كتبت لارا يزبك في “المركزية”:
لإسعاف القضية الفلسطينية وحل الدولتين، طالب البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي بحياد لبنان. وقال في عظة الاحد امس “الكلّ يعلم أنّ “حل الدولتين”، شرط أساسيّ لإنهاء الحرب الدائرة على أرض فلسطين. هنا ينتظر من لبنان أن يقوم بدور الوسيط سياسيًّا ودبلوماسيًّا وفقًا لرسالته. فلا يستطيع القيام بهذا الواجب طالما أنّه محروم من رئيس للدولة، وأنّه فقد الحياد بإقحامه في حروب ونزاعات إقليميّة لا يريدها”.
يتبين اكثر، مع مرور الوقت، كم ان لبنان بات طرفا في النزاع الدائر في الاقليم، وقد اختار ان يضع رجليه، لا واحدة فقط، في محور الممانعة في المنطقة.
آخر تجليات هذا الانحياز، ظهر في البيان الصادر عن وزارة الخارجية امس حيث اعربت عن “عميق قلقها من القصف الذي تعرضت له كل من سوريا والعراق، وأسفها لما نتج عنه من سقوط عدد من القتلى والجرحى، وما يشكله أيضا من انتهاك لأمن وسيادة البلدين الشقيقين”. وذكرت الوزارة بأن “موقفها هذا مبدئي لدى الاعتداء على أي دولة عربية، وقد سبق أن عبرت عن موقف مماثل لدى انتهاك سيادة وأمن الاردن الشقيق، واستهداف أفراد أميركيين متواجدين على أراضيه”. وتدعو الوزارة الى “ضبط النفس، واحترام أمن وسيادة وسلامة كافة الدول، وتذكر بأن لبنان سبق أن حذر مرارا الجميع من خطر تمدد الحرب وتوسع الصراع”.
سنسلّم جدلا في كون القصف الاميركي يشكل انتهاكا لسيادة الدول المستهدفة، تقول مصادر سياسية معارضة لـ”المركزية”، لكن لماذا لا تدين الخارجية مثلا اعتداء الحوثيين على سفن تجارية، او قصف ايران اهدافا في باكستان وسوريا، بغض النظر عن خلفيات هذا القصف او الجهات التي استُهدفت فيه؟
الخارجية لم تنطق يوما بأي كلمة، الا متى تكون دول المحور الممانع هي المستهدفة، في تجسيد لكون لبنان الرسمي منضويا قلبا وقلبا تحت رايتها. هذا اضافة الى انه تبنى موقف حزب الله ايضا من المناوشات في الجنوب وكيفية وقفها وتهدئة الامور على الحدود.
هذا الانحياز لم يُقحم لبنان في حرب قد تتوسع لتطال كل اراضيه، فحسب، بل أفقده ايضا القدرة على لعب اي دور مفيد “فعلا” في حل القضية الفلسطينية.. الم يكن من الافضل له ولهذه القضية، لو يعود الى الحياد الايجابي الذي نادى ولا يزال ينادي به البطريرك الماروني؟