف معاملة متراكمة)، مقارنة مع عائدات العام 2022 التي سجّلت لغاية تشرين الأول 507 مليارات ليرة لبنانية وفق سعر صرف 1500 ليرة للدولار.
أما سائر الدوائر العقارية، فهي تعمل ولكن ببطء بسبب فتح أبوابها يومين في الأسبوع، مثل دائرة بيروت التي تفتح يومي الثلثاء والأربعاء من الساعة الثامنة لغاية الثانية عشرة. وبلغت قيمة الرسوم المستوفاة عن أمانات السجل العقاري والمحاكم العقارية لغاية تشرين الأول من العام الجاري 2408 مليارات ليرة مقارنة مع 1361 مليار ليرة في الفترة نفسها من العام 2022.
وهنا تجدر الإشارة وفق مصادر مطلعة الى أن كلّ العقود المقدّمة الى الدوائر العقارية قبل 15 تشرين الثاني 2022 (تاريخ صدور موازنة 2022) تُستوفى رسومها على أساس سعر صرف بقيمة 1500 ليرة للدولار الواحد، في حين أنها باتت تستوفى بعد هذا التاريخ على سعر صيرفة وهو 85500 ألف ليرة لبنانية. وبذلك إذا كانت عائدات أمانات السجل العقاري بقيمة 1,3 ألف مليار ليرة في 2022 فهي من المتوقّع في 2023 أن تُضرب بنحو 55 مرة لتصبح نحو 100 ألف مليار ليرة.
ولكن ما حصل وفق المصادر أن إضرابات موظفي الإدارات العامة التي كانت قائمة، وإقفال الدوائر العامة لفترة 6 أشهر أثرّت على عائدات أمانات السجل العقاري أيضاً إذ إنه من 17/1/2023 لغاية 1/6/2023 كانت الدوائر العقارية في بيروت تحصّل 400 مليار ليرة وصارت تحصّل بعدها 1100 مليار ليرة، فضربت بـ3 مرات ولم تضرب بـ55 مرة. علماً أنها جاءت تزامناً مع توقيفات كانت تحصل في الدوائر، ما فوّت على الخزينة مبلغاً يتراوح بين 2000 و2500 مليار ليرة رسوم تسجيل فقط من دون الخرائط والإفادات العقارية وبيانات مساحة وإظهارات حدود… التي لا يمكن إحصاؤها لأن الطوابع عليها تكون لصقاً، ما يعني أن آلاف المليارات ضاعت، وكان من الأجدى التعاطي مع الملفّ بحكمة أكثر.
وتسعى وزارة المالية جاهدة لإيجاد الحلول لتلك المعضلة وإعادة فتح الدوائر أبوابها مجدّداً، لكن المعضلة هي قانونية وقضائية بَحت كما أفادت «نداء الوطن» مصادر وزارة المالية، جازمة بأن الحلول باتت قريبة ويجب أن تنجز قبل الأعياد.
ويعمل في أمانات السجل العقاري الست في جبل لبنان 124 موظفاً أصيلاً ومقدّمو الخدمات الفنية. بالنسبة الى الموظفين الأصيلين، هؤلاء نجحوا في مجلس الخدمة المدنية وهم محرّرون ومدخّلو معلومات ورؤساء مكاتب ومعاونو أمناء سجل وأمناء سجل عقاري، وينطبق عليهم نظام الموظفين أي المرسوم الإشتراعي رقم 112/56، أما مقدّمو الخدمات الفنية، فيتقاضون الأجر على أساس الساعة وهؤلاء لا تنطبق عليهم صفة الموظفين.
وبذلك المحصّلة تكون كالتالي: نحو 56 موظفاً تمت ملاحقتهم وتوقيفهم، والمتبقون أي 68 متوارون عن الأنظار (أمينة السجل العقاري أحيلت على التقاعد). المتوارون لم يخضعوا للتحقيق في جبل لبنان، ونتيجة التواري صدرت بحق 14 منهم مذكّرات توقيف غيابية ولا يحضرون الى العمل. وبذلك يمارس نحو 54 موظفاً حقهم بالدفاع بالقضاء فيقدمون دفوعاً ويستأنفون الأحكام الصادرة. لاحقاً، نتيجة الملاحقات القضائية قد تصدر مذكرة توقيف بحقهم. وأثار واقع إقفال دوائر جبل لبنان العقارية ضجّة في الآونة الأخيرة نظراً الى تكدّس نحو 50 ألف معاملة تراكمت منذ نحو عام مع ما لذلك من تداعيات سلبية على القطاع العقاري خصوصاً.
واستناداً الى النائب شوقي الدكّاش الذي شارك في لقاء جمع نواب كسروان-الفتوح قبل أيام لدرس المواضيع التي تعنى بمسألة الدوائر العقارية المقفلة في جبل لبنان، وتداعيات هذا الأمر السلبية على الإقتصاد الوطني. قال الدكّاش لـ»نداء الوطن» لا يمكن كنوّاب إيجاد الحلول. هذا الأمر منوط بوزارة المال، ولكن قدّمنا بعض الحلول مثل الموظفين الذين تمّ توقيفهم وصدرت بحقّهم مذكّرات إخلاء سبيل، هؤلاء يمكنهم أن يمارسوا عملهم لحين صدور حكم من المحكمة أكان سلباً أم إيجاباً، ويمكن فصل موظفين من وزارة المال للعمل مع الموظفين الذين لم يثبت عليهم شيء وهم 32 موظفاً يمكن أن يباشروا العمل».
وأضاف: «يجب على الدولة إيجاد الحلول والتباحث مع التفتيش المركزي ومجلس الخدمة المدنية ووزارة المالية لإيجاد الحلول. نحن مع توقيف أوكار الفاسدين، ولكن كان يجدر وضع خطّة لمعرفة كيفية التعاطي مع ذلك الوضع وتأمين سير عمل تلك الدوائر وعدم إيقاف مصالح المواطنين».
ولفت الى أنه «تقدّم نائب دائرة كسروان-جبيل زياد حوّاط (تكتّل «الجمهورية القوية» ) والتيار الوطني الحرّ بإخبارات لملاحقة الفاسدين أيضاً في دوائر عقارية أخرى عدا جبل لبنان ورفع الغطاء عنها».
وطالب أيضاً كنوّاب كسروان الفتوح أن تحتسب المعاملات التي أنجزت عبر كتّاب العدل وفق سعر الصرف المعتمد في السابق منذ عام أي على سعر 1500 ليرة. ففي حال صدرت الموازنة ستتغيّر كل العمليات الحسابية. ففي سائر المناطق الأخرى من الشمال الى الجنوب فالبقاع يستفيد المتعاملون من سعر 1500 ليرة، وعند وصول الأمر الى معاملات جبل لبنان سيتم تقاضي الرسوم على أسعار صرف متفاوتة. وتلك النقطة يجب إيجاد حلٍّ لها لأن المواطنين غير مجبرين على تغطية أخطاء القضاء أو الخدمة المدنية أو وزارة المالية.
ويقول أحد معقّبي المعاملات لـ»نداء الوطن» إن تسجيل أرض أو شقة أو فكّ رهن أو تنفيذ عقد انتقال يجب أن تمرّ عبر 12 موظفاً أو 5 مكاتب، والعملية تستغرق نحو شهرين للحصول على السند، علماً أن عملية الحصول على قيم تأجيرية وبراءة ذمة قبل التوجه الى الدائرة العقارية تستغرق وحدها 3 أشهر.
المهام المنوطة بأمانات السجل العقاري
تؤدي أمانات السجل العقاري دوراً أساسياً في عائدات الخزينة، فهي تقوم بمهام عدة أبرزها:
– تُمسك أمانة السجل العقاري السجلات العقارية للمناطق الواقعة ضمن اختصاصها، والتي تتضمّن معلومات عن العقارات، مثل الاسم، والموقع، ومساحة العقار، والمالك الحالي، والحقوق العينية المترتبة على العقار.
– تُسجّل أمانة السجل العقاري معاملات القيود العقارية، مثل نقل الملكية، وقسمة العقارات، ورهن العقارات. وتعتبر هذه المعاملات من أهم الوثائق القانونية التي تثبت حقوق الملكية على العقارات.
– تُصدر أمانة السجل العقاري الإفادات العقارية، وهي وثائق تثبت ملكية العقارات للمواطنين. وتُستخدم الإفادات العقارية في العديد من المعاملات، مثل القروض العقارية، وبيع العقارات، وفتح حساب مصرفي.
– تُقدم أمانة السجل العقاري المعلومات العقارية للمواطنين والجهات الرسمية. وتُستخدم هذه المعلومات في العديد من الأغراض، مثل التخطيط العمراني، والضرائب العقارية، والتسجيل العقاري.