كتب محمد دهشة في “نداء الوطن”:
يتدحرج الغضب السياسي والشعبي ويكبر في أوساط اللاجئين الفلسطينيين في مخيمات لبنان على قرار بعض الدول تعليق مساعداتها المالية لوكالة «الأونروا»، عقب قرار المفوض العام فيليب لازاريني إنهاء عقود 12 موظفاً متهّمين بالمشاركة أو تأييد عملية «طوفان الأقصى».
ويقتنع أبناء المخيمات بأنّ قرار تعليق دفع المساعدات للوكالة ليس وليد اليوم، وإنما يأتي في سياق ضغوط ومخططات تمارسها إسرائيل والولايات المتحدة الأميركية لمحاصرة «الأونروا» مالياً، بهدف إنهاء عملها وتصفية القضية الفلسطينية وشطب حق العودة، وفق ما ظهر جلياً في «صفقة القرن» إبان ولاية الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب.
بالمقابل، داخل أروقة «الأونروا» يسود الإرباك صفوف الإدارة والموظفين معاً، وفيما يلتزم المسؤولون الصمت بانتظار كافة التفاصيل، لم تصدر الوكالة أي بيان توضيحي لتهدّئ من روع اللاجئين ومخاوفهم، ويتريث البعض فيها لأن الأمر غير واضح حتى الآن، وما إذا كان يقتصر الأمر على غزة أم يمتد إلى باقي الأقاليم حيث تعمل الوكالة في الضفة، سوريا، الأردن ولبنان.
ويقول مدير هيئة 302 للدفاع عن حق العودة الباحث في الشأن الفلسطيني علي هويدي لـ»نداء الوطن»: «هذه جزئية من تعليق الدعم، وباعتقادي إن الهدف وقف الدعم عن غزة ومن ثم عن باقي المناطق حيث تعمل، في سياق الاستهداف الممنهج بل الجريمة لنحو 6 ملايين لاجئ مسجل على قيود «الأونروا»، متسائلاً « كيف لهذه الدول الكبرى أن تأخذ مثل هذا القرار ولم ينته التحقيق الداخلي بعد، وكيف تقبل بالعقاب الجماعي الذي يتزامن مع الإبادة في غزة؟».
وتقول مصادر فلسطينية لـ «نداء الوطن»: «اللافت في القرار أنه جاء أولاً في وقت تتزايد فيه الحاجة والمطالبة بزيادة دعم الدول المانحة لموازنة الوكالة، في ظل الاحتياجات الانسانية الهائلة والتي تتطلب دعماً استثنائياً من الدول المانحة. ثانياً: في إطار هجوم سياسي لقطع الطريق على مطلب «الأونروا» رفع موازنتها لعام 2024 (يتوقع أن تبلغ أكثر من 2 مليار دولار أميركي للبرامج، الطوارئ والمشاريع) لتلبّي حاجات اللاجئين وتداعيات النزوح من الحرب على غزة، إذ عادة تعلن الوكالة مع بداية كل عام عن أرقام موازنتها المالية (تقدّر بنحو مليار و 600 مليون دولار)، وما لديها من عجز. وثالثاً: بعد يوم واحد من قرار محكمة العدل الدولية التي أعطت البعد الإنساني أهمية استثنائية لجهة تأكيدها على ضرورة إيصال المساعدات الإنسانية للسكان في قطاع غزة».
في عام 2018، أعلنت الإدارة الأميركية وقف تمويل الوكالة لأسباب سياسية تتعلق بصفقة القرن. وبعد عام، ونتيجة تقارير لمنظمات صهيونية، علّقت سويسرا وهولندا وبلجيكا ودول أخرى مساهماتها المالية بذريعة وجود فساد في الوكالة والزعم أن مناهج الوكالة تحرّض على العنف والكراهية، قبل ان تستأنف التمويل بعد تأكيدات الأمين العام للأمم المتحدة بعدم وجود فساد، وعدم صحة اتهامات إسرائيل.
ويشير مسؤول دائرة الغوث في «الجبهة الديمقراطية» وعضو المكتب السياسي فتحي كليب لـ» نداء الوطن» الى «أنها ليست المرة الاولى التي تعلّق فيها الدول المانحة مساهماتها المالية في الموازنة، كان يفترض عدم الإقدام على أي خطوات من قبل الدول المانحة بانتظار ما ستقدم عليه رئاسة الأونروا والأمم المتحدة في تعاطيها مع الاتهامات الاسرائيلية، خاصة بعد قيام المفوض العام لازاريني بإجراء مباشر وسريع بفصل عدد من الموظفين رغم أننا نرفضه»، مستغرباً «أن تنساق دول أوروبية خلف أميركا في استجابتها السريعة، في الوقت الذي تؤكد فيه كل دول العالم أن الوكالة هي المنظمة الأكثر قدرة على التعاطي مع التداعيات الإنسانية للعدوان الاسرائيلي على قطاع غزة».
ميدانياً، شهد بعض المخيمات الفلسطينية وقفات احتجاجية، امتدّت من مخيمي نهر البارد والبداوي شمالاً إلى عين الحلوة جنوباً، حيث نظمت اللجان الشعبية لفصائل «منظمة التحرير الفلسطينية» وقفة في ملعب «أبو جهاد» الوزير في الشارع التحتاني، طالبت فيه بالتراجع الفوري عن قرار تعليق دفع المساعدات المالية للوكالة ودعمها «كي تقوم بمهامها في إغاثة اللاجئين في قطاع غزة الذي يتعرض لعدوان إسرائيلي همجي منذ أكثر من ثلاثة أشهر ونصف».