كتب وليد شقير في “نداء الوطن”:
تستند التحركات الجديدة للجنة الخماسية المعنية بالوضع في لبنان، والمؤلفة من الولايات المتحدة الأميركية، فرنسا، السعودية، مصر وقطر، إلى جملة عوامل تسمح بتعليق الآمال على تزخيم عملها من أجل انتخاب رئيس جديد للجمهورية.
وفي وقت يأمل أعضاء في اللجنة أن يتم انتخاب رئيس خلال الشهرين المقبلين، يبدو أنّ أحد العوامل التي تعطي دفعاً لعمل الخماسية، وفق أوساط دبلوماسية في الخماسية، هو ارتفاع منسوب اهتمام أحد أعضائها الفاعلين المعنيين تاريخياً بلبنان، وهو الجانب السعودي. والأرجح أنّ التطورات الدراماتيكية والخطيرة في المنطقة، جراء الحرب الإسرائيلية على غزة سبب رئيسي لعودة الرياض إلى إبداء هذا الاهتمام بإنهاء الشغور الرئاسي الذي طال في لبنان.
تفيد المعطيات في شأن تحرك الخماسية الواضح من خلال النشاط اللافت لسفير المملكة العربية السعودي وليد البخاري، واللقاءات المتواصلة التي يجريها السفير الفرنسي هيرفيه ماغرو مع سائر الفرقاء، وزيارات السفير المصري علاء موسى، أن هناك «دينامية جديدة» متصلة بتهيؤ الدول الخمس لطرح مقاربة جديدة لحث الفرقاء اللبنانيين على إنهاء الشغور.
في انتظار تبلور هذه المقاربة تشير أوساط دبلوماسية متعددة إلى الآتي:
1 – تأجيل موعد سفراء الدول الخمس مع رئيس البرلمان نبيه بري أمس جاء لأسباب عملية، إذ إن السفارة الأميركية في بيروت فضلت أن يلتقي السفراء الخمسة قبل الاجتماع إلى بري لتحديد عناصر الموقف الموحد. ولا صحة لخلافات بين أعضاء الخماسية.
2 – أن لقاءً سيحصل لمسؤولي الدول الخمس يحضره الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان مطلع الشهر المقبل، لتحديد مكونات المقاربة الجديدة التي ستعتمدها في حث الفرقاء اللبنانيين على تسريع انتخاب الرئيس. والمكان المطروح حتى إشعار آخر لهذا اللقاء هو الرياض.
3 – لا صحة لما يتسرب عن أنّ المقاربة تتناول مواصفات الرئيس المقبل لأنّ هذا الجانب قد استُنفد في زيارات لودريان السابقة، سواء قبل أو بعد تعيينه موفداً رئاسياً.
4 – مع تكرار المصادر الدبلوماسية الكلام الروتيني بأنّ الدول الخمس لن تقحم نفسها باسم أو أسماء المرشحين للرئاسة، فإنّ أحد أعضاء المجموعة يشير إلى أن الحد الأدنى المتوافر هو شبه الإجماع بين اللبنانيين على الانتقال إلى المرشح الثالث. وحتى الرئيس بري حين قال إنّ النائب السابق سليمان فرنجية هو المرشح الوحيد على الساحة، فإنّه سبق وأدلى بتصريح يبدي الاستعداد للبحث بالخيار الثالث.
5 – المقاربة تشمل أن يقترن انتخاب الرئيس بتحديد ما سيعقب ذلك لجهة دخول مرحلة إصلاحات بنيوية واقتصادية سواء باتفاق مع صندوق النقد الدولي أو بتحسين النظام الحالي الذي ثبت عقمه. والمساعدات للبنان كما هو معروف، مرهونة بتحقيق الإصلاحات، وأكثر الدول المصرة على ذلك هي السعودية.
6 – إستبق لودريان الاجتماع الخماسي بزيارة الرياض الخميس الماضي، ثم الدوحة في اليوم التالي، للتفاهم على ضرورة تحريك ملف الرئاسة في لبنان. وموعد الاجتماع الخماسي سيتحدد في ضوء التداول مرة جديدة بين ممثلي الدول الثلاث الذين قد يتشاورون أو يجتمعون مجدداً مطلع الشهر.
7 – لا صحة للتكهنات الإعلامية في بيروت عن ضم إيران إلى الخماسية، والتي انطلقت بعد زيارة السفير الإيراني في بيروت مجتبى أماني للسفير البخاري.
8 – أنّ لودريان يتحرك في شأن لبنان مرتكزاً إلى أولويتين: خفض التصعيد على جبهة الجنوب تجنباً لتوسع الحرب تمهيداً لاتفاق على تنفيذ القرار الدولي الرقم 1701، وإنهاء الشغور الرئاسي بمعزل عن أي عنوان آخر، ومن دون الربط بين المسألتين. وفي خصوص التهدئة جنوباً تواصل باريس إبلاغ الحكومة الإسرائيلية معارضتها شن الحرب على لبنان. وهذا كان هدف زيارة وزير الجيوش الفرنسية سيباستيان لوكورنو تل أبيب أول من أمس. وقناعة فرنسا بالنسبة إلى الجنوب أنّ القرار الدولي يتضمن معالجات لكافة جوانب المشكلة.
9 – الأوساط الدبلوماسية إياها تدعو الفرقاء اللبنانيين إلى عدم المراهنة أو الربط بين أي محادثات مفترضة بين الولايات المتحدة وبين إيران، وبين الرئاسة في لبنان، مستغربة هذا النوع من التكهنات، خصوصاً أنّ ملفات الحوار بين الدولتين أكثر تعقيداً، من ملف لبنان، فضلاً عن أن لا أحد على علم بما يجري بينهما في شأن الملفات الأخرى الشائكة.