لا يمنع انشغال العالم بمسلسل الحروب المتنقلة من اوكرانيا الى غزة دول القرار ، لا سيما المهتمة منها ببقاء لبنان على الخريطة الدولية، من فرز حيز من اهتماماتها للواقع اللبناني الذي وإن لم يكن حاضرا في رأس قائمة أولوياتها ، لكنه موضع متابعة وعناية. هو يتقدم ويتراجع بحسب منسوب الخطر المحدق بدول المنطقة الملتهبة ، كما بجنوبه المترنح على حافة الانفجار الشامل، وسط حركة موفدين دوليين غير مسبوقة في اتجاهه، ستتكثف في بحر الاسبوع الجاري وما يليه بهدف فرملة اي اندفاعة غير محسوبة النتائج او خطأ ما في الحسابات الميدانية تصبح معه العودة الى مرحلة ما قبل غير ممكنة.
وفيما انهى وزير خارجية الاتحاد الاوروبي باتريك بوريل زيارة لبيروت شملت مختلف المسؤولين السياسيين بمن فيهم حزب الله، تركزت على ضرورة لجم التصعيد جنوبا وعودة الاستقرار تمهيدا لتطبيق القرار 1701 ثم البدء بالتسوية السياسية المفترض ان تنتج انتخاب رئيس جمهورية، تصل الى لبنان وزيرة خارجية ألمانيا انالينا بيربوك يوم الثلثاء المقبل، ويليها عدد من وزراء خارجية دول اخرى اضافة الى وكيل الامين العام للأمم المتحدة لعمليات السلام جان بيار لاكروا الذي يبدأ لقاءاته في بيروت غدا، ومستشار الرئيس الاميركي لشؤون الامن والطاقة آموس هوكستين الذي يجول في حركة مكوكية في المنطقة ويحط في لبنان هذا الاسبوع، تجنبا لاتساع رقعة الصراع على جبهة اسرائيل الشمالية وخطوطه مفتوحة في شكل مستمر مع المسؤولين اللبنانيين، وقد نجح حتى الساعة في مهمته، وبقي الميدان على حاله من الاخذ والرد والمناوشات ولو ان الاغتيالات الاسرائيلية المتكررة لا تتوقف وآخرها استهدف اليوم المسؤول الميداني في حزب الله وسام الطويل الملقب بـ”جواد”، في غارة على سيارة رباعية الدفع في خربة سلم”.
وأشارت وسائل اعلام إسرائيلية الى ان الطويل هو المسؤول عن إطلاق الصواريخ على القاعدة الجوية ميرون يوم السبت.ويأتي اغتيال الطويل بعد اسبوع على اغتيال القيادي في حركة حماس صالح العاروري في الضاحية الجنوبية لبيروت .
تكشف اوساط دبلوماسية لـ”المركزية” ان الحركة الدولية المكثفة في اتجاه لبنان ستشهد زخماً ملحوظا خلال الشهر الجاري، اذ تكشف عن اجتماع مهم يفترض ان تعقده خماسية باريس نهاية الاسبوع المقبل على الارجح، يشارك فيه المستشار في الديوان الملكي السعودي نزار العلولا، يبحث تطور الوضع في لبنان وصيغ الحل القابلة للتنفيذ، موضحة ان بيانا مهما سيصدر عنه وقد يكون مفصليا، على ان يتوجه على الاثر العلولا الى بيروت لوضع المسؤولين في اجوائه واطلاعهم على المداولات الخماسية.
ولن تكون الزيارة السعودية يتيمة اذ بات معلوما ان وزير خارجية فرنسا السابق جان ايف لودريان سيزور بيروت ايضا كما الموفد القطري جاسم بن فهد آل ثاني الناشط على الخط اللبناني.
وتوضح الأوساط ان بين اجتماعات الخماسية وبيانها وزيارة العلولا وسائر الموفدين، وبين محطة هوكستين المتوقع ان تضع اللبنة الاولى للتسوية السياسية انطلاقا من مشروعه لترسيم الحدود البرية بين لبنان واسرائيل، خصوصا اذا ما صدقت المعلومات عن تنازل اسرائبل عن نقطة “ب. وان” في رأس الناقورة وانسحاب اسرائيل من الغجر ووضع مزارع شبعا تحت العناية الاممية من خلال نشر قوات دولية فيها الى حين بت النزاع حول هويتها بين لبنان وسوريا، بين مجمل هذه التطورات لا بد من بلوغ نقطة تقاطع بين القوى السياسية اللبنانية تؤدي الى تسوية رئاسية ، بعد انتهاء حرب غزة ورسم سيناريو لمرحلة ما بعد وقف اطلاق النار، تبحث عمليا عناوينه العريضة في قطر توازيا مع جولة وزير الخارجية الاميركي انتوني بلينكن للمنطقة لتعبيد درب التسوية الكبرى، وقد مهد لها امين عام حزب الله السيد حسن نصرالله في حديثه عن الفرصة التاريخية للتحرير الثاني في اطلالته يوم الجمعة الماضي.