رأى رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع ”أن حزب الله لن ينسحب من الجنوب اللبناني وهو يخدع الأميركيين”.
كما أكد خلال حديث مع جريدة “كورييري ديللا سيرا ” Corrier Della Sera أنه “لا يمكن استبدال تطبيق القرار الدولي 1701 برئاسة لبنان، فرئيس الجمهوريّة يجب أن يمثّل البلد بأكمله وليس حزب الله، ومن يفكر في اقتراحٍ مماثل فهو يحلم، اذ لا مقايضات ولا تسويات على حساب لبنان وسيادته ومهمة السلطة التنفيذية إعلاء مصلحة البلاد وليس محور الممانعة”.
وسئل جعجع: “هل الهجوم الفظيع الذي شنته حركة حماس في 7 تشرين الأول وردّ فعل إسرائيل يغيران الشرق الأوسط؟”
أجاب: ”إن الأهمية التاريخية لهذه الأشهر لن تتضح إلا بعد إنتهاء العمليات البرية داخل غزة. بالطبع، إذا انتشر الصراع خارج القطاع فسيكون الأمر أسوأ، لكن من الواضح أن ميزان القوى في الشرق الأوسط بدأ فعلياً يتغير“.
أما لجهة من الرابح ومن الخاسر ، علّق رئيس القوات قائلاً ” قبل الأزمة، كانت إيران تستعرض نفسها على أنها نمر المنطقة، لكنها الآن بدأت تظهر على حقيقتها بأنّها هرّة صغيرة خطاباتها وهميّة ، هي التي ردّدت لعقود “على طريق القدس سنحرر القدس وفلسطين من هذا السرطان الذي هو إسرائيل”. وفجأة، في السابع من تشرين الأول، وبينما كانت إسرائيل في حالة من الفوضى، ماذا فعلت إيران؟ أعلنت أنه لا علاقة لها بهجوم حماس وأنها لن تتدخل ، ويبدو أن ميليشياتها الشيعية ليست قوية أو جاهزة كما ادعت وبالتالي الأمر لا يقتصر على خيانة حماس فحسب، بل إنكار سمعة طهران كحارس للقدس، ومدافع عن الفلسطينيين والمسلمين. إذاً التمثيليّة الإيرانية انفضحت.”
أما لجهة أن إيران أشعلت وكلاءها : الحوثيون في اليمن، الميليشيات الشيعية في سوريا والعراق، و”الحز.ب” في لبنان ، اعتبر جعجع أن “طهران تعوّض تقاعسها من خلال أذرعها، وهي تفعل ذلك ضمن قواعد اشتباك دقيقة عملت حتى الآن على تجنب التصعيد ، لكن عندما يبدأ إطلاق النار ، يمكن أن يتدهور الوضع في أي لحظة”.
ورداً على سؤال لفت جعجع إلى أن “اللاعبين الأساسيين هم ثلاثة على الأقل : إسرائيل وإيران والولايات المتحدة والأخيران لا يريدان مواجهة مفتوحة باعتبار أن الولايات المتحدة الأميركية لديها إنتخابات ، بينما إيران تخشى الخسارة حتى على جبهة واحدة . من هنا الطرف الوحيد الذي يمكن أن يستفيد من التصعيد هو إسرائيل، فإذا نجحت في جرّ الولايات المتحدة إلى الصراع بإمكانها التخلُّص من النزعة التوسعية الإيرانية إلى الأبد ، ولكن أستبعد أن تبتلع واشنطن الطعم وبالتالي حتى هذه الأزمة الدموية لن تؤدي إلى تسوية دائمة في الشرق الأوسط”.
وعن سبب عدم تدمير إسرائيل لحماس حتى الآن أجاب ” أفتقد الكثير من المعطيات، ولكن من الخارج أستطيع القول إنه من حيث القوة العسكرية ليس هناك تعادل بين إسرائيل وحماس. إن النتيجة التي قد تنتهي إليها الحرب في غزة تعتمد على مدى قدرة إسرائيل على تحمُّل معاناة الخسائر، وعلى مدى قدرة حماس على الصمود، وعلى موقف الرأي العام الإسرائيلي والدولي، والعديد من العوامل السياسية الأخرى. في الصورة الكبيرة، الطائرات الشراعية الخيالية والفعّالة أو الأنفاق الأسطورية ليست ذات أهمية كبيرة.”
وسئل : إلى جانب من تقف ردّ جعجع ” بالنسبة لنا ، فإن دعم الفلسطينيين في غزة أمر لا جدال فيه لأن قضيّتهم عادلة إذ لا يمكن تصور أن يكون هناك 21 مليون شخص بلا وطن في القرن الواحد والعشرين : 3 ملايين في الضفة الغربية ، مليونان في غزة، ومليونان داخل إسرائيل، بالإضافة إلى 14 مليون في الخارج. لكن موقفي هذا لا ينطبق على حماس ، لأنها شيء آخر”.
وعن فظاعة العنف الذي نشهده منذ 7 تشرين الأول إلى اليوم ، عزا رئيس القوات هذا الأمر إلى أن ” الخطيئة الأصلية تكمن في الفشل بحل المشكلة الفلسطينية ، إلى جانب الخطر الذي تزيده الحكومة الإسرائيلية. “لماذا لا نستخدم القنبلة الذرية؟” عبارة قالها أحد وزرائها تخبرنا الكثير عن بعض الأجزاء في ذلك المجتمع .وأشار إلى أن التصرف في المسجد الأقصى في القدس غير مقبول ، منذ عام 1967 كان يديره الأردنيون وإسرائيل خرقت المعاهدة ، لماذا؟ هذه الأمور كلها هي التي تمنح إيران الأرض الخصبة لتدخلاتها”.
وعن الحل الناجع في النزاع الإسرائيلي-الفلسطيني ، رأى جعجع أن الحل هو ” الدولتين ، قبل عشرين عاما كان كل شيء جاهزا بالفعل ، مع إيهود باراك، رئيس وزراء إسرائيل، لم يكن هناك سوى القليل من التفاصيل التي يجب الإتفاق عليها ، القدس وبعض التفاصيل الأخرى ، إنطلاقاً من هنا ، عليهم تطبيق فوراً هذه الصيغة حين إنتهاء العمليات العسكرية .”
وسئل : ولكن مع من، مع إرهابيي “حركة حماس”؟
أجاب ” هناك سلطة أبو مازن الفلسطينية ، الآن أكثر من أي وقت مضى ، غالبية الفلسطينيين يريدون السلام، ومن يؤمن بشيء مختلف فهو لا يعرف الروح البشرية. لكن لا يجب ترك الوقت يمر، بل التصرف على الفور، بمجرد أن تصمت الأسلحة.”
وبالنسبة إلى لبنان ، أوضح رئيس القوات ” أن الجميع بات يعي أن “الحز.ب” اتخذ قرار الحرب من دون العودة إلى الحكومة، وهذا القرار يتعارض مع إرادة اللبنانيين بتجنيب بلدهم الحروب والكوارث والدمار، كما أنه لا يتوافق مع دستورهم وقرار الامم المتحدة 1701 الذي كان ينبغي نزع السلاح من منطقة جنوب نهر الليطاني قبل 18 عاما.”
وعن اللبنانيّين الذين لا يؤمنون ب”الحز.ب” ولم يستطيعوا منعه من إتخاذ قرار الحرب ، كما أنهم ليسوا محاورين ، بل “الحز.ب” هو وحده المحاور لأنه هو الذي يطلق النار ، قال جعجع ” الحوار الذي تتحدثون عنه مع “الحز.ب” يجري من منطلق عدم توسُّع الحرب وليس من منطلقات لبنانية تتعلّق بالدولة والدستور وقرارات الشرعيّة الدوليّة ، فالحزب يطرح شرطين : وقف القتال في غزة قبل أي اتفاق، والحصول على رئاسة الجمهورية وحكومة لبنان مقابل سحب السلاح من الحدود ، وبالتأكيد هذه الشروط غير واقعية ومرفوضة من قبل اللبنانيين، فلا مقايضات ولا تسويات على حساب لبنان وسيادته، والسلطة التنفيذية مهمتها إعلاء مصلحة لبنان وليس محور الممانعة.”
ورداُ على سؤال أكد جعجع أن ” “الحزب” لن ينسحب أبداً من الجنوب، فهو يخدع الأميركيين ويجعلهم يصدقون ذلك. ثم هناك مسألة الديمقراطية، فلا يمكن استبدال تطبيق القرار الدولي 1701 برئاسة لبنان ، ولا سيّما أن الرئيس يمثّل البلد بأكمله، وليس “الحزب”. وعلى أي حال ، من يفكر في اقتراح مماثل فهو يحلم ، باعتبار أن معارضتنا لن تسمح لأي رئيس من “الحزب””.
وعما اذا كان متأكداً من قدرته في عدم تحقيق مطلب “الحز.ب” ، خصوصًا أن القوات حصلت في الانتخابات على أكبر تمثيل برلماني، 19 نائباً، ولكنها لم تنزع سلاح “الحز.ب”، ولم ترشح ، حتى رئيساً أجاب جعجع ” صحيح، وللأسف، لم نتمكن من نزع سلاحهم لكننا منعناهم من الوصول إلى الرئاسة ، “الحزب” قوي لأنه مسلّح خلافاً للدستور ويحصل على أموال كثيرة. مِن مَن؟ من السهل أن نعرف. لقد ابتعدت الولايات المتحدة عن لبنان، ونسيته فرنسا، وتوقفت السعودية عن المساعدة، بينما واصلت إيران تدليل “الحزب” حيث ترسل طهران ما بين 30 إلى 50 مليون دولار شهريا. التمويل صافي من الأسلحة والذخيرة والتدريب العسكري، و”الحز.ب” ينفقه في وسائل الإعلام للقيام بالدعاية أو لمساعدة المواطنين العاديين. وبهذه الميزة كان ينبغي أن يفوز في الانتخابات بأغلبية ساحقة، فيما نحن فزنا بقوتنا الذاتية ورغبة اللبنانيين في قيام دولة فعليّة. مصير لبنان بيد اللبنانيين في حال قرروا ذلك، وما حصل في الانتخابات النيابية الأخيرة شكّل خطوة في هذا الاتجاه ، يجب أن تستكمل من قبل اللبنانيين بخطوات أخرى من أجل قيام دولة تحقِّق لهم الإستقرار والإزدهار بدلا من الفوضى والحروب”.