كتب ناصر زيدان في “الأنباء” الكويتية:
حراك الموفدين من الخارج إلى لبنان، كما لقاءات لجنة السفراء الخمسة مع المرجعيات اللبنانية، وزيارات بعض القيادات الحزبية والبرلمانية إلى الخارج، لم تسفر عن أي نتيجة جدية حتى الآن، لا في موضوع انتخاب رئيس جديد للجمهورية، ولا بالنسبة للترتيبات المطلوبة لتنظيم المواجهات مع العدوان الإسرائيلي في الجنوب.
وتؤكد المعطيات السياسية المتقاطعة والمجمعة، من مصادر مختلفة، أن المساعي نحو إيجاد تسوية حول الملف الرئاسي تدور في حلقة مفرغة، وهي لم تتقدم خطوة واحدة، ولقاءات سفراء لجنة الدول الخمس المعنية لم تصل إلى تصور موحد، لا من حيث التقدم بطلب من رئيس مجلس النواب نبيه بري لاعتماد آلية الجلسات النيابية المتتالية للنواب حتى انتخاب الرئيس، ولا من حيث طرح اسم واحد من بين المرشحين يحظى بتأييد عربي ودولي يساعده لأن يكون الأول بين المطروحين لتولي المنصب.
رئيس مجلس النواب نبيه بري كان أكثر وضوحا هذه المرة، عندما أعلن جهارا، وأمام اللجنة الخماسية، ضرورة عقد لقاء تشاوري للحوار بين زعماء الكتل، ومن ثم يدعو إلى جلسات متتالية للمجلس حتى الوصول إلى النتيجة المرجوة، وهي فوز رئيس جديد للجمهورية. ويعتبر هذا الموقف عودا على بدء، لأن الرئيس بري كان قد طرحه منذ عام ونصف العام، ولاقى اعتراضا صريحا من غالبية الكتل النيابية المسيحية، لأنها تخاف على تكريس هذه المعادلة الحوارية كعرف يسبق أي انتخابات رئاسية لاحقة.
وزوار الخارج من المنتدبين عن الحزب التقدمي الاشتراكي والقوات اللبنانية إلى بعض العواصم العربية الفاعلة، لا يبدو عليهم أنهم يحملون أجواء جديدة من هذه العواصم، وينطبق هذا الحال على معطيات الوفد النيابي اللبناني الذي يزور الولايات المتحدة الأميركية برئاسة نائب رئيس مجلس النواب إلياس بوصعب، وعلى اجتماعات نائب رئيس مجلس الوزراء السابق القيادي في القوات اللبنانية غسان حاصباني، وكل هؤلاء سمعوا كلاما غير مريح من الذين التقوا بهم، وغالبيتهم يحملون القيادات اللبنانية المسؤولية الكبرى عن الاختلال الحاصل، خصوصا في حالة الفراغ المخيفة التي تعيشها المؤسسات الدستورية اللبنانية على اختلافها، ودائما وفقا لمعطيات نقلها عارفون بما جرى.
أما زيارات وزراء خارجية الدول الأوروبية ـ لاسيما البريطاني ديفيد كاميرون والفرنسي ستيفان سيجورنيه ـ فهي تهدف لتطويق التوتر القائم في الجنوب، ولتجنب مواجهة عسكرية واسعة تربك إسرائيل إبان عدوانها على غزة، وقد تؤدي إلى دمار هائل يزيد من حالة الانهيار الكبير الذي يعيشه لبنان، وقد تتفلت الأمور على شاكلة واسعة من جراء تمادي العدوان على لبنان، مما يؤدي إلى مزيد من المخاطر على أوضاع اللاجئين السوريين والفلسطينيين، وينذر بعودة الأعمال المخلة بالأمن إلى ما كانت عليه في مراحل سابقة، ويؤدي ذلك إلى حصول أضرار أكيدة بالمصالح الأوروبية.
وعلى هذا المسار الجنوبي أيضا، لا يبدو أن هناك نتائج ملموسة، والمساعي الديبلوماسية الغربية تصطدم بالشروط الإسرائيلية غير الواقعية، كما تواجه صلابة في موقف حزب الله، لناحية رفضه أي مفاوضات، أو إجراء أي ترتيبات في الجنوب قبل أن تتوقف الحرب على غزة، لكن وزير الدفاع الإسرائيلي يواف غالانت قال: أن الوصول إلى هدنة في قطاع غزة لا يعني وقف إطلاق نار حتمي في جنوب لبنان، وهو هدد باستمرار العدوان على لبنان إلى حين توفير ضمانات «لسكان الشمال» أو المستوطنين الذين تركوا منازلهم منذ بدايات المواجهة، خوفا من الصواريخ التي يطلقها حزب الله.
لا يبدو أن الاتصالات والمساعي السياسية والديبلوماسية حققت أي نتائج جدية حتى الآن، لا على مستوى الفراغ في موقع رئاسة الجمهورية اللبنانية، والذي يتفاعل على شاكلة مخيفة بين المكونات اللبنانية، ولا على مستوى التوتر الناتج عن العدوان الإسرائيلي في الجنوب.