كتبت كارولين عاكوم في “الشرق الأوسط”:
تعود عمليات اغتيال إسرائيل للقيادات الفلسطينية في بيروت إلى سبعينات القرن الماضي مع لجوء عدد منهم إلى بيروت، لكن الاختلاف بمرور هذه السنوات بدأ يظهر مع التقنيات المستخدمة في هذه العمليات التي انتقلت من إطلاق الرصاص والتفجيرات وصولا إلى الطائرة التي تم استخدامها، وفق الترجيحات، لاغتيال نائب رئيس حركة «حماس» صالح العاروري مساء الثلاثاء.
وأولى عمليات الاغتيال التي نفذتها إسرائيل في لبنان كانت تلك التي استهدفت الروائي والسياسي الفلسطيني غسان كنفاني، الذي كان عضوا في المكتب السياسي والناطق الرسمي باسم «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين». وقد نفذت العملية في 8 تموز 1972 في بيروت عبر وضع عبوة ناسفة في سيارته ما أدى إلى مقتله.
وبعد كنفاني بنحو عام تقريبا نفذت ما تعرف بـ«عملية فردان» عام 1973 والتي كانت ردا على العمليات التي نفذتها التنظيمات الفلسطينية المسلحة منها خطف طائرات للمطالبة بالإفراج عن معتقلين في السجون الإسرائيلية، إضافة إلى خطف مجموعة عرفت آنذاك باسم «أيلول الأسود» 11 رياضيا إسرائيليا في عام 1972 في ميونيخ وانتهت بمقتل الخاطفين والرهائن.
وردا على هذه العمليات قررت إسرائيل تصعيد مستوى عمليات الاغتيال عبر استهداف قادة فلسطينيين وتحديدا قيادات «مجموعة الأسود» التي كانت تتولى مهمة خطف الإسرائيليين. ونفذت في العاشر من نيسان عام 1973 عملية اغتيال ثلاثة قادة فلسطينيين في بيروت هم كمال ناصر وكمال عدوان ومحمد يوسف النجّار، بقيادة رئيس الوزراء السابق إيهود باراك. وقامت حينها وحدة كوماندوز عسكرية إسرائيلية بالتسلل عبر البحر إلى بيروت حيث تمكنت من تفجير مبنى تابع للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين.
وتركت هذه العملية حينها تداعياتها السياسية في لبنان حيث عمد رئيس الحكومة آنذاك صائب سلام إلى تقديم استقالته واتهم بعدم حماية الفلسطينيين.
وضمن سلسلة عمليات الاغتيال هذه نفذت إسرائيل في شهر كانون الثاني عام 1979 عملية اغتيال في بيروت طالت القيادي في «منظمة التحرير الفلسطينية» و«أيلول الأسود» علي حسن سلامة الذي كان يعرف بـ«الأمير الأحمر» بعد نحو خمس سنوات من ملاحقته في عدد من الدول. وقد أدى التفجير إلى مقتل سلامة إضافة إلى أربعة من مرافقيه وأربعة مدنيين آخرين.
ومع تسجيل عدد من عمليات ومحاولات الاغتيال التي طالت مسؤولين في «حزب الله»، في السنوات الأخيرة، استهدفت عمليات اغتيال شخصيات لبنانية يتولون مناصب قيادية في تنظيمات فلسطينية، منها القياديان في حركة الجهاد الإسلامي الأخوان محمود ونضال المجذوب في 26 أيار عام 2005، في جنوب لبنان عبر تفجير سيارة أمام منزلهما.
ويتحدث رئيس مركز «الشرق الأوسط والخليج للتحليل العسكري – أنيجما» رياض قهوجي عن عمليات الاغتيال الإسرائيلية خلال هذه السنوات قائلا لـ«الشرق الأوسط» إن عمليات الاغتيال هي عمليات استخباراتية بالدرجة الأولى بحيث يعرف الطرف المعتدي تحركات الشخص المستهدف ومكان تواجده ويحدد آليات التنفيذ بشكل دقيق. ويضيف: «العمليات السابقة جرت في زمن لم تكن فيه الطائرات المسيرة ولا الأسلحة الذكية كما هو الحال اليوم… نفذت بالرصاص عبر قوات خاصة تقوم بتصفية الشخص أو تفجير سيارة، لكن اليوم في عملية اغتيال العاروري شهدنا استخدام التكنولوجيا عبر طائرة مسيرة من دون طيار من علو مرتفع حيث أطلقت صواريخ فائقة الدقة ذكية واستهدفت مكتبا محددا بـ(ضربة جراحية دقيقية) من دون أن تؤدي إلى أضرار في المباني المحيطة أو تؤدي إلى مقتل مدنيين، وبالتالي حققت الأهداف المطلوبة منها».
من هنا يلفت إلى أن التكنولوجيا أعطت قدرة إضافية للاستهداف الدقيق من دون الحاجة إلى نشر قوات خاصة للاختراق والاشتباك بشكل مباشر. وعن تواجد الطائرة المسيرة في أجواء الضاحية الجنوبية من دون أن يستهدفها «حزب الله» يقول قهوجي «الحزب لا يستطيع أن يفعل شيئا في هذه الحالة ضد طائرة تحلّق على ارتفاع يصل إلى 20 ألف قدم وتطلق صواريخ من مسافة 10 كيلومترات بفارق ثوان قليلة… كانت غارة سريعة ودقيقة».