كتبت راجانا حمية في “الأخبار”:
موسم الشتاء، هذا العام، سيكون حافلاً مع «خلطة» الفيروسات التي «تنغل» في لبنان، كالـH1N1 وH3N2 والالتهاب الرئوي المخلوي «RSV»، مع ارتفاع طفيف في إصابات «كورونا». وهي «تشكيلة»، وفقاً لاختصاصي الأمراض الجرثومية الدكتور عبد الرحمن البزري، أدّت إلى ارتفاع أعداد الإصابات بالإنفلونزا أخيراً، وترافقت – بسبب اشتداد العوارض وطول مدة الإصابة – مع موجة ذعر من استرجاع النسخ السابقة من هذين الفيروسين، بعدما «فوّلت» أسرّة المستشفيات بالمصابين بالإنفلونزا، ووصل الأمر في بعضها إلى عدم توافر أسرّة للمصابين بأمراض أخرى.لكن، لا يشي ارتفاع نسبة الإصابات بأن «ثمة شيئاً استثنائياً يستدعي إثارة الذعر»، وفقاً لاختصاصي الأمراض المعدية الدكتور عيد عازار، وذلك لسببين أساسيين، أولهما أن الإنفلونزا بكل أنواعه هو «فيروس موسمي يرافق فصل الشتاء ومن الطبيعي أن نرى هذه الأرقام»، وثانيهما «أننا لم نتخط الخطوط الحمراء، ولا زلنا ضمن ما هو متعارف عليه، وخصوصاً أن عدّاد المصابين بالإنفلونزا ليس ثابتاً بين المواسم». وعليه، فإن ما يحدث ليس مرتبطاً بجائحة جديدة.
الحالة الوحيدة التي يربط فيها عازار الزيادة بالهلع تكون عندما تتوافر الإجابة عن سؤالين أساسيين: كم مصاباً يحتاج إلى الاستشفاء في العناية المركزة؟ وكم مصاباً توفي بسبب مضاعفات الإنفلونزا؟ وهذان السؤالان، وفقاً لعازار، «ليسا حاضرين اليوم»، لافتاً إلى أن ارتفاع إشغال أسرّة المستشفيات، مردّه «إجراءات عادية يقوم بها أهالي المرضى لمزيد من الاطمئنان».
مع ذلك، لا ينفي عازار أو غيره أن هذا الموسم مغاير للمواسم السابقة، لناحية اجتماع الفيروسات والتغيّرات الطفيفة التي لحقت بها وأدت إلى «زيادة عددية فقط». وفي هذا السياق، يشير الاختصاصي في الأمراض الجرثومية والمعدية الدكتور جاك مخباط إلى أن هناك ثلاثة أنواع من الفيروسات تسير مع بعضها هذا العام وهي «H1N1 الذي لا يزال هو الغالب وH3N2 الذي لحقه تغيّر طفيف وRSV، وهي فيروسات النمط A وقليل منها من النمط B». ويعود هذا إلى سبب أساسي يتعلّق بانحسار الإجراءات الوقائية إلى الحدود الدنيا مع تخلّي معظم الدول عن التدابير التي وضعت أثناء جائحة كورونا، ما أدى إلى استعادة الفيروسات الموسمية نشاطها. أضف إلى ذلك أن الإجراءات على مدى ثلاث سنوات للحماية من جائحة «كورونا» أدت إلى ضعف المناعة المجتمعية تجاه الفيروسات الموسمية، ما أدّى إلى سرعة التأثر بالفيروسات التي «لم تعد تتعرّف إليها الأجسام المناعية بسهولة كما في السابق». وفي ثالث الأسباب، العزوف عن أخذ اللقاحات، سواء بسبب الخوف منها أو بسبب اليقين لدى البعض بأن اللقاح لن يمنع الإصابة بالإنفلونزا. وفي هذا السياق، يشدّد مخباط على ضرورة أخذ اللقاحات «لأنها تحمي من اشتداد العوارض»، وهو ما يدعو إليه عازار أيضاً، مشيراً إلى أن الوقت الأفضل لأخذ اللقاح هو في «الشهر العاشر لنحمي أنفسنا في الأشهر 1 و2 و3 من كل عام».
لم نتخطّ الخطوط الحمراء ولا زلنا ضمن ما هو متعارف عليه
مع ذلك، لا تلغي هذه الأسباب أن الفيروسات الحالية، ولا سيما الـH1N1 المسيطر حالياً، «لا تملك خصوصية، وإنما هي أحد أنواع الإنفلونزا الموسمية وعوارضها متشابهة ومعروفة»، وفقاً للبزري، مضيفاً أن «الأطباء اليوم لديهم الإدراك الكافي للتفتيش مباشرة عن هذه الفيروسات ومعالجة المصابين بسرعة قبل أن يتعقّد الوضع». ولكن، يبقى جانب أساسي يتعلّق بـ«من لا يتحمّلون الإصابة»، وخصوصاً «المصابين بالأمراض المزمنة والمستعصية وكبار السن والأطفال، وتحديداً الرضع». وهؤلاء، «عليهم أن يتخذوا تدابير وقائية أكثر منها علاجية، كغسل اليدين بالماء والصابون وارتداء الكمامة والتخفيف من الاختلاط والعطس والسعال في كمّ الثوب، وإجراء فحوص الكشف عن الإنفلونزا وفحص الأوكسيجين».