كتب ميشال طوق:
في الذكرى ال38 لإسقاط الإتفاق الثلاثي سنة 1986 الذي كان يشكل مفتاح سيطرة حافظ الأسد على كامل الأفرقاء والمناطق اللبنانية، ولأن الإنسان بطبعه يميل الى النسيان، ولأنه في كل مرة ينتقد أحد هذا الفريق السياسي البرتقالي، يخرج علينا من يسأل لماذا نحمل هؤلاء مسؤولية ما وصلنا إليه، ألا يوجد غيرهم عاثوا فساداً وخراباً منذ عشرات السنين يوم لم يكونوا هم؟؟
نقول بكل واقعية وصراحة، نعم وأكيد، الكثيرين نخروا في هيكل هذا الوطن وفظعوا في إرتكاباتهم، لا شك، لكن علينا دائماً أن لا ننسى العودة الى الأساس، الى الذي سمح ومهّد لأن يكون لبنان لقمة سائغة في أفواه المجرمين النهمين الذين على ما يبدو، هم أيضاً لا يشبعون!!
يقول المرحوم إيلي حبيقة في إحدى مقابلاته أن ميشال عون كان أحد الشركاء الأساسيين بالإتفاق الثلاثي وأن مهمته كانت منع أي تحرك عسكري في المناطق الشرقية ضد هذا الإتفاق، وقد ظهر هذا الأمر جلياً في إنقاذ إيلي حبيقة من مبنى الأمن وخروجه هو ورفاقه بملالات الجيش الى اليرزة ومن ثم الى زحلة، حيث بدأت سلسلة التفجيرات والإغتيالات في المناطق الشرقية إنطلاقاً من هناك.
بعد 3 سنوات وشهرين بالتمام والكمال، وبالتحديد ليلة 13-14 آذار 1989، في الوقت الذي كانت وحداته العسكرية تتحضر للهجوم على المجلس الحربي والمواقع الأخرى الموجودة في منطقة الكرنتينا، يقول أحد الضباط المقريبين منه يومها في حديث صحفي منذ عدّة أيام، والذي كان مكلفاً بالقسم الأساسي من هذه المهمة، بأنهم وهم على أهبة الإستعداد للبدء بتنفيذ العملية، تفاجأوا بإعلان حرب التحرير، التي من المفروض أنها تحتاج الى شهور من التخطيط، وهذا الكلام معطوف على ما قاله الوزير يومها في الحكومة الإنتقالية المؤلفة من 3 وزراء فقط، أي ثلث الحكومة، اللواء عصام أبو جمرة، بأنه كان يتحضر لتوصيل إبنه الى المدرسة حين علم أن حرب التحرر بدأت!
في فيديو عُرض يومها على الشاشات، وفي سياق تقبله التهاني بأعياد الميلاد ورأس السنة من وفد القيادة العسكرية وكبار الضباط التابعين لقيادته، يقول ميشال عون بالحرف:
“نحنا كعسكر، مطلوب منّا، خلال شهر كانون التاني، جهوزية كاملة لعتادنا، بدنا نبلغ ب 31 كانون التاني، أفضل درجة جهوزية بتاريخ حياتنا العسكرية، عتاداً وأفراداً ونفسيتاً، كلن هودي بدنا نحققن هلقتني ونعمل إعادة نظر فين خلال هالشهر هّيدا، وتكنيس الفخار المكسر، الساقط، يلي بيسموه بالإنكليزي، ال Establishment، بكل أنواعو وبكل مؤسساتو، الكانت رسمية أو غير رسمية”.
ولمن لا يعلم، 31 كانون الثاني 1990، هو تاريخ بدء الهجوم الشامل للوحدات العسكرية التابعة لميشال عون على كل المواقع العسكرية والمدنية التابعة للقوات اللبنانية في جميع المناطق الشرقية، في عملية عسكرية كبيرة اُطلق عليها رمز “هوفر”، وقد عُرفت لاحقاً بحرب الإلغاء، وهذا كان إعلان ساعة الصفر لبدء عمليته العسكرية على القوات اللبنانية قبل شهر من تاريخها، بعد كل الدعم الذي قدمته له القوات في حربه المدمرة الخاسرة التي أسماها حرب التحرير، وبعد أن كانت المناطق الشرقية ومن فيها منهكين مشلعين من الدمار والخراب والقتل والتشريد الذي سببته لهم تلك الحرب.
3 محطات من مسيرة مليئة بالكثير منها، كانت كفيلة بتدمير كل ما دُفع ثمنه آلاف الشهداء لخلق منطقة آمنة عصية على كل الغزاة والطغاة، فأتى مًن دمرها على رؤوس أبنائها وقدمها على طبق من فضة لجلاديها، ما فتح المجال أمام كل الآخرين لينهشوا وينهبوا كل مقدرات الدولة اللبنانية.
فهل نُسأل بعد لماذا التركيز على هذا الفريق الذي ساهم وما زال حتى اليوم في التدمير والتدمير من دون أي تعب أو كلل أو ملل، من دون أن يبني شيئاً واحداً مفيداً يُكفّر فيه عن كل ذنوبه؟!