كتبت نجوى أبي حيدر في “المركزية”:
لم تنتهِ مهمة مدير المخابرات الفرنسية برنار ايمييه في بيروت مع مغادرتها منذ يومين، اثر لقاءات عقدها مع عدد من المسؤولين السياسيين والامنيين لا سيما حزب الله. ذلك ان الرجل أوكل استكمالها الى وفد حطّ في الساعات الاخيرة في لبنان، يضم المدير العام للشؤون السياسية والامنية في وزارة اوروبا والشؤون الخارجية فريديريك موندولوني والمديرة العامة للعلاقات الدولية والاستراتيجية في وزارة الجيوش الفرنسية أليس روفو، سيجتمع في الخامسة الا ربعا عصرا مع وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بو حبيب للتشاور في آخر ما توصلت اليه الاتصالات في شأن تطبيق القرار الدولي 1701،من دون اي تعديل، بين الجانبين المعنيين ، لبنان واسرائيل.
تقول اوساط تتابع الحركة الفرنسية على هذا الخط لـ”المركزية” ان البلدين يتبادلان المواقف ووجهات النظر عبر الجانب الفرنسي المُكلف من دول الخماسية والاتحاد الاوروبي والدول العربية تعبيد طريق تنفيذ القرار الدولي، والذي اكدت مصادره ان لبنان جاد في درس العرض الاسرائيلي بعدما ابلغ فرنسا ان الخرق الاسرائيلي للقرار موثق بكثافة في الامم المتحدة، ويتوجب على اسرائيل تاليا ان توقفه جوا وبحرا وبرا، وتلتزم بتنفيذ مضمون القرار. وتكشف ان برنار ايميه الذي زار تل ابيب ثم بيروت على رأس وفد امني، نقل رسالة للبنان تطالبه فيها اسرائيل بتطبيق القرار 1701 لجهة عدم وجود سلاح ومسلحين في المنطقة المشمولة بالقرار الدولي ،الا الجيش اللبناني والقوى الامنية وقوات الطوارئ الدولية. وتبعا لذلك، على حزب الله ولا سيما قوات الرضوان مغادرة المنطقة .
وفي وقت لم يتم الكشف عن الموقف اللبناني في شأن الرد على العرض الاسرائيلي والذي سيحمله الوفد الفرنسي الى تل ابيب قبل نهاية العام، توضح الاوساط ان لبنان يتريث في الرد، ويسعى لمعرفة موقف اسرائيل من الطرح اللبناني ومدى التزامها به ما دامت هي المبادرة دوما بالاعتداء والخرق، قبل حسم الموقف. وتشير الى ان حزب الله الذي اكد لمدير المخابرات الفرنسي ان تطبيق القرار الدولي هو مهمة الدولة اللبنانية وهو ليس مسؤولا عن تنفيذه، يبدو اقتنع ان استمرار الوضع على ما هو عليه جنوبا ، كونه بات ينعكس عليه سلبا، في ضوء التطورات التي استجدت بعد حرب غزة والاتصالات الجارية على اعلى المستويات الدولية لتسوية اقليمية كبرى، ويتوجب عليه الانتقال الى حقبة التراجع الى خارج منطقة عمليات القرار 1701، الا انه يطلب المزيد من الوقت علّه يتمكن من تحصيل مكاسب ما مقابل تراجعه هذا.
في هذا السياق، لا تستبعد الاوساط ان يكون اعلان حماس اطلاق “طلائع طوفان الاقصى” في هذا التوقيت بالذات من ضمن مخطط حزب الله لتحصيل المكاسب، اذ يبعث من خلاله رسالة للمطالبين الدوليين بتنفيذ الـ1701 مفادها اننا نشكل الضمانة لعدم وصول تنظيمات مماثلة الى الحدود مع اسرائيل حينما تصبح المنطقة منزوعة السلاح، فإن اردتم خروج الحزب وضمان امن جنوبي الليطاني يجب ان تسددوا ثمنا في المقابل، الى جانب الشروط التي تبلغتها فرنسا في شأن النقاط المتنازع عليها واقامة منطقة عازلة حدوديا بالمعايير نفسها ومطالب اخرى تعمل فرنسا على معالجتها.
في ضوء الرد الاسرائيلي والجواب الرسمي اللبناني على عرض تل ابيب، سيتحرك كبير مستشاري الرئيس الاميركي لشؤون الامن والطاقة اموس هوكشتاين مجددا نحو لبنان، لاستكمال مهمة الترسيم البري بين لبنان واسرائيل، كما وعد رئيس مجلس النواب نبيه بري في اجتماعه الاخير معه، وهي تقضي بتثبيت الحدود البرية وانهاء الصراع حول 13 نقطة متنازع عليها، وحسم الخلاف حول هوية مزارع شبعا والغجر(الماري الشمالية) لينتهي بذلك الخلاف الحدودي البري.
تبذل فرنسا جهودا جبّارة لتكليل مهمتها بالنجاح وفرض نفسها كلاعب اقليمي كبير وحاضر بقوة في التسوية الكبرى الجاري نسجها لأكبر ازمات المنطقة على الاطلاق، بيد ان السؤال الاهم يطرح نفسه حول مدى استعداد ايران لرمي اوراقها للفرنسي والأميركي وابداء ايجابية لدخول اللعبة الدولية بعدما وضعتها واشنطن خارجا وسحبت منها ورقة حماس ،وقد تسلمها العرب رافضين منح طهران ادوارا كبرى في منطقتهم.