كتب طوني فرنسيس في “نداء الوطن”:
يوحي استثناء لبنان من جولات أنطوني بلينكن وزير الخارجية الأميركية الشرق أوسطية باحتمالين على الأقل. فالوزير الأميركي يحلّ للمرة الخامسة في المنطقة منذ اندلاع حرب غزة وحروبها الرديفة، وهو كما في كل مرة تقريباً يخصص وقته لإسرائيل أولاً، قبل أن يستكمل جولته في عدد من الدول العربية: السعودية ومصر وقطر والسلطة الفلسطينية.
لم يرد لبنان مرّةً على جدول أعمال تحرّك المسؤول الأميركي الأول عن سياسة بلاده الخارجية، مع أنّ جبهة الجنوب التي فتحها «حزب الله» ضد إسرائيل من أجل غزة، تكاد تكون امتداداً رمزياً للحرب الدائرة في خان يونس، في نتائجها التدميرية والتهجيرية، وهي مهيأة لأن تصبح امتداداً مكتمل الصفات مع تهديدات المسؤولين الاسرائيليين بتحويل لبنان إلى غزة ثانية.
عدم اهتمام بلينكن بالحضور إلى لبنان قد يكون مردّه إلى أنه لا يريد البحث مع «حزب الله» في وقت كل السلطة تتحدث لغته، لكنّه أيضاً إشارة إلى ثقة ما لدى الأميركيين بأن جبهة الجنوب ستبقى منضبطة ولن تتطور إلى صدام واسع وحرب مفتوحة. لذلك لا تستحق عناء بلينكن أو لفتة منه.
ترك المسؤول الأميركي الاهتمام بمناوشات الجنوب إلى ثلاث شخصيات زميلة: وزير الدفاع لويد أوستن الذي جعل منع انفجار كبير في الجنوب فحوى اتصالاته مع نظيره الإسرائيلي غالانت، وآموس هوكشتاين مستشار جو بايدن لشؤون الطاقة الذي نجح سابقاً في ترسيم البحر بين إسرائيل و»حزب الله»… وليزا جونسون السفيرة الجديدة المنخرطة بحماس في عمل اللجنة الخماسية من أجل البحث عن رئيس للبنان.
قلّما يذكر بلينكن لبنان في تصريحاته. هوكشتاين وحده يقود التفاوض الجديد من أجل تسوية بين «الحزب» وإسرائيل تسمح بنشر الجيش والقوات الدولية المعززة في الجنوب. بمعنى ما هو تفاوض بين إيران وإسرائيل، على خلفية تواصل أميركي إيراني لم ينقطع. وليس في تسمية المفاوضين ما يسيء أو ما يفاجئ. فهذه حال لبنان بعد سيطرة الممانعة عليه، تفاوض إيراني- إسرائيلي على سيادته، وتفاوض دولي خماسي على رئيسه، وفي انتظار الحصيلة لا بأس بتكرار شعار رئيس مجلس النواب عن ضرورة الحوار في مجلس المواصفات والمقاييس النيابي، من أجل اكتشاف الأصلح في موقع الرئيس.
وعندما ينتهي كل ذلك، لنا أن نتوقع حضور بلينكن مباركاً ومهنئاً… ربما في جولته العاشرة.