كتبت يولا هاشم في “المركزية”:
بعد أن كان من المفترض إجراء الإنتخابات البلدية والاختيارية في أيار من العام الماضي، مدد مجلس النواب للمجالس البلدية والاختيارية حتى 31 أيار 2024، وذلك على أثر اعتراضات من قبل القوى السياسية وأبرزها التيار الوطني الحر الذي كان رأس الحربة في التأجيل. ويشير الباحث في “الدولية للمعلومات” محمد شمس الدين لـ”المركزية” إلى ان عدد البلديات يبلغ 1062 منها 34 مستحدثة اي انشئت بعد ٢٠١٦وهي اخر انتخابات بلدية ومن بينها ١٢٦منحلة حتى الآن.وتشير المعلومات الى ان ماكينات انتخابية تابعة لمرشحين الى البلدية في العام 2024 والى النيابة في العام 2026 بدأت بالعمل بشكل جدي تمهيداً لخوض الاستحقاقات.
خمسة أشهر تفصل عن موعد الانتخابات البلدية والاختيارية، فهل الظروف موأتية لإجرائها أم سيتم تأجيلها مجدداً؟
وزير الداخلية والبلديات السابق زياد بارود يؤكد لـ”المركزية” أن “أي تأجيل في غير محله الدستوري والقانوني مهما كانت الاسباب. يقال ان الظروف لا تسمح، لكن كل شيء أصبح فراغا وبالوكالة من رئاسة الجمهورية الى البلديات والمخاتير وهذا غير صحي. نسأل رؤساء البلديات فيعرب الكثيرون منهم عن عدم رغبتهم بالترشح ثانية. الى هذه الدرجة الوضع صعب. في المقابل، اي تمديد او تأجيل للانتخابات البلدية للمرة الثالثة يحتاج الى قانون من مجلس النواب، وفي حال صدوره، فالأرجح ان يتم ربطه بغياب رئيس الجمهورية كما في السابق، وان لا أموال لأنهم ركزوا اكثر على التمويل في المرة السابقة. الخلفية الحقيقية للتأجيل هي غياب رئيس للجمهورية وعدم انتظام الحياة السياسية لكن التبرير كان عدم توفر الأموال، ومن المؤسف قول ذلك، لأن الديمقراطية لا تقاس بحجم الأموال المرصودة لتأمينها. حتى هذه الأموال ليست بمبالغ تفوق قدرة الدولة التي من واجبها تحملها وتأمين المسار الديمقراطي بشكل صحيح. برأيي كل تبرير ليس بمحله”.
ويشير بارود إلى “ان جزءا من التبريرات غير التمويل وغياب الرئيس، ان الحكومة في حالة تصريف أعمال، لكن بحسب اجتهاد مجلس شورى الدولة، لهذه الحكومة صلاحيات تتيح لها القيام بكل ما هو طارئ وملحّ ويرتبط بمهل، والانتخابات البلدية طارئة وملحة وترتبط بمهل، فأي تأجيل لها حتى تبرير أنها حكومة تصريف أعمال غير مبرر ولا يستقيم، لذلك في المنطق والقانون يجب ألا تؤجل، لكن في الواقع أغلب الظن أنه سيتم تأجيلها للمرة الثالثة”.
ويعرب بارود عن تخوفه من ان يشبه هذا التمديد ما حصل في عام 1967 عندما تم تأجيل الانتخابات لأول مرة لمدة سنتين واستمرّ التمديد حتى العام 1998، ولو لم يحصل طعن في المجلس الدستوري لما حصلت انتخابات بلدية، ولذلك فإن هذه التبريرات المستمرة لا تُطمئِن.
الأسباب سياسية اذاً؟ طبعا، يجيب بارود، لأن القوى السياسية التي ستخوض هذه المعركة، سيكون لهذه الانتخابات تأثيرها على تمثيلها ولذلك تعتقد ان الوقت غير مناسب لإجرائها وتفضل تأجيلها وستخلق مبررات جديدة. واليوم سيقولون بأن الانتخابات لا يمكننا إجراؤها في الجنوب بسبب الاعتداءات الاسرائيلية.
هل تشكل الاعتداءات عائقا؟ يجيب بارود: “في السابق كانت عائقا وتم تأجيلها في بعض القرى والبلدات في انتخابات الـ1998، لكن المبررات ليست كافية. ليس هناك من مبرر لكنني في المقابل أقول بأنها ستؤجل للأسف.
شربل: من جهته، يؤكد الوزير السابق مروان شربل لـ”المركزية” ان الظروف غير موأتية لأي شيء، لكن ليس هذا ما يمنع إجراء الانتخابات البلدية بل عدم وجود إرادة لذلك. لا يعتقدن أحد ان الانتخابات البلدية والاختيارية ليست أهم بكثير من الانتخابات النيابية، لأن السياسيين يبنون شعبيتهم على أساسها ويتقاتلون لإيصال المختار والبلدية التي يريدونها”.
ويشير شربل إلى ان “من المفترض عدم تأجيل الانتخابات البلدية، لكن الأحداث التي تشهدها الجبهة الجنوبية قد تؤدي الى تأجيلها. إذ من الصعب إجراؤها قبل ان تنتهي المشاكل الأمنية في الجنوب، اذ لا يمكن إجراؤها في محافظة وترك أخرى. وبالتالي سيجتمع مجلس النواب ويمدد من جديد للبلديات. لكن يمكن لوزير الداخلية إجراء انتخابات فرعية للبلديات المنحلة. القانون ينص على وجوب إجرائها خلال مهلة شهرين من استقالة البلدية. عندما كنت وزيرا للداخلية أجريت 13 مرة انتخابات بلدية فرعية وفي ظروف أصعب أمنياً من اليوم وكانت هناك حرب في صيدا وأخرى في طرابلس وحرب في سوريا وسيارات مفخخة كل يوم”.
ويضيف شربل: نتمنى، عندما تصبح هناك دولة ان يتم تعديل قانون الانتخاب في البلديات وايجاد طريقة لمنع الاستقالة فيها. وكيف؟ عندما يستقيل العضو يحل محله العضو الراسب في اللائحة الثانية”.
ويؤكد شربل ان التمويل لا يمكن ان يكون عائقاً أمام الانتخابات، لأن “الكلفة ليست ضخمة. يكفي أن يقوم المعنيون بفتح الدوائر العقارية في بعبدا وان يضبطوا السرقات في المرفأ والمطار والجمارك، لمدة يومين فقط لتأمين التمويل”.