Site icon IMLebanon

هل أعلنت إسرائيل فشل مساعي هوكشتاين؟

كتبت غادة حلاوي في “نداء الوطن”:

تتصاعد وتيرة التحذيرات الديبلوماسية للبنان من عزم إسرائيل على توسيع نطاق عملياتها في لبنان وشنّ عملية عسكرية سريعة على الجنوب اللبناني في غضون الأسبوعين المقبلين. «حزب الله» الذي سبق وأعلن جهوزيته للحرب لا يزال يضع هذه التهديدات في إطار الضغط لتحقيق مآرب إسرائيلية أخرى صارت معلومة، لكنّ صدى مثل هذه التهديدات التي درج عليها ممثلو الدول الغربية والعربية في لبنان، لا يتردّد في أروقة الأمم المتحدة. المستجدّ في الحرب الإسرائيلية على غزة والجنوب اللبناني هو تغيُّر المزاج الدولي في التعامل مع رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو والميل أكثر نحو إنهاء الحرب في غزة وعودة الهدوء إلى جنوب لبنان. لدى الغرب قناعة أنّ الحل المرجوّ لن يكون من خلال نتنياهو بمنحه فرصة لإعادة تعويمه مجدداً.

تتحدّث مصادر ديبلوماسية في الأمم المتحدة عن ضغوط تمارسها أميركا ودول أخرى لمنع رئيس وزراء إسرائيل من توسيع اعتداءاته على لبنان وتعكس حالة الاستياء لدى المجتمع الدولي من استمرار حرب غزة، وقد ضاق ذرعاً بأسلوبه وسعيه قدر الإمكان لضمان استمراريّته في السلطة.

بالموازاة ثمة جهد دولي ينصبّ على تنفيذ القرار 1701 وإبعاد «حزب الله» عن القرى المحاذية للحدود لضمان عودة المستوطنين إلى مستوطناتهم، لكنّ هذه الجهود لم تثمر تقدّماً لرفض إسرائيل التزام تنفيذ القرار أو التعهّد بالانسحاب من المناطق التي تحتلّها. وفسّر إعلان قناة «كان» الإسرائيلية إخفاق محادثات التسوية مع «حزب الله» على أنّه تمهيد لعمل عسكري في الجنوب استبقته بإعلان فشل مساعي المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين للتسوية مع لبنان.

وأن تستبق إسرائيل عودته بإعلان الفشل يعني رفضها الطروحات التي سبق وحملها من لبنان في شأن الانسحاب من النقاط 13 الحدودية المتنازع عليها، انطلاقاً من النقطة B1 في منطقة رأس الناقورة الواقعة ضمن الحدود اللبنانية، وصولاً إلى خراج بلدة الماري التي تشكّل بجزء منها التمدّد العمراني لقرية الغجر وتلال كفرشوبا، ووقف نهائي للخروقات «الإسرائيلية» التي وصلت إلى حوالى 30 ألف خرق منذ عام 2006، براً وبحراً وجواً، والمساعدة الدولية على تقوية وتعزيز انتشار الجيش اللبناني جنوب نهر الليطاني، لتسهيل عودة النازحين من المناطق الحدودية التي نزحوا منها بعد السابع من تشرين الأوّل ووقف الحرب على غزة.

وهذه الطروحات هي ذاتها التي حملها وزير الخارجية عبد الله بو حبيب إلى نيويورك حيث ألقى كلمة لبنان وضمّنها صيغة الحلّ المقترح من جانب لبنان. 13 وزيراً للخارجية التقاهم بو حبيب بينهم وزراء خارجية الدول الدائمة العضوية في الأمم المتحدة ونظيره النروجي الذي تطمح بلاده لعقد أوسلو 2. تعكس لقاءات كهذه اهتماماً دولياً بالوضع في الجنوب حيث تتسابق المساعي بين تسوية تؤمّن الهدوء وتطويق طموحات نتنياهو، وتلجم التهديدات الإسرائيلية بالحرب.

تنقل الأوساط الديبلوماسية أنّ لبنان كان الدولة الوحيدة التي قدّمت طرحاً متكاملاً حول الحرب المشتعلة في غزة وعلى الحدود، خلافاً لبقية الدول. التزمت سوريا الصمت وخفّف الأردن اندفاعته ويؤدّي المصري دوره الأمني، أمّا القطري فلم تعد إسرائيل تتجاوب مع طروحاته بعد «طوفان الأقصى».

الطروحات التي سبق واتفق عليها رئيسا مجلس النواب نبيه بري والحكومة نجيب ميقاتي ليس معلوماً مدى التزام «حزب الله» تنفيذها بعد وهو ما تستفسر عنه دول الغرب الفاعلة على خط الحلّ، وما إذا كان مستعداً لتقديم تنازلات والذهاب فعلاً نحو استراتيجية دفاعية والسّماح لقوات «اليونفيل» أو الجيش بالانتشار على طول الحدود المحاذية؟

في مكان آخر، أي في عُمان على الخليج العربي تُجرى مفاوضات جدية بين إيران وأميركا. منذ عملية الطوفان، كان التنسيق واضحاً بينهما من العراق إلى اليمن ولبنان، حيث بات وضع المنطقة على تماهٍ مع هذه المفاوضات، لكن لا أميركا ولا إيران تريدان منح نتنياهو أي فرصة للحل وإعادة تعويمه. تريد أميركا شريكاً أفضل للتفاوض، لذلك ترى الأوساط الديبلوماسية أنّ الحلّ في غزة متوقّف على حصول تغيير في إسرائيل، وهذا ما يطالب به الداخل الإسرائيلي.

اليوم تُمارس ضغوط لمنع حرب إسرائيلية واسعة على لبنان، أميركا ليست مستعدّة لتغطية تطوّر كهذا، ولا «حزب الله» يريد خوض الحرب، وعينه على غزة، ولكن العمل على حلّ للجبهتين مرهون بالتغيير داخل إسرائيل، وهذا ما لم تضع دول القرار ثقلها فيه بعد.