كتب أكرم حمدان في “نداء الوطن”:
على عكس ما كان منتظراً ومتوقعاً من المجلس النيابي، فإنّ عام 2023 يُقفل ومعه، ربما شهادة لممثلي الأمة، بأنه قد يكون من أسوأ المجالس إنتاجية على مرّ الزمن، علماً أنّ هذا المجلس كان قد انتخب في أيار عام 2022، أي ما زال في بداية ولايته التي يُفترض أن تكون حافلة بالإنجازات.
فكما هو معلوم، جاء هذا المجلس بعد انتخابات شهدت صراعاً على الأحجام والتمثيل، خصوصاً داخل البيئة المسيحية، كما أتى للمرة الأولى بنواب جدد يدخلون الندوة البرلمانية تحت عنوان «التغيير»، مع الإشارة إلى خروج الرئيس سعد الحريري وتياره السياسي «المستقبل» من الحلبة السياسية تحت عنوان «التعليق».
قد يكون هذا التذكير، مفيداً في نهاية العام، مع محاولة تقديم جردة لما أنجز المجلس النيابي خلاله. فالمجلس أخفق حتى الآن في إنجاز المهمة الرئيسية الموكلة إليه وهي انتخاب رئيس الجمهورية، بعد مرور أكثر من سنة على انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال عون، وذلك بسبب النكد السياسي والخلافات بين القوى والأحزاب والتيارات الممثلة في البرلمان، وطبعاً من دون أن ننسى العوامل الخارجية التي تلعب دوراً مؤثراً وكبيراً في هذا الإستحقاق.
والمجلس اقتصر عمله خلال عام 2023 على عقد 6 جلسات نيابية فقط، منها ثلاث جلسات كانت مخصصة للتشريع أقرّ فيها المجلس 18 قانوناً.
كما عقد جلسة واحدة لإنتخاب اللجان النيابية، وهي التي تنعقد سنوياً يوم الثلاثاء الذي يلي الخامس عشر من تشرين الأول، أي مع بداية العقد الثاني لمجلس النواب الذي صادف هذه السنة يوم الثلاثاء في 17 تشرين الأول 2023.
كذلك عقد المجلس جلستين لإنتخاب رئيس الجمهورية إقتصرتا على الدورة الأولى، ثم رفعتا بسبب فقدان النصاب القانوني في الدورة الثانية، الجلسة الأولى كانت الخميس في 19 كانون الثاني 2023، أي في بداية السنة، والجلسة الثانية كانت الأربعاء في 14 حزيران 2023، أي منتصف السنة. هاتان الجلستان كانتا إستكمالًا لـ11 جلسة عقدت عام 2022، وكانت مخصّصة لإنتخاب رئيس الجمهورية ولم تصل إلى نتيجة بسبب عدم توافرالنصاب القانوني للدورة الثانية من تلك الجلسات.
وبمعزل عن الفتاوى والآراء والإجتهادات القانونية والدستورية، بسبب الشغور في منصب رئاسة الجمهورية وتحول الحكومة إلى حكومة تصريف أعمال، وتمترس كل طرف وفريق وراء مواقفه، فإنّ المجلس تمكّن من أن يودّع عام 2023 بجلسة إنعقدت في 14 و15 كانون الأول الحالي، وصدّقت 14 قانوناً كان من بينها نظام التقاعد والحماية الإجتماعية والصندوق السيادي والطاقة المتجددة، وربما الأهم أنها عالجت تفادي إمكانية الفراغ في قيادة الجيش والمؤسسات الأمنية الأخرى، حيث تمّ تأجيل تسريح العماد جوزاف عون لمدة سنة، وكذلك كل من المديرالعام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان والمديرالعام للأمن العام بالإنابة اللواء إلياس البيسري.
كما أقرّ المجلس النيابي في هذه الجلسة مجموعة من القوانين، وهي: إبرام إتفاقية قرض مع الصندوق الكويتي للتنمية الإقتصادية العربية لتمويل مشروع إنشاء منظومات للصرف الصحي في قضاء البترون، وإتفاقية قرض مع البنك الأوروبي للتثمير للمساهمة في تمويل مشروع الطرقات والعمالة في لبنان، وإتفاق بين لبنان والإتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر في شأن الوضع القانوني للإتحاد الدولي في لبنان.
كذلك، أقرّ المجلس إتفاقية قرض مع البنك الدولي للإنشاء والتعمير لتنفيذ مشروع التمويل الإضافي الثاني لشبكة الأمان الإجتماعي والبالغ 300 مليون دولار أميركي، وقانون الإيجارات للأماكن غيرالسكنية، وتعديل أحكام المادة 73 (الدفوع الشكلية) من قانون أصول المحاكمات الجزائية، والقانون المتعلق بالصيدلة السريرية، وتعديل بعض مواد قانون الضمان الإجتماعي اللبناني، وتعديلاته المتعلقة بالمرأة وأولادها، وإعطاء مساعدة مالية بقيمة (650) مليار ليرة لبنانية ترصد في موازنة وزارة التربية والتعليم العالي لسنة 2023 لحساب صندوق التعويضات لأفراد الهيئة التعليمية في المدارس الخاصة، وتعديل بعض أحكام قوانين تتعلق بالهيئة التعليمية في المدارس الخاصة وتنظيم الموازنة المدرسية.
قد تكون هذه الجلسة شبه الوحيدة التي أنتجت قوانين خلال هذا العام، بعدما تم التفاهم الضمني بين بعض القوى والأطراف في المجلس على انعقادها، خارج منطق «النكايات»، علماً أنّ هناك من قاطع هذه الجلسة كـ «التيار الوطني الحر» وبعض النواب المستقلين، ولو أنّ كل طرف كانت له إعتباراته الخاصة.
أما الجلستان اللتان سبقتا هذه الجلسة، فكانت الأولى في 18 نيسان 2023 وأقرّت قانون التمديد للمجالس البلدية والإختيارية لمدة سنة تنتهي في 31 أيار عام 2024، كما أقرّت قانون تعديل بعض مواد قانون الشراء العام، حيث تبيّن وجود عقبات في تنفيذه على صعيد البلديات والمؤسسات الأمنية والجيش، وعلى عكس الجلسة الأخيرة، فإنّ من أمّن نصاب وميثاقية هذه الجلسة كان «التيارالوطني الحر» في ظل مقاطعة نواب «القوات اللبنانية» و»الكتائب» وبعض نواب «التغيير» و»المستقلين».
كذلك، عُقدت جلسة في 19 حزيران 2023 وأقرّت قانونين قضيا بفتح إعتمادات في موازنة عام 2023 قبل تصديقها، وذلك بهدف تسيير شؤون الدولة ومؤسساتها مالياً.