كتبت لارا يزبك في “المركزية”:
صحيح ان اللبنانيين منشغلون بالتطورات المعيشية والحياتية والعسكرية الخطيرة التي تعيشها البلاد اليوم، الا ان ملف تحقيقات المرفأ والتعطيل الذي لا يزال يطبع مسارها، لم يسقط من اهتماماتهم. صحيح ايضا ان الشارع ما عاد يتحرك بسهولة لرفع الصوت ضد طمس الحقيقة، غير ان الاصرار كبير، سياسيا وشعبيا على العدالة والمحاسبة.
المنظومة لم تتوقف عن محاولة عرقلة التحقيقات. في الايام الماضية، إسترد المحامي العام التمييزي القاضي صبوح سليمان، مذكرة توقيف الوزير السابق يوسف فنيانوس في قضية انفجار مرفأ بيروت من دون تنفيذ، وبالتالي بحسب القرار لم يعد فنيانوس مطلوبًا أمام القضاء. وأتى قرار سليمان انطلاقًا من المبدأ نفسه الذي أُطلق على أساسه الموقوفون في القضية، وهو أن المحقق العدلي طارق البيطار مكفوف اليد. وسبق للقاضي عماد قبلان أن أوقف تنفيذ مذكرة توقيف النائب علي حسن خليل.
ازاء هذا المسار السلبي غير المطمئن، دعا اهالي ضحايا 4 آب الى تحرك امام قصر العدل امس للتأكيد على ان القضية لن تموت ولن تُترك للألاعيب السياسية. وقد تقدّم وكلاء الدّفاع عن الأهالي، بطلب أمام محكمة التمييز لرد المحامي التمييزي القاضي صبوح سليمان لإصداره قراراً بوقف تنفيذ مذكرة التوقيف الغيابية بحق الوزير السابق يوسف فنيانوس في ملف المرفأ معتبرين أنّ هذه الصلاحية تعود إلى المحقق العدلي طارق البيطار في هذا الملف.
قبل “تبرئة” القاضي سليمان لفنيانوس، كان القاضي حبيب رزق الله يتّخذ ايضا قرارا لا يسعف التحقيقات. حينها، اعلن تجمع أهالي شهداء وجرحى ومتضرّري انفجار مرفأ بيروت”تعليقًا على قرار القاضي رزق الله الموكل بالبتّ بالمسار العالق بين مدّعي عام التّمييز القاضي غسان عويدات والمحقّق البيطار، ان “رزق الله سكت دهرًا ونَطق كفرًا. فبعد 11 شهرًا من المماطلة والانتظار للبتّ بالمسار القضائي العالق بين عويدات والبيطار، فاجأنا رزق الله بطلبه من عويدات تصحيح الادّعاء، وهو أمر مستغرَب ومستهجَن، إذ كان بإمكانه طلب ذلك منذ الأسبوع الأوّل للدّعوى”. وتابع التجمع في بيان “جعلنا القاضي ننتظر أحد عشر شهرًا قرارًا طالما انتظرناه كأهالي شهداء بفارغ الصّبر، ليتبيّن لنا الخيط الأبيض من الخيط الأسود بمسار هذه القضيّة الوطنيّة والإنسانيّة الّتي لا نزال نعاني ألآمها منذ أربع سنوات، ليخرج علينا بهكذا طلب سيدخل قضيّتنا بمزيد من التّعقيد والمهاترات السّياسيّة والقضائيّة، هو أمر مستنكر ومرفوض، ويؤكّد المؤكّد أنّنا لسنا فقط في مزرعة عصابات سياسيّة بل وقضائيّة أيضًا، هدفها المماطلة والتّمييز وصولًا للطّمس والتّضييع؛ وهو ما لن نسمح بحصوله أبدًا”.
بحسب ما تقول مصادر سياسية معارضة لـ”المركزية”، فإن المنظومة وعلى رأسها حزب الله الذي هدد القاضي بيطار بالقبع، تبدو عازمة، عبر محاسيبها المزروعين في القضاء وفي الوزارات والادارات المعنية بالتحقيقات، على افراغ ملف المرفأ من مضمونه لطمس الحقيقة. لكن في المقابل، فإن المعارضة،بمجمل احزابها والتغييريين، عبر قنواتها الدبلوماسية واتصالاتها مع المنظمات الحقوقية الدولية والاممية، لن تنفك تعمل لحماية التحقيق ولتشكيل لجنة تقصي حقائق دولية تعيد تحريك المياه في التحقيقات وتوصلها الى خواتيمها، لان لا مفر من محاسبة مَن تسببوا بتفجير العاصمة وأهلها ولو بعد حين، تختم المصادر.