جاء في “المركزية”:
اكتمل عقد التحاق الديبلوماسيين اللبنانيين بمراكز عملهم في الخارج، وهم بالعشرات من الفئة الثالثة مع مغادرة آخر ديبلوماسي أمس للالتحاق بمركز عمله في فرنسا وهو واحد من الذين نقلوا اخيرا، إما من الادارة المركزية أو من احدى بعثات لبنان الى أخرى في الخارج بموجب قرار صادر عن وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بو حبيب. هذا ويتم تكليف آخرين من الفئتين الثانية والاولى للقيام بمهام في بعثات لبنان الشاغرة لمن هم في الفئة الثانية، مقابل إبقاء ديبلوماسيين مستحقين في الادارة المركزية لسنوات كانوا استبشروا خيرا بحركة المناقلات لكنها لم تشملهم لأسباب وتبريرات أعطيت لكنها لا تتوافق ونظام وزارة الخارجية الداخلي.
ففي ظل غياب رئيس الجمهورية وتمنع بو حبيب عن حضور جلسات مجلس الوزراء، أصبح أمر إصدار تشكيلات الفئتين الاعلى في السلك الدبلوماسي مستحيلا، علماً أن محاولة إصدار مشروع التشكيلات المعد في الخارجية عام ٢٠٢٢ لهؤلاء بُعَيد إنجاز استحقاق انتخاب المغتربين في اطار الانتخابات النيابية وقبل انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون لم يكتب لها النجاح في حينه لاعتراضات بشأن ما “شابها من محاصصة وتغليب المنفعة الحزبية”، بحسب المعترضين.
ومذاك، ينتظر ديبلوماسيون كثر نقلهم الى الخارج وهم قابعون منذ ٥ سنوات في بيروت (بينما الفترة التي يقضونها يجب الا تتجاوز السنتين) في حين تجاوزت مدة بقاء آخرين في الخارج العشر سنوات المسموح بها، علما ان ديبلوماسيي الفئة الثانية يسمح لهم فقط بقضاء سبع سنوات في الخارج. ومن هؤلاء من كان يستحق رتبة سفير بحسب الاقدمية وما زال مستشارا ديبلوماسيا بانتظار الفرج.
ومن لم يسعفه حظه، وما زال في بيروت، يتقاضى ما لا يتجاوز ٢٥٠ دولارا كراتب مقابل رواتب تتعدى في الخارج عشرين ضعفا” مقارنة براتب الديبلوماسي في الادارة المركزية، حتى بعد إجراءات ترشيد الإنفاق التي اتخذها بو حبيب في العام الماضي، سيما وأن هؤلاء وبفعل تدهور قيمة العملة الوطنية وفي ظل تدني رواتبهم في الأصل اضطروا في بداية الأزمة، الى تأمين تكاليف تنقلهم من منازلهم الى مقر عملهم في الوزارة في بيروت من جيبهم الخاص،او من مدخرات عائلاتهم لأن الراتب لم يكفهم لسد كلفة النقل.
اذن، وبحسب ما تقول مصادر معنية بالملف لـ”المركزية” ما يزال هناك من يقبع في بيروت ويتحمل ظلم الاجحاف المالي برغم الكفاءة العالية التي يتمتع بها، فيما آخرون نقلوا لسد الشواغر على رأس البعثات حتى ولو بلقب قائم بالأعمال لتسيير الأعمال بعد تكليفهم بمهمة في ظل شغور المراكز الحساسة كما في سفارة لبنان في فرنسا مع استدعاء السفير رامي عدوان الى بيروت وفي واشنطن مع احالة السفير من خارج الملاك غبريال عيسى الى التقاعد وفي اليونيسكو في جنيف و في الامم المتحدة في نيويورك حيث تسلم المستشار الديبلوماسي هادي الهاشم مهامه كقائم بالأعمال بعد استدعاء القائمة بالأعمال جان مراد الى بيروت، واللافت في هذا الاستدعاء ان مراد لا تمارس اي مهام منذ ذلك الحين، وهي المعروفة بكفاءتها وخبرتها المثقلة بتجربة العمل الديبلوماسي في نيويورك وقبلها في فيينا. والطريقة التي تم فيها استدعاؤها بصورة اعتباطية اجمع العديد على أنها “تعسفية” وكأنها رسالة في إطار تقزيم العمل الديبلوماسي وتدجين السلك وتحويل الديبلوماسي الكفوء الى معقب معاملات لا حافز له لاستثمار طاقاته وخبرته خوفا من الاستدعاء. وفي هذا الاطار، يتم التذرع بالمادة ٢٦ من النظام الداخلي لاستدعاء الديبلوماسيين وهي لا تندرج تحت فصل العقوبات بل تحت فصل التعويضات. فطالما أبقيت مراد في بيروت لسبب ما وجيها كان أم لا، لم لا يتم الاستفادة من خبرتها الطويلة، فلا تبق قيمة مهدورة ولم لا يتم تسليمها مهام في الخارج، اما بإعادتها الى مركز عملها على غرار السفير نضال يحيا في اليابان او نقلها الى مركز آخر وفق المادة ٢٦، حيث انها كديبلوماسية متمكنة كان لممارستها الأثر الايجابي في اروقة مجلس الامن الدولي وتستطيع بالتالي استقطاب الدعم والمساعدات للبنان اينما حلت في العواصم المؤثرة او في المحافل الدولية، لا سيّما في الظرف الذي تمرّ به البلاد والمنطقة حيث أن لبنان بأمسّ الحاجة اليوم لحضور بارز في المحافل الدولية وصوت هادف يتقن لغة الاروقة الاممية وأصول العمل فيها.