كتبت نجوى أبي حيدر في “المركزية”:
منذ أن فتح حزب الله جبهة اسناد غزة من جنوب لبنان يوم الاحد 8 تشرين الأول 2023 ، في اعقاب عملية طوفان الاقصى في السابع منه، لم تتأخر الفصائل الفلسطينية المنتشرة في لبنان لاسيما حركة “حماس” و”الجهاد الإسلامي” عن الانخراط في مساندة القطاع ترجمةً لشعار قوى “محور المقاومة” لوحدة الساحات والجبهات في أي مواجهة مع اسرائيل،علما ان العمليات العسكرية التي نفذتها لم تخرج عن قواعد الاشتباك المتبعة منذ العدوان الإسرائيلي على لبنان في تموز 2006 ، والتي ابقى عليها وحددها حزب الله من الجانب اللبناني ، فلم تتعدَ بعض التسلل خلف خطوط الاحتلال والاشتباك المباشر معه، أو مهاجمة مواقعه العسكرية على الحدود، او رشق المستعمرات في الجليل الأعلى ببضعة صواريخ لا اكثر.
الا ان العمليات العسكرية الفلسطينية على شحها، ومعظمها يرتكز على نصب الصواريخ على منصات متنقلة وإطلاقها أو إرسال مجموعة مقاتلين للاشتباك مع الجيش الاسرائيلي، لا تخفض وتيرة القلق المتنامي جراء انتشار الفصائل على الحدود واتساع هامش تحركها من دون رادع وامكان انشاء معسكرات او حفر خنادق وبنى تحتية تستبيح سيادة الدولة التي دكّتها منظومة السلطة الحاكمة وسلمت زمام قيادة جبهة الجنوب الى حزب الله ومن يرغب من التنظيمات المسلحة ،لبنانية كانت ام فلسطينية، عوض نشر الجيش على الحدود ومنع اي كان من اطلاق رصاصة واحدة وتوريط لبنان في حرب تبين انها لم تقدم قيد انملة للقضية الفلسطينية حتى اليوم.
والخشية تتوسع ايضا وايضا من احتمال استفادة حماس والجهاد اللذين لا تواجد عسكري لهما، علنيا على الاقل داخل المخيمات، من الجبهة المفتوحة جنوبا لاستقدام السلاح وتخزينه عن طريق المؤسسات الأهلية والمدنية تحت ستار تقديم خدمات طبية واسعافية، ما يسهم عمليا في تثبيت حضورهما وتاليا الاشتباك مع سائر التنظيمات والفصائل المُسلحة، وانفجار امن المخيمات مجددا لا سيما عين الحلوة القابع على جمر التوتر.
تقول مصادر سياسية لـ”المركزية” ان تشريع جبهة جنوب لبنان امام التنظيمات الفلسطينية المسلحة لتنفيذ عملياتها ضد اسرائيل بحجة مساندة الغزاويين انما تشكل ضربة في الصميم للسيادة اللبنانية، بعدما نجح لبنان بمساعدة الامم المتحدة والدول الصديقة في اخراج الفلسطينيين من الجنوب ومنعهم من استخدامه لشن عمليات ضد اسرائيل منذ النكبة الكبرى عام 1948، واثر الغاء اتفاق القاهرة الذي اجاز لهم استخدام ساحة لبنان من بوابته الجنوبيه لمقاومتها، ذلك ان حزب الله صاحب النفوذ الميداني على الحدود الجنوبية اعاد “عالمستريح” الفلسطيني الى الجنوب وحوله الى “حماس لاند” لاستخدامه من جانب فصائل بعضها وهمي، لمجرد احداث فوضى ، فيصبح الجنوب تكرارا ساحة مفتوحة لكل راغب بضرب اسرائيل.
تبعا لذلك، تسأل المصادر ،كيف يمكن اخراج الفلسطينيين من الجنوب ومنعهم من استخدامه واستباحة سيادته ساعة يشاؤون ،ومن يتحمل مسؤولية اعادتهم اليه؟ هل يدرك حزب الله الثمن الذي دفعه لبنان لاخراجهم من هناك، وهل يعلم السيد حسن نصرالله انه بانفلاش تنظيمات فلسطينية مسلحة جنوبا وآخر نسخاتها ما سُمي “كتائب العزّة الاسلامية” ، قد يسهم في تحويل لبنان مجددا ساحة صراع بين قوى متنازعة غير معروفة توجهاتها واهدافها، تتخذ من القضية الفلسطينية ذريعة لتحقيق مآرب لجهات اقليمية توظفها في حروبها الكبرى؟ واستتباعا، وفي ضوء مطالبة المجتمع الدولي لبنان بتطبيق القرار 1701 ، هل ينوي الحزب وسيّده تنظيف المنطقة بعد ابرام الاتفاق فالتسوية، من التنظيمات المسلحة قبل تسليمها للجيش وقوات اليونيفل ، ام يترك المهمة على عاتق القوى الامنية اللبنانية لتقلّع شوكاً زرعه بيديها؟ وتختم المصادر: الى اين يأخذ حزب الله لبنان بعدما تسبب بانهياره وتهجير ابنائه، وقد بات مرتعا للنازحين واللاجئين والمُسلحين؟