IMLebanon

تراشق وانقسام… وغياب بدائل تعديل الموازنة

كتب معروف الداعوق في “اللواء”:

تعكس مناقشة النواب لمشروع الموازنة في المجلس النيابي، مؤشرين لافتين، الأوّل تدني مستوى النقاش للمشروع، وغياب الحدّ الأدنى المقاربة التقنية والعلمية المطلوبة من معظم النواب، لهذا الموضوع المهم في تحديد مسار الازمة المالية والاقتصادية في البلاد ومستوى عيش المواطنين ووضعية الدولة عمومًا، واستبدال هذا النقاش بالمواقف والتهجمات السياسية المعهودة وحملات التراشق والتهشيم والاتهامات الشخصية وغيرها.

والمؤشر الثاني، هو تركيبة مشروع الموازنة المقدم من الحكومة ومكوناته الهشّة، والتي تفتقر إلى الرؤية الاقتصادية والمالية السليمة، واقتراح الحلول والخطوات الاصلاحية المطلوبة، للانتقال التدريجي من الأزمة الحالية، إلى مرحلة التعافي الاقتصادي.

في العادة، يناقش النواب مشروع الموازنة، انطلاقًا من الوقائع الاقتصادية والمالية للدولة، وينتقدوا ما يعتبرونه خاطئاً أو غير قابل للتطبيق، ويطرحوا البدائل الأفضل القابلة للتنفيذ، لتحسين المشروع نحو الأفضل، وانعكاسه إيجابًا على الميزانية العامة ومستوى عيش المواطنين.

تكاد تغيب أو غابت عن نقاشات النواب للموازنة هذه المرة، وقائع الظروف الصعبة التي يواجهها المواطن في حياته اليومية، واقتراح الحلول لها، بدءًا من تأمين مستلزمات العيش الضرورية، والخدمات العامة في الماء والكهرباء وسلامة الطرقات العامة، سبل مكافحة نسب التضخم التي بلغت أرقامًا خيالية للعام المنصرم قارب المئة والسبعين في المئة، ولا تزال بارتفاع متواصل، في ضوء غياب وزارات الدولة المعنية وأجهزة الرقابة ومكافحة الغلاء وملاحقة التجار المحتكرين.

بدت المعارضة مشرزمة في مناقشة الموازنة، ولم تستطيع تقديم أي تعديلات جذرية على المشروع، وغاصت في مناكفات هامشية غير مجدية، ما يعني أنّ وجودها لم يكن مؤثرًا في تغيير أو تحسين القانون.

لم تشفع حجج الحكومة وتبريرها لهشاشة مشروع الموازنة بتردي الوضع السياسي بسبب عدم انتخاب رئيس للجمهورية، أو بالظروف الصعبة التي يمر بها لبنان في ضوء التعطيل المتعمد، لإقرار مشاريع القوانين المطروحة بالتماهي مع المجلس النيابي، بدءا من قانون الكابيتال كونترول والإصلاح المالي وهيكلة المصارف.

تحوّلت جلسات مناقشة الموازنة, من جلسات لتحسين وتطوير الوضع الاقتصادي والمالي في البلد، والخروج من الأزمة، والتخفيف عن كاهل المواطنين، الى جلسات مبارزة مكشوفة وتصفية الحسابات، وتراشق وهجمات وتهجمات, وتكريس حالة الانقسام والتشرزم السياسي بامتياز, والأهم تظهير بشاعة تصرفات الطبقة السياسية الحاكمة, وتغليب مصالحها الشعبوية الخاصة على مصلحة الوطن.