ذكّر رئيس حزب “التقدمي الاشتراكي” السابق وليد جنبلاط، اليوم السبت، “بأنّي عرفت الاتحاد السوفياتي، والذي هو الاتحاد الروسي اليوم، منذ 57 عاماً، عندما أتيت مع والدي كمال جنبلاط في الذكرى الخمسين للحرب البولشفية ونشأت العلاقة وتطوّرت في كلّ المجالات، وبعد مقتل والدي تطوّرت أكثر، وأتيت اليوم في هذا الوقت الحساس الذي يبدو فيه العالم بحرب باردة أو ساخنة جديدة والتي ضحّت بكلّ قواعد الأمم المتحدّة، تضامناً مع روسيا الإتحادية في مواجهة هذا التوسع للحلف الأطلسي باتجاه روسيا”.
وأكد “أهمية احترام اتفاقات مينسك ووقف الحرب وعدم دخول بعض الدول في الحلف الأطلسي الذي يطوّق روسيا ويذكرني بحرب القرم في القرن التاسع عشر وكان الهدف فيها آنذاك من قبل بريطانيا وفرنسا إضعاف روسيا وتقسيمها”.
وأضاف في حديث لـ”روسيا اليوم”: “لست هنا لأمثّل حكومتي، إنّما موقف الحزب التقدمي الإشتراكي الذي كنت رئيساً له وأتمنى أن يبقى هذا موقف رفاقي في الحزب في المستقبل، إذ إنَّ الاتحاد السوفياتي والشعب الروسي لهما أفضال كثيرة على لبنان وأهل الجبل وعروبة لبنان وإسقاط 17 أيار كما المنح الدراسية والتدريب. ولا أستطيع نسيان هذا الماضي العريق الذي بفضله المختارة موجودة وأهل الجبل بألف خير”.
ولفت الى أنه “من النقاط التي جرى النقاش حولها مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف هي أن كذبة كبيرة خرجت من أوساط غربية مفادها حلّ الدولتين وكان موقفي واضحاً وتطابق مع موقف لافروف”.
وسأل: “أين ستقوم هذه الدولة على ركام غزة علماً انَّ هناك إمكانية لتهجير سكانها بعد تدميرها بشكل كامل، بحيث لم يبقَ من غزة سوى رفح ويبدو أن الإسرائيليين سيبدأون في التدمير المنهجي لرفح، وبالتالي فرض على الفلسطينيين بالتهجير إلى كلّ العالم، والضفة الغربية هناك 800 ألف مستوطن، فأين ممكن أن تقوم هذه الدولة هناك استحالة لكنها مجرد دعاية لبعض من العالم العربي والرأي العام الغربي بإعطاء ربما الفلسطينيين حقّهم ولكنهم لن يعطوهم ومستحيل ذلك؟”.
وفي تعليقه على الموقف العربي من القضية الفلسطينية، قال جنبلاط: “لست هنا لأعلّق على الموقف العربي، وأعطيت رأيي في مرحلة معينة، وعندما نرى خارطة العالم العربي فيها مواقف لا بأس بها ولكنني لست هنا لأتحدث عن الموقف العربي”.
وأضاف: “نريد ونوافق على تطبيق القرار 1701 لكن لا يكون هذا التطبيق إلا بالاتفاق بين حزب الله والقوى اللبنانية ومن خلال الدولة وتعزيز الجيش اللبناني كي يملأ الفراغ في هذه المنطقة شرط أن نطبق الأمور نفسها على إسرائيل. وأذكر هنا اتفاق الهدنة الذي يملي على لبنان وإسرائيل مسافة معينة محايدة في شمال لبنان كما فلسطين إنما تطبيق اتفاق الهدنة من جهة واحدة فهذا ليس بمنطق”.
وقال جنبلاط: “لا أعتقد أن الملف الرئاسي مطروح اليوم، إلّا إذا أتت “الخماسية” بعرض، وهم قالوا إنَّ الرئاسة ملف لبناني داخلي، لذا نفضّل أن يساهموا أيضاً مع الفرقاء اللبنانيين، علماً أنَّ لبعض الدول في الخماسية تأثير على بعض القوى اللبنانية، واللقاء الديمقراطي يقرّر كما يريد، ولكن في الوقت الحاضر الحرب مشتعلة في الجنوب، وكما سبق وذكرت من اللحظة الأولى أتمنى أن لا نُستدرج إلى الحرب، لكن هناك فريقان الأول لبناني مع حزب الله، والثاني الإسرائيلي. ومَن يعلم ما هي نوايا العدوان الإسرائيلي على لبنان وإمكانية تطوّر هذا العدوان بدعم أميركي؟”.
وتابع: “حزب الله والجمهورية الإسلامية ليسا بوارد توسيع الحرب لكن علينا أن نسأل الفريق الآخر أيّ إسرائيل وكلّ من يدعمها، الغرب والولايات المتحدة بالتحديد”.
وأردف: “سمعت بأنَّ هناك ضغوطات على إسرائيل بأن لا توسع للحرب لكن نرى ماذا يجري في غزة تحت حجة عملية 7 تشرين الأول 2023، من تدمير وقتل منهجي لعشرات الآلاف من المواطنين في غزة”.
وحول عدم توسّع حزب الله في الحرب من أجل تسهيل وصول سليمان فرنجية إلى بعبدا، قال: “لم أسمع بهذا الموضوع وليس بأمر يعنيني، كوني أتحدث كمراقب من بعيد، وما يقرره اللقاء الديمقراطي والقوى السياسية بالتوافق هذا شأنهم وليس شأني”.
ولفت إلى أنَّ “العلاقة إيجابية مع حزب الله ومع كلّ فصيل لبناني أو غير لبناني يقاوم إسرائيل، فلسطين هي الأساس والصراع العربي الإسرائيلي هو الأساس. واليوم حزب الله يقوم بهذا الواجب، كما كانت الحركة الوطنية في وقت سابق، كما كانت حركة أمل ولا تزال، كما كانت الأحزاب في مواجهة العدوان الإسرائيلي وكل القوى التي تستطيع مواجهة هذا العدوان مرحّب بها ونلتقي معها”.
وأضاف: “ذكرت في إحدى المقابلات السابقة بأنَّ مشروع الدوليتن انتهى منذ أن ظنَّ البعض في أوسلو بأن هناك حلاً للدولتين في العام 1994 وذكرت بأنَّ قضية تهجير أهل غزة مستمرة وستقوى أكثر وأن ما يجري في الضفة من استيطان وخنق للقرى والمدن الفلسطينية سيؤدي في يوم ما إلى تهجير فلسطينيي الضفة ويتحقق ما يسمى الحلم الإسرائيلي. ونحن في بداية الحرب وصراع طويل قد يستمرّ أكثر من 100 عام ولكن في يوم ما سيستعيد العرب فلسطين، فما جرى في غزة جولة دامية ومدمرة من جولات الحروب، وإذا كان البعض يفكر بأن القضية الفلسطينية ستزول فإنها لن تزول ولكن لا بد من الصبر والتخطيط والمثابرة”.
وتابع: “لست ملماً بما سيقوم به عبداللهيان في لبنان، لكن موقفي واحد وثابت وهو محاولة عدم استدراج لبنان لحرب واسعة وتطبيق القرار 1701 والعودة إلى قرار الهدنة من قبل جميع الفرقاء ما يوفّر الكثير على لبنان”.
واعتبرَ جنبلاط أنَّ “الأميركيين يحتلون غالبية المنطقة العربية، والقواعد الأميركية في كلّ مكان، يهاجمون سوريا والعراق كما أن إسرائيل تهاجم غزة بالنيابة عن أميركا. والنظرية السابقة التي خرجت بأن أميركا على وشك الانسحاب من الشرق الأوسط هي نظرية لبعض المثقفين الطامحين لهذا الأمر أو اليساريين السابقين الذين يملكون معلومات خاطئة”.
وأضاف: “نتمنى أن يتوصل دور الدول العربية مع روسيا وأميركا إلى وقف إطلاق للنار في الأمم المتحدة، التي تذكرني اليوم بعصبة الأمم قبل الحرب العالمية الثانية، وأعتقد أنّها في ظلّ تمدد الحروب في كلّ مكان قد تبشّر بنهايتها. وأتمنى أن لا ندخل في حرب كونية لأن كل شيء ممكن فمعاهدات نزع السلاح السابقة أيام الحرب الباردة أزيلت تقريباً والحرب تمتد دون إطار معين للجم هذه الأمور”.
وقالَ جنبلاط: “للقاء الإيراني السعودي إيجابية إذ خفف من التشنج الإيراني السعودي ونتمنى أن ينتج علاقات أفضل تنسحب من اليمن إلى لبنان”.
وتابع جنبلاط: المحوران موجودان اليوم، محور يقاوم وهناك عدواناً إسرائيلياً وتوسع في النفوذ الأميركي على حساب ما تبقى من سيادة عربية ولا يجب أن ننسى ذلك، سائلاً: “الحوار والتفاوض على ماذا؟ قلنا مع العرب في العام 2000 في قمة بيروت، الأرض مقابل السلام، ماذا بقي من الأرض؟ هل بقي شيء من الأرض؟ 20 في المئة من أرض فلسطين، الضفة والقطاع، مقابل السلام، هل بقي شيء؟ هذا هو السؤال. أنصح بعض العرب أن يطرحوه على أنفسهم وعلى أصدقائهم”.
ورأى جنبلاط أن “للسعودية دور وازن وضاغط، وهي تحتضن المقدّسات الإسلامية والعربية، عليهم أن يروا أين مصلحة المملكة والعرب تحت شعار الأرض مقابل السلام والدولة الفلسطينية، وبرأيي، لا أرى في الوقت الحاضر إمكانيةً لقيام دولة فلسطينية مستقلّة على 20 في المئة من الأرض العربية الفلسطينية التي سُلبت في العامين 1948 و1967”.
وأضاف: “أرى أن ثمة كارثة ستقع وواقع لفرض التهجير على قسم من أهالي غزة أو غالبهم بعد التدمير الممنهج الكامل، ولاحقاً على أهالي الضفة الغربية”.
وأشار الى أن “ثمّة أصوات غريبة شاذة، أو أصوات اليمين اللبناني، مقابل ما تبقى من يسار ومقاومة، وثمة أصوات تنادي بها الأمر، وهذا يعود بنا إلى الأمر الأساس، فهناك استحالة لتحييد لبنان عن الصراع العربي الإسرائيلي”.
واعتبر جنبلاط أن “حرب غزة لم تنته، يتحدثون اليوم عن وقف إطلاق نار مشروط بتبادل الأسرى، لكن لم تنته حرب غزة، والإسرائيليون يعملون بمباركة الأميركيين، إلّا ببعض النقاط التي تقول فيها أميركا إنها لا تتفهم إبادة حماس، لكن هذه تفاصيل، ربما يقومون من خلال قطر بترتيب معيّن لوقف الحرب من أجل الإفراج عما تبقى من الأسرى”.
وختم: “الحرب مستمرّة والهدف الاستراتيجي الإسرائيلي الذي يكمن في الترانسفير والتهجير القسري أو الطوعي، فهذا تفصيل في حين أن الهدف مستمر، وهو التهويد الكامل لغزة والقدس”.