كتبت كارولين عاكوم في “الشرق الاوسط”:
تنشط الحركة الدبلوماسية والسياسية في لبنان على خط إنهاء التصعيد العسكري بين إسرائيل و«حزب الله» بحيث ترتكز كل المحادثات على عدم توسيع الحرب من جهة، والتوصل إلى اتفاق شامل مع إسرائيل عند الحدود الجنوبية، وهو ما يعوّل عليه المسؤولون اللبنانيون.
وفي حين تتجه الأنظار إلى ما سيحمله في هذا الإطار، الوسيط الأميركي آموس هوكستين الذي يفترض أن يصل إلى بيروت الخميس، كانت جولة الثلاثاء لوكيل الأمين العام للأمم المتحدة لإدارة عمليات حفظ السلام جان بيار لاكروا، على المسؤولين حيث عبّر عن تخوفه من «استمرار التصعيد القائم في المنطقة وفي لبنان»، مؤكداً على «التزام الأمين العام والأمم المتحدة تجاه لبنان واستمرارهما ببذل الجهود مع المجتمع الدولي لخفض التصعيد وصولاً إلى وقف دائم لإطلاق النار».
والتقى لاكروا كلاً من رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، ورئيس البرلمان نبيه بري، ووزير الخارجية عبد الله بوحبيب، وقائد الجيش العماد جوزف عون، في حضور المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان يوانا فرونتسكا، وقائد القوات الدولية العاملة في الجنوب (يونيفيل) الجنرال أرولدو لازارو.
وفي هذا الإطار، تتحدث مصادر نيابية متابعة للقاءات الموفدين إلى بيروت عن «اهتمام دولي واضح وكبير للحؤول دون انزلاق الوضع في لبنان والذهاب نحو تصعيد أكبر». وفي حين تدعو إلى انتظار ما سيحمله الموفد الأميركي هوكستين، تلفت إلى أن الجهود التي تبذل تتركز على خطين هما: العمل أولاً على وقف إطلاق النار في غزة وفي جنوب لبنان، ما من شأنه أن يؤسس تالياً إلى البحث بتسوية شاملة للوضع بين لبنان وإسرائيل. وهنا ترمي المصادر مجدداً الكرة في ملعب إسرائيل، معبرة عن خشيتها من نية التصعيد لديها.
وتحدث بوحبيب عن «فرصة للتوصل إلى اتفاق نهائي بين لبنان وإسرائيل». وأكد بعد لقائه لاكروا أن «مزارع شبعا ركن أساسي في الحل الشامل ووقف التوتر في الجنوب ولا يمكن القفز فوقها، والجيش اللبناني شريك أساسي لضمان الأمن والاستقرار في الجنوب، واستهدافه من إسرائيل بـ34 اعتداء منذ بدء الحرب في غزة يقوض جهود حفظ السلم والأمن».
وقال في دردشة مع الصحافيين: «ما يهمنا هو أن يكون الاتفاق كاملاً على الحدود ووقف التوتر في الجنوب. ويبدو لي أن هناك مبادرة أميركية، ما يعني لنا أن ننهي إظهار الحدود بيننا وبين إسرائيل، وتنسحب من كل الأراضي المحتلة، من ضمنها مزارع شبعا وتلال كفرشوبا. وإذا تم هذا نكون قد حولنا مناسبة مُرة؛ أي الحرب الموجودة الآن، إلى حل شبه نهائي».
وعن وصول الوسيط الأميركي آموس هوكستين إلى لبنان هذا الأسبوع والرسائل التي يحملها، لا سيما لجهة تطبيق القرار «1701»، قال بوحبيب: «سنرى. نحن نريد السلام ويجب على إسرائيل أن تتوقف عن خروقها وتعدياتها علينا، وأن تنسحب من كل أراضينا المحتلة».
وعن موقف «حزب الله» أن «لا كلام بوقف أي شيء قبل وقف العمليات العسكرية في قطاع غزة»، قال بوحبيب: «هذا موقف (حزب الله)، له الحق فيه. نحن كدولة لبنانية بدأنا المفاوضات التي تواجه مشكلتين: أولاهما الحرب في غزة وإنهاؤها، وثانيتهما أن لا رئيس جمهورية لدينا، لا يمكننا ترسيم كامل وشامل للحدود إذا لم يكن لدينا رئيس للجمهورية، إلا أن هذا لا يعني أنه لا يمكننا التفاوض؛ لأنه يخفف من التوتر الموجود في الجنوب».
وقال رداً على سؤال عن الخشية من اندلاع حرب شاملة من جنوب لبنان: «طبعاً بالتهديدات الإسرائيلية اليومية. وقد أبلغنا المسؤولين الدوليين الذين نلتقيهم بالطلب من الإسرائيليين تخفيف تصريحاتهم التي تخلق التوتر في لبنان».
أما عن أجواء اللقاء مع لاكروا، فقال بوحبيب: «بحثنا معه في كل هذه الأجواء التي ذكرتها إلى جانب الدور المهم لقوات الطوارئ الدولية العاملة في جنوب لبنان ونود مواصلته. كذلك بحثنا في دور الجيش اللبناني، وهم مرتاحون له، وسنرى الطريقة التي نزيد بها عديد الجيش اللبناني في الجنوب».
ونفى في المقابل أن يكون قد بحث خلال جولته في دول الخارج في موضوع رئاسة الجمهورية، مؤكداً أن «جميع الدول تُشدد على أهمية انتخاب رئيس ليكون العمل متكاملاً».
وخلال اجتماع لاكروا مع ميقاتي جدد الأخير «مطالبة المجتمع الدولي بوقف العدوان الإسرائيلي»، بحسب بيان صادر عن مكتبه، وقال: «نحن طلاب استقرار دائم، وندعو إلى حل سلمي دائم، لكن في المقابل تصل إلينا تحذيرات عبر موفدين دوليين من حرب على لبنان. الموقف الذي أكرره لهؤلاء الموفدين هو: هل أنتم تدعمون فكرة التدمير؟ وهل ما يحصل في غزة أمر مقبول؟»، وكرر «استعداد لبنان الدخول في مفاوضات لتحقيق عملية استقرار طويلة الأمد في جنوب لبنان وعند الحدود الشمالية لفلسطين المحتلة، والالتزام بالقرارات الدولية وباتفاق الهدنة والقرار (1701)».
من جهته، دعا لاكروا خلال الاجتماع، كل الأطراف إلى «التهدئة، ودعم الجيش في الجنوب واستمرار التعاون بينه وبين الـ(يونيفيل) بشكل وثيق».
وفي لقائه مع رئيس البرلمان نبيه بري، أثنى الأخير على «الجهود التي تبذلها قوات الطوارئ الدولية في هذه المرحلة وشهادتها على التصعيد الإسرائيلي اليومي الذي يطال عمق المناطق السكنية والمدنيين وحتى سيارات الإسعاف والإعلاميين، منتهكة ليس فقط القرار الأممي (1701)، إنما كل قواعد الاشتباك»، بحسب بيان لمكتبه.
وقدم بري للموفد الأممي دراسة أعدها المجلس الوطني للبحوث العلمية، «تتضمن مسحاً شاملاً للاعتداءات الإسرائيلية وأمكنتها، والأضرار الناجمة عنها، وعدد الشهداء في صفوف المدنيين، والمساحات الزراعية والحرجية التي طالتها الحرائق جراء استهدافها بالقنابل الفوسفورية المحرمة دولياً».
في المقابل، كان تأكيد من لاكروا على «التزام الأمين العام والأمم المتحدة تجاه لبنان واستمرارهما ببذل الجهود مع المجتمع الدولي لخفض التصعيد وصولاً إلى وقف دائم لإطلاق النار»، وأثار تخوفه من «استمرار التصعيد القائم في المنطقة وفي لبنان».