جاء في “نداء الوطن”:
بعد يومَين على شنّ الجمهورية الإسلامية ضربات على أهداف في باكستان، ردّت الأخيرة بالأمس الصاع صاعين لإيران على قاعدة «العين بالعين والسنّ وبالسنّ والبادي أظلم»، موجّهةً ضربات استهدفت «ملاذات إرهابيّة» في محافظة سيستان وبلوشستان الإيرانيّة، وفق إسلام آباد، فيما أفاد مصدر أمني باكستاني كبير بأنّ جيش بلاده في «حال تأهب قصوى للغاية»، محذّراً من أن أي «مغامرة غير محسوبة» من جانب طهران سنتصدّى لها بقوّة، ما رفع من مستوى التوتر الإقليمي وسارعت دول عدّة، بينها الصين وروسيا وتركيا، إلى توجيه مناشدات إلى البلدَين للالتزام بأقصى درجات ضبط النفس.
وقُتل 9 أشخاص في الضربات الباكستانية على محافظة سيستان وبلوشستان المضطربة، غالبيّتهم من النساء والأطفال، بحسب وكالة «إرنا» الإيرانية التي نقلت عن نائب حاكم المحافظة علي رضا مرهماتي أن 3 طائرات مسيّرة دمّرت 4 منازل في قرية قريبة من مدينة سارافان، موضحاً أن جميع القتلى باكستانيون والتحقيقات جارية لتحديد سبب وجودهم في القرية الإيرانية، بينما تحدّثت وزارة الخارجيّة الباكستانيّة في بيان عن أنّ بلادها نفّذت «سلسلة ضربات عسكريّة منسّقة جدّاً ودقيقة ضدّ ملاذات إرهابيّة».
وبحسب الجيش الباكستاني، استهدفت الغارات انفصاليين من البلوش. وأكدت باكستان أنها شنّت الضربات «في ضوء معلومات استخباراتية موثوقة عن أنشطة إرهابية وشيكة واسعة النطاق»، مشيرةً إلى مقتل «عدد من الإرهابيّين»، فيما اختصر رئيس الحكومة الباكستانية الموَقتة أنور الحق كاكار زيارته إلى دافوس للمشاركة في المنتدى الاقتصادي العالمي «نظراً إلى التطوّرات المستمرّة»، بحسب وزارة الخارجية.
وسارعت طهران إلى إدانة الضربات واستدعت القائم بالأعمال الباكستاني «لتقديم احتجاج وطلب تفسير من الحكومة الباكستانية»، وفق وزارة الخارجية التي شدّدت على أن طهران تُدرك أن «الحكومة الباكستانية الصديقة والشقيقة منفصلة عن الإرهابيين المسلّحين»، مؤكدةً أن «إيران تلتزم دائماً بسياسة حسن الجوار ولا تسمح لأعدائها بقطع هذه العلاقات».
وكان لافتاً جواب الرئيس الأميركي جو بايدن ردّاً على سؤال لصحافيين في البيت الأبيض عن الضربات المتبادلة بين البلدَين في الأيام الأخيرة، إذ قال إنّ «إيران ليست محلّ تقدير في المنطقة»، مضيفاً: «لا أعلم إلى أين سيؤدّي هذا الأمر». وأكد المتحدّث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض جون كيربي أن بلاده «لا تُريد تصعيداً في جنوب آسيا وآسيا الوسطى»، في حين أعربت بكين عن استعدادها للتوسّط بين باكستان وإيران. كما أبدى الاتحاد الأوروبي قلقه العميق إزاء «دوامة العنف في الشرق الأوسط وخارجه».
وبالإنتقال إلى تطوّرات خليج عدن والبحر الأحمر، شدّد بايدن على أن الضربات الأميركية – البريطانية التي تستهدف الحوثيين في اليمن ستستمرّ ما داموا يواصلون هجماتهم على السفن في البحر الأحمر، فيما أعلن البيت الأبيض شنّ ضربات جديدة على صواريخ للمتمرّدين المدعومين من طهران. وردّاً على أسئلة الصحافيين عن هذه الضربات، أجاب بايدن: «هل أنها توقف الحوثيين؟ كلا. هل ستستمرّ؟ نعم».
ويُمعن الجيش الأميركي في ضرب مواقع للحوثيّين، إذ شنّ بالأمس جولة جديدة من الضربات استهدفت عدداً صغيراً من الصواريخ المضادة للسفن التي كانت معدّة لشنّ المزيد من الهجمات على حركة الشحن الدولية في البحر الأحمر وخليج عدن. وهذه المرّة الخامسة التي تقصف فيها القوات الأميركية أهدافاً لجماعة «أنصار الله» في اليمن. وفجر الخميس، شنّت أميركا ضربات على 14 موقعاً لصواريخ كانت تُشكّل «خطراً وشيكاً»، على السفن التجارية وسفن البحرية الأميركية، بينما أبدت الدنمارك رغبتها في الانضمام إلى التحالف الأميركي – البريطاني ضدّ الحوثيين.
عراقيّاً، جدّد رئيس الوزراء محمد شياع السوداني دعوته إلى «البدء فوراً في حوار للخروج بتفاهم حول ترتيب جدول زمني لإنهاء مهمّة المستشارين الدوليين» في التحالف ضدّ تنظيم «الدولة الاسلامية» في العراق، معتبراً أن انتهاء مهمّة هذه القوات الأجنبية ضرورة لأمن البلاد واستقرارها، وللحفاظ أيضاً على «العلاقات الثنائية البنّاءة بين العراق ودول التحالف».
نوويّاً، كشف المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافايل غروسي لوكالة «فرانس برس» أن إيران تحدّ «بصورة غير مسبوقة» من تعاونها مع الوكالة التي باتت كأنها «رهينة» لدى الجمهورية الإسلامية، معتبراً أنه «وضع محبط للغاية».