كتب سعد الياس في “القدس العربي”:
يزداد الوضع الميداني على الجبهة الجنوبية خطورة في ضوء رفع تل أبيب جاهزية قواتها العسكرية على الحدود في مواجهة حزب الله الذي بدأ قبل أيام استخدام صواريخ متطورة تصيب أهدافها بشكل دقيق.
وقد أصدر حزب الله سلسلة بيانات أعلن فيها أنه “دعماً لشعبنا الفلسطيني الصامد في قطاع غزة وإسنادًا لمقاومته الباسلة والشريفة، استهدف مجاهدو المقاومة الإسلامية انتشارًا لجنود العدو الإسرائيلي في ثكنة راميم ومحيطها بالأسلحة الصاروخية وحققوا فيه إصابات مباشرة اضافة إلى اطلاق صواريخ على جنود العدو الإسرائيلي شرقي موقع بركة ريشا، واستهداف تجمع لجنود الاحتلال في محيط ثكنة هونين بصاروخ بركان وتجمع آخر في محيط موقع تل شعر وتحقيق اصابات مباشرة”. ودوّت صفارات الانذار في كريات شمونة.
في المقابل، استهدف الطيران الحربي الاسرائيلي أطراف بلدتي مروحين ورامية وزبقين ومجدل زون ومارون الراس وعيتا الشعب والضهيرة ومروحين وأحد المنازل في حولا، ومشطت قوات الاحتلال بالاسلحة الرشاشة بلدة كفركلا بالاسلحة الرشاشة، وطال القصف المدفعي المنازل وسط الضهيرة الفوقا وأطراف شيحين وطيرحرفا ويارون وحرج مركبا ومشعرون، وسط تحليق للطيران الاستطلاعي في الاجواء لا سيما فوق الضهيرة والناقورة والساحل الممتد بين صور والناقورة والقليلة ومنطقة مرجعيون.
وكانت مسيّرة إسرائيلية نفذت فجراً غارة على تعاونية يملكها المواطن بلال غيث لبيع المواد الغذائية تقع عند مثلث بلدتي طيرحرفا الجبين، ما ادى إلى وقوع اضرار جسيمة في المبنى وتلف كمية كبيرة من محتويات التعاونية فضلاً عن تضرر المباني المجاورة.
خيبة العدو
غير أن قيادات حزب الله حذّرت العدو الاسرائيلي من أي خطأ في الحسابات، وأشار رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد إلى “أن المقاومة في لبنان تصدت للعدو الإسرائيلي وقالت بالواقع العملي وفي الميدان إياك أن تخطئ الحساب وإياك أن تحوّل جنونك من مكانٍ إلى مكان باتجاه لبنان لأن ما ينتظرك فيه هو المقابر”.
وقال: “نحن جاهزون للمواجهة إلى أبعد مدى وإذا رأى العدو حتى الآن جزءاً بسيطاً من بأسنا فنحن جاهزون لأن نريه كل بأسنا”.
بدوره، أكد رئيس “تكتل نواب بعلبك الهرمل” النائب حسين الحاج حسن “استمرار المقاومة في لبنان في إسناد غزة ومقاومتها واستعدادها لكل الاحتمالات”. ولفت إلى “أن مشروعنا السياسي لا ينفصل عن مشروع المقاومة، فالسياسة في خدمة المقاومة، والمقاومة في خدمة الناس، وعلينا رص الصفوف حول المقاومة ومشروعها، ومعالجة ما أمكن من الأمور التي تحتاج إلى معالجة، ومن واجبنا التواصل مع كل الناس”.
وتحدث عن “ازدياد التعاطف اوروبياً وغربياً مع القضية الفلسطينية”، لكنه أشار إلى “تطور سلبي تمثل بقيام عدد من الدول الأوروبية بإيقاف المساعدات الممنوحة لمنظمة الأونروا، وهذا يشكل حصاراً اقتصادياً، يساهم في تجويع الشعب الفلسطيني”.
ضغوط الحرب
تزامناً، انتقد البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي “ثقافة الموت التي لم تجر على بلادنا سوى الانتصارات الوهمية والهزائم المخزية”، وقال في عظة الاحد “دولتنا المبتورة الرأس أصبحت بمقدراتها الكبيرة فريسة الفاسدين المعتدين عليها والعاملين بكل وسعهم على عدم انتخاب رئيس للجمهورية ليخلو لهم الجو والوقت الطويل لقضم مالها ومؤسساتها، وإشاعة حالة من الفوضى تسمح للنافذين تمرير ما هو غير شرعي، بواسطة فائض القوة”.
وتطرّق إلى الوضع الجنوبي قائلاً: “يعرب لنا أهالي القرى الحدودية في الجنوب عن وجعهم لتخلي الدولة عنهم وعن واجباتها ومسؤولياتها تجاههم. فهم بكبارهم وصغارهم يعيشون وطأة الحرب المفروضة عليهم والمرفوضة منهم إذ يعتبرون ان لا شأن للبنان واللبنانيين بها. ويكتبون إلينا: “نعيش ضغوط الحرب النفسية وتسحق أعصابنا أهوال الغارات اليومية وأصوات القذائف المدوية. وأطفالنا محرومون من وسائل الترفيه ولا يتلقون تعليماً مدرسيًا منتظمًا إلا عن بُعْد بسبب الإقفال القسري لمدارسنا الذي فرضته الحرب الحالية”. ويتابعون: “بإمكانكم أن تتصوروا مدى الفشل والفوضى والإخفاق والقلق الذي يترتب على هذا الواقع المرير، وتداعياته على المستقبل التعليمي والنفسي لأولادنا”… ويضيفون: اسمحوا لي قولها بالفم الملآن ليس تخلياً عن القضايا الوطنية ولا العربية، بل انطلاقًا من صدقي مع ذاتي، أرفض أن أكون وأفراد أسرتي رهائن ودروعاً بشرية وكبش محرقة لسياسات لبنانية فاشلة، ولثقافة الموت التي لم تجر على بلادنا سوى الانتصارات الوهمية والهزائم المخزية”. وختم “إننا نسمعهم وقلبنا ينزف دمًا. ونعمل كل ما بوسعنا لمساعدتهم بشتى الوسائل بالتعاون مع ذوي الإرادات الحسنة”.
وقد رد المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان على البطريرك الراعي فانتقد في بيان “مَن يقوم يطعن أقدس وأهم حرب على الجبهة الجنوبية وهي أكبر الحروب السيادية على الإطلاق”. وتوجه إلى أصحاب المقامات بالقول: “من المعيب أن تنتقص من أولئك الذين يقدمون أنفسهم من أجل الوطن والإنسان”، مضيفاً “ثقافة الموت ثقافة من لا يهتم بوطن ولا ببلد ولا بسيادة ولا بمذابح شعب ولا بصوت ضمير فضلاً عن وصايا السماء والأنبياء”.
وأكد أن “أهل الجنوب لا يحتاجون لشهادة من أحد لأنهم هم الشهادة والحياة والانتصار، والمحسوم أن تحرير لبنان ليس وهمياً، وحج العالم المتواصل إلى لبنان بخلفية حماية الكيان الصهيوني أيضاً ليس وهمياً، على أن البكاء يجب أن يكون على لبنان والشعوب المظلومة لا على حجيج العالم الذي لا يهمه إلا تل أبيب وإنقاذها من هزيمتها المدوية”. وذكّر البعض أنه “حين اجتاح الإسرائيلي الجنوب عام 1982 صارت الدولة بمؤسساتها وأجهزتها كافة مستعمرةً صهيونية، ولم تخرج من صهيونيتها إلا بهزيمة المقاومة لها وانتصارها عليها إلا أن يكون هذا الانتصار بنظر البعض وهمياً”.
الاشتراكي يندد
وفي المواقف من وقف تمويل بعض الدول للأونروا، استنكر الحزب التقدمي الاشتراكي بشدة “خطوة وقف الإدارة الأمريكية وعدد من الحكومات الأوروبية لتمويل منظمة الأمم المتحدة لغوث اللاجئين الفلسطينيين أونروا”.
ولم يستغرب الحزب “هذه الخطوة من الدول التي وقفت إلى جانب جرائم الإبادة التي تشنها إسرائيل على الفلسطينيين دون رادع لأنها تستكمل الضوء الأخضر المعطى للاحتلال لاستكمال حربه التدميرية”، رافضاً “كل الذرائع التي رفعتها هذه الحكومات جملة وتفصيلاً، ووضع هذه الخطوة اللانسانية في خانة القرار المتخذ سلفاً بتصفية القضية الفلسطينية وتشريد وتهجير الفلسطينيين وإنهاء حق العودة”.