كتب زينب حمود في “الأخبار”:
توقّع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) أن يؤدي استمرار الحرب على الحدود الجنوبية أو توسّعها لتشمل مناطق أخرى إلى تعقيد إضافي في الأزمة الاقتصادية في لبنان، وتأخير التعافي. وبعدما «توقّع البنك الدولي، قبل اندلاع الحرب، نمواً اقتصادياً بنسبة 0.2% عام 2023 بعد أربعة أعوام من الانكماش، زاد بعد الحرب احتمال استئناف الانكماش»، وفق تقرير أصدره البرنامج أمس لتقييم الخسائر الأولية الفعلية والمحتملة الناجمة عن الحرب في لبنان، والمنطقة الحدودية خصوصاً.
وأوضح أن الحرب في لبنان تنعكس في ثلاثة مستويات أساسية:أولاً، في القطاع السياحي المساهم الرئيسيّ في الناتج المحلي وفي خلق فرص عمل، إذ «تراجع عدد الوافدين، غير اللبنانيين والسوريين والفلسطينيين، بنسبة 15%، في تشرين الأول الماضي، وزاد عدد المغادرين 15.5%، مقارنة مع الشهر نفسه من العام الماضي». كما تراجع معدل إشغال الفنادق إلى ما دون 10%، ونشاط المطاعم بين 70% و80%.
ثانياً، نال لبنان نصيبه من تأثّر التجارة الدولية بالحرب، و«شهد قطاع النقل البحري عبر مرفأ بيروت انخفاضاً في حجوزات السلع المستوردة غير النفطية، وتعليق بعض عقود التصدير بسبب مخاوف أمنية للمستوردين». وتوقّع التقرير زيادة العجز المحتمل في الميزان التجاري مع زيادة الواردات لتأمين مخزون احتياطي من السلع الأساسية مثل القمح وغيره من المواد الغذائية الأساسية وكذلك الدواء، مقابل انخفاض الصادرات ولا سيما من المنتجات الزراعية.
ثالثاً، تأثّر التدفقات المالية التي تُعدّ مصدر عيش شريحة كبيرة في ظل ترهّل القطاع المصرفي واعتماد عدد كبير من اللبنانيين على تحويلات المغتربين.
وفي ما يتعلق بالتداعيات المباشرة للحرب في المنطقة الحدودية، حتى 6 كانون الأول، «بلغ عدد النازحين 64,053، يشملون نحو 90% من سكان القرى الواقعة مباشرة على الخط الحدودي (على بعد كيلومتر واحد من الحدود) وبين 50% و60% من القرى الواقعة ضمن محيط 2 إلى 5 كيلومترات من «الخط الأزرق».
وأشار التقرير إلى تكبّد القرى الحدودية خسائر مادية كبيرة، في المباني والمنازل والمؤسسات التجارية والبنى التحتية والخدمات والمرافق، وإغلاق حوالي 52 مدرسة وترك أكثر من 6000 طفل من دون الوصول إلى التعليم، وإغلاق خمسة مراكز رعاية صحية أولية في بنت جبيل ومرجعيون بسبب التهديدات الأمنية.
ولفت إلى أن «أكبر الخسائر لحقت بالقطاع الزراعي الذي يشكل 80% من الناتج المحلي الإجمالي، وقد اكتسب أهمية كبرى في أعقاب الأزمة الاقتصادية، مع رفع مساهمته في الاقتصاد من 3% عام 2019 إلى 9% عام 2020». علماً أن جنوب لبنان «يساهم بنحو 21.5% من إجمالي المزروعات في لبنان، وتشكل الزراعة فيه مصدر دخل رئيسياً للعديد من الأسر»».
على الصعيد البيئي، «تؤثر حرائق الغابات بشكل كبير على النظم البيئية الطبيعية، ولا سيما جراء استخدام (العدو الإسرائيلي) قنابل الفوسفور الأبيض التي تسبب أضراراً غير مباشرة للإنسان والصحة والسلامة والبيئة، ولا يمكن التنبؤ بها بسبب احتراقها لفترات طويلة وصعوبة السيطرة عليها. ومع تضرر البنى التحتية للمياه، يزيد احتمال انتشار الأمراض التي تنقلها، إضافة إلى تدنّي جودة المياه وتراجع خصوبة التربة جراء انتشار المعادن الثقيلة والمركّبات السامة الناتجة عن الأسلحة المتفجّرة، وتعطيل إدارة النفايات في منطقة النزاع، ما يؤدي إلى دفنها وحرقها بشكل غير آمن».
وأوصى برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بإعادة برمجة الخطط لمعالجة آثار الأزمة في هذه المرحلة وتأمين سبل عيش النازحين، والتخطيط المدروس لمرحلة ما بعد الصراع، بما في ذلك خلق فرص عمل، ودعم المزارعين، والحصول على تمويل لإعادة تأهيل البنى التحتية، وإجراء تقييم بيئي معمّق، وإعطاء الأولوية لحماية الثروة الحيوانية.