IMLebanon

الحرب تُرخي بظلالها نفسيّاً على النازحين

كتب رمال جوني في “نداء الوطن”:

ترك الإعلان عن اتّصالات مشبوهة ترد النازحين اللبنانيين تحت أسماء «هيئات إغاثة»، أثره عليهم. استغرب فراس فارس «كيف حصل هؤلاء على أرقام الهواتف؟ هل هناك من سرّبها للعدو الإسرائيلي الذي يتصل عبر أرقام محلّية ويتحدّث باللهجة اللبنانية؟»، وأشار إلى أننا نشهد «خرقاً أمنيّاً فاضحاً، دفعنا إلى عدم الردّ على أي رقم غير معروف منا».

يعمل فراس مع مجموعة من الشبان على توعية النازحين من أخطار تلك الاختراقات، واضعاً بين أيديهم ولا سيّما في قرى تبنين وصفد وشقرا أرقام اتّحاد بلديات تبنين – القلعة، وبعض الجهات التي تعمل في ملف النازحين، لئلا يقع أي نازح في فخّ الإتصالات المشبوهة.

ولفت فراس ابن بلدة حولا الذي نزح، كما العشرات نحو قرى تبنين، إلى أنّه تلقّى اتصالاً من رقم مشبوه، حاول سؤاله عن منزله ومكان وجوده، وغير ذلك من التفاصيل»، ما اضطرّه لإقفال الخط وعدم الإجابة مجدّداً عن أي رقم غير معروف.

وأضاف ترك هذا الأمر انعكاسات سلبية على النازحين إلى جانب الأثر النفسي الذي تركته الحرب التي عكّرت صفو العائلات الجنوبية الحدودية، التي كانت تعيش قبل ثلاثة أشهر استقراراً نسبياً، تمارس أعمالها الزراعية والتجارية وغيرها. فجأة وجد هؤلاء أنفسهم بلا عمل، وبلا مأوى، وبلا دعم وبلا تدفئة. وفي هذا السياق، يقول مدير اتحاد بلديات تبنين – القلعة علي فوّاز إنّ ملفّ التدفئة يجري العمل عليه في قرى تبنين التي تضمّ 4000 نازح حصلوا على مساعدات غذائية ومواد أولية من مجلس الجنوب، فيما غابت المساعدات للتدفئة».

وأشار الى أنّ رؤساء بلديات الاتحاد، ومن بينهم تبنين، عملوا على دعم النازحين بإعفائهم من رسوم الاشتراك، مؤكّداً أنّ حالة النازحين النفسية صعبة، لأنهم تركوا منازلهم مجبرين، وهذا انعكس عليهم، لذلك يحتاجون الى الدعم». وحول الأرقام المشبوهة، أشار إلى أنه جرى تعميم أرقام الجمعيات التي تعمل معنا لنبثّ الأمان بينهم، خاصة أننا نعيش ظرفاً استثنائياً صعباً يتطلب الدقة والحذر».

يشعر النازحون أنه ألقي بهم في المجهول، لا بوادر حلحلة قريبة، ولا يملكون غير الدعاء لتخفيف وطأة ظروفهم، فيما الهاجس الأكبر لديهم هو تكرار سيناريو غزة في جنوب لبنان. يواجه قاسم وهو «مسّاح» يعمل في حولا وقراها واقعاً نفسياً صعباً، فجأة وجد نفسه من دون عمل «أجلس في المنزل منتظراً الفرج»، قال «الوضع المعيشي مزرٍ. لا أعرف ماذا أفعل؟ كيف أعيش؟».

يُقرّ معظم العاملين في ملف النازحين اللبنانيين بالأثر النفسي السلبي عليهم. ثمة جمعيات بدأت عقد جلسات دعم نفسية – اجتماعية، أو كما يقال «تفريغ نفسي لتقبّل الواقع». من بين هؤلاء فاتن التي لم تستوعب بعد أنها تركت منزلها في حولا، وتخلّت عن حديقتها وأزهارها. تعيش في منزل خالٍ من كل شيء «أشعر بالإحباط، بضيق نفس، بأن الحياة توقفت فجأة، بيتي كان مملكتي، الحرب أجبرتني على النزوح. هذا أمر مخيف ومرعب».

في حرب تموز 2006 ساهمت فاتن في دعم النازحين. حينها كانت الظروف الاقتصادية أفضل، أما اليوم «فالحرب مختلفة لا أفق لها. صعبة ومعقدة ما أجّج حالتنا النفسية، لا نعرف إن كنّا سنعود، ومتى؟ هل تبقى منازلنا أو تُدمّر؟ أسئلة كثيرة وكبيرة تتعبني وتحبطني».