كتب عيسى يحيى في “نداء الوطن”:
أثارت التعرفة الجديدة للكهرباء جدلاً واسعاً ولا تزال، ووضعت اللبنانيين في مهبّ البحث عن بدائل من الكهرباء الأمّ، سواء لجهة توقيف عدّاداتهم والإبقاء على كهرباء المولدات، أو تركيب منظومات طاقة شمسية، فما تبحث عنه الدولة في تغذية خزينتها لا قدرة لهم على سداده.
يبقى ملف النزوح والنازحين عنواناً أساسياً يلقي بثقله على الداخل اللبناني، ويزيد أحمال وأثقال ومعاناة اللبنانيين، ويعزّز الشرخ بين النازح والمقيم لجهة التقديمات التي يحصل عليها الأول، والمستحقات التي يدفعها الأخير مقابل حصول النازح عليها بالمجّان. ومن القضايا الشائكة التي ظهرت أخيراً، وتزيد النقمة على النازحين ومخيماتهم، تعرفة الكهرباء المرتفعة للعدّادات التي قامت شركة الكهرباء بتركيبها على امتداد الأراضي اللبنانية لمخيمات النازحين، والبالغ عددها 900 عدّاد الكتروني. وبدأت أواخر تشرين الثاني الماضي بتحصيل المتوجبات على العدّادات من تلك الخيم، حيث اصطدمت بتمنّع بعض أصحاب العقارات المقامة عليها الخيم عن الدفع، فيما تمنّع نازحون عن الدفع أيضاً، فبدأت بتسطير محاضر ضبط في حقّ المتمنّعين عن الدفع، سواء من اللبنانيين أو السوريين.
يرفض المزارعون في القاع ما يحصل معهم لجهة محاضر الضبط التي حرّرتها بحقّهم مؤسسة كهرباء لبنان، وهم يرفعون الصوت للمطالبة بتسوية الأمر، قبل أن يلجأوا الى التصعيد الذي قد ينعكس على عمل الجمعيات والمنظمات التي تعنى بشؤون النازحين، ومنعهم من الدخول الى الخيم والأراضي وسهل القاع، وصولاً الى منع النازحين من التوجه لقبض ما تقدّمه لهم المفوضية وتلك المنظمات. وذكر عدد من أصحاب الأراضي لـ»نداء الوطن» أن تواصلاً حصل مع مفوضية اللاجئين نفت فيه أن تكون قد وعدت بسداد ما يتوجّب على النازحين من مصروف كهرباء.
وفي حديث لـ»نداء الوطن» يقول رئيس بلدية القاع بشير مطر «إن القضية تتعلق بشركة الكهرباء، فبعدما توقفت الكهرباء لفترة طويلة، عمل خلالها الناس على تركيب منظومات طاقة شمسية، عادت لتستقر التغذية على معدل يتراوح بين أربع وخمس ساعات يومياً، وكانت معظم مخيمات النازحين السوريين تسرق الكهرباء من الشبكة الأساسية، حيث تعمد البلدية الى مكافحة السرقة وتسطير محاضر ضبط في حق أصحاب الأراضي المقامة عليها المخيمات، ناهيك عن سرقة المحولات الكهربائية أكثر من مرة، لتقوم بعدها الشركة بتركيب محولات جديدة وبسرعة عالية، ما أثار دهشتنا في ظل الإفلاس. وبعدها، عقدنا اجتماعاً لأصحاب الأراضي لتركيب عدّادات للخيم الأمر الذي لقي ترحيباً شرط عدم تكفّلهم بالمبالغ المستحقة، الأمر الذي دفع بالنازحين الى زيادة المصروف خلال فترة التغذية وبطريقة كبيرة، أدت الى ارتفاع فاتورة العدّادات، حيث وجهت الشركة انذارات الى أصحاب الأراضي بدفع المستحقات وتتراوح بين 30 مليوناً و 400 مليون ليرة لبنانية بحسب عدد الخيم».
وأضاف: «بعض النازحين دفعوا والبعض الآخر تمنّعوا، كذلك تمنّع أصحاب الأراضي والمزارعون كونهم تلقوا وعوداً من الجمعيات بالدفع، وهناك أكثر من 900 عدّاد تم تركيبها للنازحين السوريين على صعيد لبنان، وكانت شركة الكهرباء تعد نفسها بقبض مبالغ طائلة، والمطلوب اليوم حل الملف بشكل نهائي، سواء بإجبار النازحين على الدفع ممّا يتقاضونه، أو تكفل أصحاب الاراضي بالدفع بعد الاتفاق بينهم وبين أصحاب المخيمات والنازحين».
رزق الله مطر، وهو صاحب عقار شُيّدت عليه خيم للنازحين في بلدة القاع يقول بدوره لـ»نداء الوطن» إنّ اجتماعاً عقد منذ سنة في بلدية القاع، في حضور أصحاب الأراضي والبلدية ومندوبين عن شركة الكهرباء للتباحث في موضوع تركيب ساعات كهرباء لخيم النازحين على حساب مفوضية اللاجئين، «وأكدوا لأصحاب الاراضي أنهم لن يتكبدوا تكاليف المصروف للخيم، وستتكفل الجمعيات المعنية بالملف، والاجتماع كان فقط لطلب الإذن بوضع العدّادات في أراضيهم، وبعد تركيب العدّادات وتنصّل المفوضية من دفع المتوجبات المترتّبة على الخيم، تلاحق شركة الكهرباء والجباة أصحاب الأراضي وتوجّه لهم الإنذارات بضرورة الدفع، والأهم أن من كان يشغل الأرض البعض منهم غادر، ونحن لا نستطيع تحمّل هذه الأعباء وتفوق قيمتها عشرات الملايين، لا نستطيع دفع المتوجبات على عدادات الكهرباء في منازلنا فكيف الحال بأكثر من عدّاد؟».
وكانت مؤسسة كهرباء لبنان أعلنت في بيان سابق أنها حرّرت محاضر لتحصيل قيم استهلاك الكهرباء من مخيمات النازحين السوريين، وهي كالمحاضر التي تحرّر نظامياً على مستهلكي الكهرباء من غير المشتركين العاديين، في اطار تنفيذ خطة الطوارئ الوطنية لقطاع الكهرباء، كذلك أكد البيان أنه «وبعد التواصل مع مفوضية اللاجئين في لبنان والتي تعنى بالنازحين، أكدت الأخيرة أنّ جزءاً من المبالغ والمساعدات المالية التي تقدمها للنازحين، تخصص منها نسبةً للزوم استهلاك الكهرباء».