كتب مايز عبيد في “نداء الوطن”:
«تضرب» الأمراض الالتهابية في عكار ومناطق شمالية أخرى بقوة وبشكل واسع هذه الأيام، ما جعل الأهالي يتخوّفون من احتمال أن يكون هناك وباء مستجدّ، كما حصل في زمني «كورونا» و»كوليرا»، من دون معرفة أسباب ما يحصل أو نوع هذا الوباء، وهل هو جديد أو قديم؟
لا بدّ من الإشارة إلى أنّ حالات كثيرة وبالعشرات تسجّل في القرى والبلدات العكارية، إلى المنية وطرابلس والضنية والكورة، وقد اشتدّت الأمور في الأسبوعين الأخيرين إذ يصاب كل أفراد العائلة دفعة واحدة كالحالة التي كانت تأتي قديماً، وكان أهالي القرى يسمّونها «أبو خبطة» بحسب كبار السنّ، الذي كان يرمي كل أفراد البيت بالفراش مصابين بنزلات البرد.
أما أهم الأعراض التي يشعر بها المصابون، فهي ضيق في التنفّس وارتفاع الحرارة والإسهال الحاد والسّعال. وتفيد معلومات «نداء الوطن» بأنّ حالات مرضية بالعشرات تكتظ بهم أروقة المستشفيات الحكومية في عكار والمنية وطرابلس، وكذلك أروقة عدد من المستشفيات الخاصة، إلى جانب الأعداد الكبيرة التي تدخل المراكز الصحية ومراكز الرعاية الأولية، وحالات أخرى أكبر وأكبر ممّن يعالجون أنفسهم في البيوت بالمسكّنات والأدوية ومضادات الرشح المعروفة، من دون دخول مستشفيات أو مراكز استشفائية لأسباب مادية بشكل أساسي.
المدير الطبّي في مركز الإيمان الصحي – ببنين الدكتور كفاح الكسار يتحدث عن الالتهاب التنفّسي الحاصل وما تشهده المنطقة من حالات مرضية في هذه الفترة، وقال لـ «نداء الوطن»: «كنا نخشى منذ مدة موجة جديدة من «كورونا» أو جيلاً جديداً للوباء ونهيّئ أنفسنا لهذا الأمر، إلّا أنه ولله الحمد، إصابات «كورونا» لا تزال ضمن معدّلاتها الطبيعية بعد الموجة الكبرى ولا تستدعي الخطر الداهم حتى هذه اللحظة».
وأضاف: «ما يحصل الآن من موجات مرضية تفسيره كالآتي: تقليدياً وبعد أول موجة صقيع تأتي في العام تظهر التهابات الجهاز التنفّسي وعلى رأسها «الإنفلونزا» بأنواعها A وB و»إنفلونزا» أخرى من نوع H1N1 وهذه الأخيرة هي التي تضرب هذه الأيام بقوة، ولكنني أؤكد أن ما يحصل لا يزال طبيعياً جداً، وتحت السيطرة ولا يستوجب الهلع، ولو تسبّب في التهاب رئة أو دخول مستشفى في بعض الحالات، إلا أنّ معدل الشفاء منها يكون من أسبوع إلى عشرة أيام كحدّ أقصى».
وشدّد الكسّار على «أنّ المرض يأتي هذه السنة أعلى من معدّلاته الموسمية، لأنّ موجة الصقيع بدأت بسرعة من دون تدريج، كما كان يحصل في المعتاد». ويؤكد «أنّ الجهات نفسها التي في الغالب تكون «كورونا» خطيرة وقاسية عليها هي نفسها سيكون الـH1N1 خطيراً عليها، كمرضى السكري والدم وكبار السن والأطفال، لأنّ مناعة هؤلاء غالباً ما تكون مضطربة. وبحسبه، فإنّ الإصابة بالـH1N1 وأعراضها تحتاج إلى أدويتها المعتادة، وما سوى ذلك يبقى رشحاً طبيعياً موسمياً يحتاج إلى علاجاته التقليدية».
في المقابل، فإنّ الأمر الصعب هو عندما يصيب المرض كل أفراد العائلة، وهذا ما يحصل في الأيام الأخيرة، حيث تنتقل العدوى من شخص إلى آخر في البيت الواحد، ولا سيما الأم والأب والأولاد، فلا يتمكّن أحد من رعاية الآخر، وهي موجة تأتي في ظروف معيشية صعبة تمرّ فيها العائلات في غياب المؤسسات الضامنة عن القيام بدورها ما يكبّد تكاليف باهظة لا سيّما من تضطرّهم حالاتهم إلى دخول المستشفيات.