IMLebanon

بلديات على خطّ المواجهة “متروكة لقدرها”

كتب رمال جوني في “نداء الوطن”:

حين قرعت الحرب طبولها قبل 94 يوماً، كانت بلديات الشريط الحدودي في حال يرثى لها، تواجه واقعاً ماليّاً صعباً، مثلها مثل كل بلديات الجنوب، صناديقها فارغة بالكاد توفّر رواتب عمالها وموظفيها. ومع اشتداد الحرب، توقفت كل الأعمال الإدارية في تلك البلديات التي يناهز عددها الـ58 بلدية، وإيراداتها المالية، إذ يقول رئيس بلدية ياطر خليل كوراني إنّ «الحكومة لم تحوّل لهم عائدات أموال الصندوق البلدي المستقل وأموال الاتصالات، وتركتهم يواجهون الأزمة بصناديق فارغة». ويضيف «مش قادرين نعمل شي. حتى النفايات لم يعد في استطاعتنا رفعها، فكلفتها الشهرية تتجاوز الـ 1750 دولاراً، ناهيك عن عجزنا عن دفع رواتب الموظفين والعمال». ويرى كوراني أنّ «أزمة تكدّس النفايات وما يتبعها من أمراض، لا تقلّ خطورة عن الحرب»، مستغرباً كيف أغفلت الدولة اللبنانية واقع البلديات في زمن الحرب، وبدل أن تصرف المستحقات البلدية من الصندوق البلدي عن الأعوام الثلاثة 2021 – 2022 – 2023 وعائدات الخليوي من الـ 2019 حتى 2023، «حبستها» وحرمت المواطنين منها».

وشكّل عجز البلدية عن إدارة أزمة النزوح والصمود معاً معضلة لرؤساء البلديات، فيقول كوراني: «نُحاول قدر المستطاع، ولكن كيف نتحرك من دون أموال. لم تسأل أيّ من الوزارات عن واقعنا، ولم تعمل على توفير أي دعم يذكر، فحجز أموال البلديات منذ 4 سنوات يُشكّل قضاء على السلطة المحلية، التي يفترض بها إدارة الأزمات عند الحروب».

تعرّضت ياطر لاستهدافات مباشرة ودمّرت 12 منزلاً وأصيبت 16 وحدة سكنية بدمار جزئي، إضافة إلى تضرر 20 سيّارة، وخسرت عدداً من أبنائها، ونزح بعضهم، فيما قرّر آخرون الصمود. واعتبر كوراني أنّ «توقف المعاملات الإداراية شكّل الضربة القاضية لنا، ولا نعرف كيف نواجه المشكلات والأعطال في التيار الكهربائي وشبكة المياه جرّاء القصف.

هذا الواقع المرير، تعيشه أيضاً بلديات قرى قضاء صور الحدودية، التي تتعرض للقصف المباشر اليومي، ويصعب على سكّانها التحرّك نحو مدينة صور لتأمين متطلبات الحياة من خبز وخضار بعد إقفال متاجرها. ولا يتوانى رئيس بلدية الجبّين رياض عقيل عن الإشارة إلى أنّ «البلدية تقف عاجزة عن دعم أهلها في الحرب، فهي بدل أن تكون في خطوط المواجهة في توفير متطلبات الصمود، لم تتمكّن من دفع رواتب موظفيها منذ شهرين. نقف مكتوفين عاجزين عن تقديم أي دعم أو مساعدة». ويضيف عقيل: «اضطرت بلدية الجبّين لإقفال أبوابها مع اشتداد وتيرة الحرب. لكننا نتحرّك تجاه أهلنا النازحين، نسعى مع بعض المؤسسات غير المحلية لتوفير الدعم».

يصعب على سكان البلدة التحرك بسبب المسيّرات الحربية التي لا تفارق الأجواء، ومع ذلك يضطر بعض الأهالي للتوجه نحو صور التي تبعد 25 كلم لتأمين الخبز وحاجيات الصامدين.

تعتبر الجبّين ضمن نطاق عمل قوات الطوارئ الدولية التي كانت تسيّر دوريات يومية قبل الحرب، «حالياً لا تتحرّك إلا قليلاً»، كما يقول عقيل. ويتابع: «كان يفترض أن تكون أماكن عملها آمنة، ولكن ما نلاحظه عكس ذلك، فهي لا تقوم حتى بواجبها تجاه سكان الجبّين، ولا تؤمن أي دعم لهم». ويلفت إلى أنه «حتى رفع تقارير عن الانتهاكات الإسرائيلية على مناطقنا لا ترفعها ما يعني أنها تتجاهل أبسط واجباتها». أكثر من مرّة طلب رئيس البلدية دعم «اليونيفيل» التي تربطه بها علاقة جيدة، لكن الجواب: «لا مساعدات متوافرة».

ومن جملة ما طلبه عقيل «بيوت جاهزة لمن دُمّر منزله. ومواد غذائية وتموينية وغيرها، ولكنها تتقاعس عن القيام بدورها، بل يظنّه عقيل «رضوخاً للإملاءات الخارجية».