كتبت كارول سلوم في “اللواء”:
دفعت زيارة الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان إلى تحريك الملفات الداخلية وابرزها الملف الرئاسي، حتى وإن لم تتظهر النتائج بشكل فوري. لم يعط ِالمسؤول الفرنسي اي مؤشر بشأن امكانية الخروج بحل لأزمة الرئاسة، لكنه استكشف نجاح أو فشل أية محاولة جديدة لإعادة النقاش في هذا الاستحقاق وما إذا كان المجال متاحا لاعتماد أسس جديدة أو التباحث في مبادرات ما، على أن العنوان الأساسي يتركز على إنهاء الشغور اليوم قبل الغد.
وبدت مروحة لقاءات لودريان موسعة وشبيهة بلقاءاته في الزيارات السابقة، لكن الجديد فيها كلام فرنسي عن التزام لبنان بالقرارات الدولية، ومعلوم ان المسؤولين الفرنسيين كانوا قد جالوا مع بعض الأسماء المرشحة للرئاسة في موضوع التعاطي مع هذه القرارات، إنما قبل احداث الجنوب.
رافقت زيارة لودريان تحليلات كثيرة عن طروحاته وافكاره في حين المؤكد أن كل فريق لم يبدل مقاربته الرئاسية والانفتاح على الخيار الثالث لا بد من أن يقابله إجماع من القوى، فلا يتنازل فريق عن صفات مرشحه الأساسية ويستمر الفريق الآخر بدعم مرشحه الذي اختاره سابقا.
ووفق المعطيات المتوافرة فإن الموفد الفرنسي سأل واستفسر من بعض الأفرقاء عن خطواتهم المقبلة بعد فترة طويلة من المراوحة الرئاسية، وبدا صريحا في ضرورة معرفة وجهة نظر هؤلاء الأفرقاء حيال الانفتاح على مرشحين جدد، لكن الأجوبة لم تأتِ متكاملة في انتظار ختام اللقاءات، وما ذكرته قوى المعارضة دلل على عدم ممانعتها في أي خيار طالما انه يعكس توجهات محددة، وهنا فهم أن ما من شروط مسبقة لاسيما إذا كانت الشخصيات المرشحة قادرة على نقل لبنان إلى ضفة الخلاص.
والثابت أن زيارة لودريان لن تكون الأخيرة، ولكن أي زيارة أخرى ستكون مرتبطة بالتطورات الرئاسية وكذلك بالوضع الميداني في الجنوب.
وترى اوساط مراقبة عبر صحيفة «اللواء» أن الموفد الفرنسي لاحظ اشتباكا جديدا بين القوى السياسية يتصل بالتمديد لقائد الجيش العماد جوزاف عون، وقال رن هذا الملف داخلي بحت، لكن من شأنه أن ينعكس على الواقع الأمني، كما أن المؤسسة العسكرية اثبتت جدارتها ولا بد من اخذ اعتبارات معينة بعين النظر والتفتيش عما هو أفضل، وتقول أنه ذكر بأهمية المسار الدستوري للعملية الانتخابية أي جلسات الانتخاب المتتالية وتجنب التعطيل، وإن الاسراع في حسم الملف الرئاسي سيترك ارتياحا على جميع الأصعدة، وهذه الزيارة إما تمهد لترتيب اتفاف لإنهاء الشغور أو تفشل في تبديل الستاتيكو القائم، معلنة أن فرنسا عادت بعد انكفاء قسري إلى لعب دورها في لبنان،ولودريان يتحرك وفق توجهات اللجنة الخماسية ووفق معطى دولي وإقليمي ينطلق من الوضع في غزة والتسوية التي قد تحصل مستقبلا، ولبنان منخرط فيها أو مرشح جدي للإنخراط فيها، وهذا يتطلب وجود رئيس للبلاد.
وتفيد هذه الأوساط أن الدعوة إلى العجلة في إتمام الاستحقاق الرئاسي ترتكز على عدة أسباب، ففي الأصل تم تكليف لودريان لهذه الغاية ويتم التنسيق معه من قِبل الدول المعنية اي المملكة العربية السعودية وقطر والولايات المتحدة، دون أن يعمل على تسويق أسماء جديدة،ولو أن بلاده لم تمانع تأييد رئيس تيار المردة النائب السابق سليمان فرنجية في وقت سابق، وتسأل ما إذا كان المناخ أصبح جاهزا للدفع في اتجاه مرشح ثالث قد يطلق عليه اسم الرئيس الجامع، وتشدد على أن فحوى هذه اللقاءات ستحضر في بيان أو مؤتمر صحافي للموفد الفرنسي.
وما هو تأثير اللقاء السلبي بين رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل ولودريان؟ تجيب الأوساط بأن لودريان آتٍ بمهمة رئاسية واستطلاعية للأوضاع، وإن طرحه ملف التمديد وإن من باب الاستفسار كان من الطبيعي أن يستفز باسيل الذي اغلق النقاش الرئاسي قبل ان يبدأ، وبالتالي لم يتمكن لودريان من معرفة الموقف النهائي للتيار من مرشح ثالث على أنه بكل تأكيد ادرك «الفيتو البرتقالي» على قائد الجيش العماد جوزاف عون بكل الحالات، مشيرة إلى أن ما جرى في الاجتماع القصير ستكون له تداعياته، لكن لودريان يواصل اجتماعاته وحزب الله لن يخرج عن معادلة «رئيس لا يطعن في الظهر» في حين أن ميل كتلة الرئيس نبيه بري إلى فرنجية لم يتغير.
لن يتمكن الموفد الفرنسي من إحداث خرق فوري في الجدار الرئاسي إلا أنه «سجل ملاحظات عن بقاء التموضع السياسي نفسه والتباينات نفسها التي انتقلت الى استحقاق قيادة الجيش» كما بشأن المواقف من أحداث الجنوب وهذه الانطباعات ينقلها إلى الجهات المعنية لتحديد الخطوة التالية.