كتبت يولا هاشم في “المركزية”:
تزايد عدد الجمعيات والمنظمات غير الحكومية في السنوات الأخيرة في لبنان، حتى وصل إلى نحو عشرة آلاف. ويُعتبر هذا العدد كبيراً جداً في بلدٍ صغيرٍ لا تتعدى مساحته 10452 كلم مربع، وكأن لكل كلم مربع جمعية. لكن منذ إندلاع الازمة السورية في العام 2011 وما تبعه من نشاط للجهات المانحة، لا سيما الولايات المتحدة الاميركية، ودول الاتحاد الاوروبي، بدأت الجمعيات تنشط، وتزايد دورها مع الانهيار الاقتصادي في العام 2019، بعد انتفاضة 17 تشرين، ثم تضاعف زخمها بعد إنفجار مرفأ بيروت وما تسبب به من دمار لأحياء واسعة من العاصمة.
في الواقع، فقط 500 جمعية تُعتبر ناشطة في لبنان، على الصعد التربوية والبيئية والصحية والتنمية الاقتصادية، علماً أن سجلات وزارة الداخلية والبلديات اللبنانية تتضمن أسماء ما يزيد على 6000 جمعية أهلية، (بما فيها أسماء الاحزاب والنوادي الرياضية)، أو غير حكومية، منها 3306 جمعيات تعمل في شكل فعلي وتتمتع بمشروعية. بينما العدد الباقي متخلِّف عن الالتزام بالمعايير التنظيمية، التي يفرضها قانون الجمعيات الصادر عام 1909 والمراسيم التطبيقية اللاحقة له. حتى ان هذا الأمر أُثير في جلسات مناقشة موازنة 2024، حيث تساءل أحد النواب عن الجدوى من كل هذا العدد الكبير من الجمعيات.
لا شك في أن هذه الجمعيات والمنظمات تلعب دوراً كبيراً في سدّ الثغرات التي خلّفها غياب المؤسسات الحكومية عن القيام بوظائفها الأساسية تجاه المواطنين والمقيمين الأجانب. ويحصل البعض منها على دعم من الدولة والبعض الآخر يعتمد على التمويل الذاتي من خلال مشاريع ومساعدات من جهات محلية او خارجية. لكن هل يُعتبر هذا صحياً في بلد يقفُ على ابوابِ استحقاقاتٍ كبيرة ويعاني من انهيار اقتصادي غير مسبوق؟ هل هناك من مراقبة دقيقة لعمل هذه الجمعيات وتدقيق في موازناتها لمعرفة كيفية الانفاق؟
وزير الشؤون الاجتماعية السابق ريشار قيومجيان يؤكد لـ”المركزية” ان “الجمعيات التي تحصل على تمويل من وزارة الشؤون الاجتماعية تخضع للمراقبة والاشراف والتدقيق. فإذا كانت الوزارة تدفع مثلاً 10 دولارات لكل طفل من أطفال جمعية معينة تعنى بذوي الاحتياجات الخاصة او اليتامى او التوحد وغيرها… تتأكد من وصول هذه المساعدة الى المستفيدين منها.
ويضيف: هناك عقد بين الشؤون والجمعيات، والوزارة تراقب مستلزمات هذا العقد فقط، وتتلقى من تلك الجمعيات جدولا يتضمن المعلومات المطلوبة. لكن في ما خص الجمعيات الأخرى التي تُشرف عليها وزارة الرياضة او الثقافة او الصحة او غيرها فلا معلومات لديّ حولها، فليُسأل عنها المعنيون”.