كتبت رمال جوني في “نداء الوطن”:
لا تُحسد بلدة عيتا الشعب الحدودية على ما أصابها من نكسات بيئية وزراعية وتجارية واقتصادية، جرّاء العدوان الإسرائيلي المباشر واليومي عليها. لم تقتصر الأضرار على البنى التحتية، بل طالت الأحراج التي تغطّي مساحة 7 كلم مربعة من مساحاتها الإجمالية التي تبلغ حوالى 11 كلم مربعاً. يشير مختار عيتا الشعب ماجد طحيني إلى أنّ «أحراج عيتا مُنيت بنكسة العمر، نتيجة الحرائق والقصف الفوسفوري والغارات التي «حرثتها». تتنوّع أشجارها بين: السنديان، الملّول، الغار، البطم، الزيتون، والكرمة. في العادة كانت هذه الأحراج تشكّل «رئة» عيتا الاقتصادية. وتُعدّ مصدراً أساسياً للزيت وصابون الغار في السوق المحلية، ويقدّر إنتاجها السنوي من الزيت بنحو 150 ألف دولار، والصابون بـ150 ألف دولار، وفق الطحيني الذي يرى أنّ «هذا الموسم كان مهمّاً جدّاً لسكان عيتا، لا تقلّ أهميّته عن موسم التبغ والزيتون».
شكّل موقع عيتا الشعب على تلّة تحيطها مواقع عدّة للعدو الإسرائيلي وهي: الراهب، برانيت، زرعيت، شتوا، طربيخا، قطامون وموقع يارون من جهة يارون، وضعها تحت فوهة النيران اليومية، وتحديداً أحراجها التي تحدّها من ثلاث جهات. إذ تنتشر أحراج الزيتون والغار والبطن من جهة الغرب، ومن الجَنُوب أحراج الكرمة والزيتون، ومن الشمال الغربي أشجار السنديان والغار والملّول، ما يعني وفق توصيف طحيني أنّ «عيتا تزنّرها الأحراج، ما شكّل دافعاً أقوى لاستهدافها، لأن العدو يعمل على القضاء على الغطاء الأخضر»، وحرق أحراج عيتا حسب طحيني يعني القضاء على الاقتصاد بشكل كبير.
تُعدّ سوق الفحم في عيتا الشعب نشطة جدّاً، وترفد السوق المحلية بكميات كبيرة تسدّ حاجاتها. ويقدّر ما تجنيه عيتا من هذا القطاع وفق طحيني نحو «مليون دولار من فحم وحطب». ويؤكد أنّ «عملية إنتاج الحطب تتمّ عن طريق تشحيل الأشجار تحت إشراف البلدية، وهذا الجانب حال دون حرق الأحراج». خربت الحرب واقع البلدة التجاري والزراعي والحيواني، دمرت كلّ القطاعات وأعادتها سنوات إلى الوراء. نزحت غالبية سكان عيتا الشعب نحو صور أو النبطية، وهناك من قرّر الصمود ليبقى قرب ماشيته، فالبلدة تشتهر أيضاً بالقطاع الحيواني، ويعدّ إنتاج الحليب واللبن داخلها نشطاً، ومقصداً للقرى المجاورة من رميش إلى دبل وعين إبل وبنت جبيل والقوزح. غير أنه كما باقي القطاعات أصيب بنكسة، بحسب الطحيني الذي لا يتردّد بالقول إن «عيتا الشعب كانت نشطة على كل الصعد، بل إن سوقها التجارية أنشط بكثير من سوق بنت جبيل، بل وأرخص من باقي الأسواق، وهذا ما جعلها مركز استقطاب».
ويلفت الطحيني إلى أنّ «قطاع طب الأسنان الذي اشتهرت به عيتا عبر مراكزها الطبية ذات الأسعار الرخيصة تضرّر بفعل القصف، وجرى إقفال العيادات ونقلها خارج البلد».
النكسة الكبرى وفق طحيني كانت في قطاع التبغ «فبدل أن تدعم الريجي المزارع في الحرب تخلّت عنه، استغلت حاجة المزارع للمال وأعطته 6 دولارات في الكيلو الواحد في حين أنّ سعر الكيلو في صريفا وصديقين البعيدتين عن الحرب على سبيل المثال، 7 و8 دولارات وهذا بمثابة عملية استغلال لمزارعي التبغ»، لافتاً إلى أنّ «جودة تبغ عيتا ورميش من أفضل الأنواع». يضيف الطحيني: «تتباهى الريجي بدعمها الطلاب، في الوقت عينه لا تدعم المزارع بالأسمدة، بل تريد دعم الطلاب من تعب المزارعين المحرومين حتى من الضمان. هذا إجحاف، استغلّوا الأزمة ووضعوا أسعاراً زهيدة أطاحت بتعب المزارع».