أكد وزير الطاقة والمياه في حكومة تصريف الاعمال وليد فياض، في حلقة نقاش بعنوان “تقاسم المياه من أجل السلام والقدرة على الصمود” ضمن فعاليات كوب 28 في دبي، أن الماء هو مورد أساسي يتدفق في عروق كوكبنا ويحافظ على الحياة ويربط بيننا جميعاً والشعوب من خلال تقاسم الموارد المائية، تتجاوز الحدود وتبني جسور التعاون، وهذا المبدأ لا يسري على تأمين الاحتياجات الأساسية فحسب بل يرسي أيضا الأساس للتعايش السلمي بين الأمم.
واعتبر أن حماية هذا المورد الذي لا يقدر بثمن والحفاظ عليه وضمان توفره للأجيال القادمة مسؤولية مشتركة.
واشار فياض إلى أن لبنان يواجه ندرةً بالمياه تتفاقم بسبب العوامل السياسية والمناخية والبيئية، وأوضح :” لذلك نرى أن تقاسم المياه يتجاوز مجرد الضرورة؛ ليصبح رحلة مشتركة نحو الاستقرار والوئام، ويتحوّل التوزيع العادل للموارد المائية بين مختلف المناطق والمجتمعات حافزاً للتعايش السلمي. ومن خلال تجاوز الانقسامات السياسية وتعزيز التعاون، يستطيع لبنان تسخير قوة المياه المشتركة لبناء الجسور نحو مستقبل أكثر مرونة”.
كما أوضح وزير الطاقة أن الاستراتيجية الوطنية المحدّثة لقطاع المياه في لبنان ارتكزت على مبدأ الإدارة المستدامة للمياه، والتوزيع العادل والاستثمارات في مشاريع المياه الاستراتيجية والمركزية مثل السدود التي تعتمد عليها وتتقاسم منافعها العديد من المناطق.
وأكد أننا نعمل أيضًا بشكل مكثف لتثمين المياه كمورد حيوي من خلال تحديد تعرفة متوازنة وتشجيع الناس من جميع المجتمعات والطبقات والمناطق على دفع مستحقاتهم ومن خلال مكافحة التعدي على المياه أيضا.
ولفت فياض من جهةٍ أخرى إلى أن الشعب اللبناني يتقاسم هذا المورد مع جيرانه النازحين السوريين وجيرانه اللاجئين الفلسطينيين، مشيرا إلى أن ذلك أصبح عبئاً ثقيلاً على أكتافهم وأحياناً مصدراً لعدم الاستقرار الاجتماعي وإن إيجاد حل سريع لكلا الصراعين يجب أن يشمل العودة الآمنة لكل من النازحين واللاجئين إلى أوطانهم.
وتابع وزير الطاقة :” تشكّل العلاقة بين لبنان وسوريا مثالاً التأثير العميق الذي يمكن أن يحدثه تقاسم المياه على تعزيز السلام والقدرة على الصمود بين الدول المتجاورة. ويمثّل نهرا العاصي والكبير الجنوبي، وهما نهران مشتركان، رمزاً للمصير المترابط لهذين البلدين. وتخضع الإدارة المشتركة لمياه نهر العاصي للمعاهدة الموقعة عام 2002 بين البلدين، حيث شرع لبنان وسوريا في رحلة نحو التفاهم المتبادل والاستقرار والقدرة المشتركة على الصمود. وسمحت هذه المعاهدة للبنان بإطلاق مشروع بناء سدين على نهر العاصي، إلا أن أول سد للري قيد الإنشاء تعرض للقصف والتدمير من قبل إسرائيل أثناء حربها على لبنان عام 2006، على الرغم من أنه يبعد 200 كيلومتر عن الحدود الجنوبية ،كما تجري دراسات متبادلة لبناء سد مشترك على النهر الكبير الجنوبي الذي يمثل الحدود الشمالية بين لبنان وسوريا”.
وقال: ” التقاسم المسؤول للموارد المائية يمكن أن يرسي الأساس للتنمية المستدامة، مما يعود بالنفع على المجتمعات المحلية على جانبي الحدود. من خلال ممارسات مشتركة لإدارة المياه، تمكن لبنان وسوريا من معالجة التحديات المباشرة المتعلقة بالمياه وقاما أيضًا ببناء الثقة وتعزيز روح التعاون التي تمتد إلى ما هو أبعد من نطاق الموارد الطبيعية”.
واعتبر فياض أن المياه يمكن أن تصبح مصدراً للصراعات والحروب بدلاً من أن تكون مصدراً للتعاون والسلام بين الأمم، ونحن في الدول العربية المشرقية والأفريقية لدينا عدة نزاعات قائمة على أساس التقاسم غير العادل للمياه العابرة للحدود كالحالة في موضوع سدّ النهضة بين مصر والسودان من جهة وأثيوبيا من جهة أخرى والنزاع على مياه دجلة والفرات بين سوريا والعراق من جهة وتركيا من جهة أخرى ومشكلة الأطماع الاسرائيلية بمياه غور الأردن والمياه الجوفية مع فلسطين والأردن.
وأردف: “تظهر التجربة اللبنانية أن إسرائيل لم تخف في أي لحظة طموحها بتوسيع حدودها المزعومة حتى نهر الليطاني ومنعت بالقوة على مدى سنوات تنفيذ عدة مشاريع على حوض نهر الأردن، بما فيها المشاريع اللبنانية على نهري الوزاني والحاصباني، وكل المحاولات للبدء ببناء سد إبل السقي. كما تعرّض موقع العمل على نهر الحاصباني للقصف من قبل الجيش الإسرائيلي عامي 1965 و1966”.
إلى ذلك، شدد فياض على أنه يجب على الجيش الاسرائيلي أن يثبت للعالم أن الموارد المشتركة يمكن أن تكون حافزاً للسلام بدلاً من الصراع، وذلك من خلال احترامه للقوانين والاتفاقيات الدولية التي تحكم توزيع المياه عبر الحدود.
وختم فياض: “الرحلة نحو السلام والصمود في لبنان ترتبط بالتقاسم المسؤول للموارد المائية أولاً بين اللبنانيين أنفسهم ثم مع الآخرين. وفي حين نتصدى لهذه التحديات، دعونا لا ننسى أن المياه لديها القدرة على التوحيد والشفاء وتحقيق مستقبل أكثر إشراقا وانسجاماً للجميع”.