كتب يوسف دياب في “الأنباء” الكويتية:
تتسابق المرجعيات السياسية والقضائية في لبنان، على محاولة ملء موقع النائب العام التمييزي، مع إحالة القاضي غسان عويدات الى التقاعد في 22 الجاري، واستحالة تعيين حكومة تصريف الأعمال قاضيا أصيلا، والتباين الكبير حول المخرج القانوني لانتداب أو تكليف شخصية تتولى إدارة هذا الموقع، خصوصا أن هذا الأمر تحول إلى معركة سنية باعتبار أن هذا الموقع القضائي المهم والحساس من حصة الطائفة السنية التي ترفض أن يؤول إلى قاض من طائفة أخرى ولو بالتكليف.
ورغم تكثيف المشاورات والاتصالات، تبدو الأمور مغلقة أمام الصيغ التي تطرح أقله حتى الآن، لكن مصدرا قضائيا بارزا أوضح «أن رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود، يعكف على إيجاد الحل القانوني لهذا الأمر، انطلاقا من قناعته بعدم ترك هذا الموقع للفراغ».
وأكد المصدر لـ «الأنباء» أن القاضي عبود «يعتبر أن قنوات الحل معروفة، وهي تبدأ بأن تبادر الحكومة إلى تعيين قاض أصيل، أو أن ينتدب وزير العدل هنري الخوري بالاتفاق مع مجلس القضاء الأعلى قاضيا يتولى المسؤولية، وفي حال تعذر ذلك لن يتردد (عبود) بتكليف قاض سني لخلافة عويدات في مهامه». ولا يستبعد المصدر أن «يسارع القاضي عبود في الوقت المناسب إلى تكليف رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، لا سيما أن القانون أعطى الرئيس الأول صلاحية التكليف من قضاة محكمة التمييز تحديدا».
في المقابل، اعتبرت مصادر مواكبة لهذا التحرك أنه «لا يمكن لأي مرجعية سياسية أو قضائية أن تكلف أي قاض لهذا المركز»، وذكرت أن «النائب العام التمييزي يعين بمرسوم يصدر عن مجلس الوزراء وبأكثرية الثلثين، غير أنه يمكن لرئيس مجلس القضاء أن ينتدب القاضي الحجار محاميا عاما تمييزيا قبل 22 الجاري، وعندما يحال عويدات الى التقاعد يتولى الحجار المهمة بالإنابة، باعتباره القاضي الأعلى درجة».
وأفادت مصادر في النيابة العامة التمييزية بأن عويدات «كان يرغب في تكليف الخوري بتولي مهامه وإدارة النيابة بعد تقاعده، بسبب إلمام الأخير بالملفات الدقيقة، والتي كان يتولى إدارتها في غيابه، إلا أن الخوري طلب إعفاءه من هذا التكليف لكونه قاضيا مارونيا، ولا يقبل بأن يكون جزءا من المعركة السنية القائمة حول هذا المنصب». وتشير المعلومات إلى أنه «في حال لم يتم الاتفاق على خلافة عويدات بقاض سني فإن الفراغ هو المرشح الأقوى ليحل على رأس النيابة العامة التمييزية، وهذا سيخلق مزيدا من الإرباك والتضارب في الصلاحيات بين المحامين العامين التمييزيين، وعدم الاتفاق حول كيفية توزيع الأعمال والمناوبات، وهذا الأمر سيزيد من شلل السلطة القضائية الذي بدأ مع تعطيل التشكيلات القضائية منذ أكثر من 4 سنوات».
وبدأت أروقة النيابة العامة التمييزية تعيش أجواء الفراغ الذي سيخلف عويدات، مع غياب المرجعية التي تدير هذا المركز الذي يرأس الضابطة العدلية والنيابات العامة في كل لبنان، ورغم أن المحامي العام التمييزي القاضي غسان الخوري الذي يتولى حاليا توقيع البريد وإعطاء الإشارات في عدد كبير من القضايا والملفات، فإن هناك صعوبة في أن يخلف عويدات لأسباب كثيرة.