كتب مايز عبيد في “نداء الوطن”:
حصّة عكار من كوارث الشتاء هذه السنة هي الأكبر، وهذه المرّة حلّت المصيبة في منطقة وادي خالد الحدودية. فقد ضرب طوفانٌ مائي وسيلٌ جارف بعد ظهر يوم الجمعة الماضي؛ قرى وادي خالد آتياً من جبال أكروم المجاورة؛ موقعاً فيها خسائر كبيرة في المنازل والطرقات. وراح الأهالي يطلقون الصرخات عبر وسائل التواصل الإجتماعي، إلى الجيش اللبناني والصليب الأحمر والدفاع المدني وسائر المعنيين من أجل إنقاذهم.
صباح السبت، استغلّ أهالي قرى وادي خالد انقشاع الجو وهدوء السيول والعواصف، لاستكشاف نتائج الأمطار الطوفانية التي ضربت منطقتهم، وحوّلتها منطقة منكوبة بالكامل. الخسائر قدّرت بآلاف الدولارات بحسب ما يشير رئيس بلدية العماير – رجم عيسى أحمد الشيخ لـ»نداء الوطن»، داعياً الهيئة العليا للإغاثة والحكومة اللبنانية إلى إغاثة أهالي وادي خالد والتعويض عليهم.
مشاهدات كثيرة يمكن روايتها، لكن يمكن وصفها بكلمة واحدة «الكارثة». أطفالٌ ونساء ورجال يعملون على تنظيف ما أمكن من آثار السيول الجارفة ومخلّفاتها، وما تبقّى من بيوتهم وممتلكاتهم بحالة جيدة فتلك نعمة.
من لحظة الدخول إلى المنطقة، تتكشّف الأضرار الكبيرة، بعدما أصبحت الطريق العامة التي تربط قرى وادي خالد بعضها ببعض، وتربطها بالجوار؛ عبارة عن خنادق متنقّلة، وهناك طرق داخلية لم تعد موجودة. المقيبلة، الهيشة، العماير، رجم عيسى، العوادة، جرمنايا، البقيعة وغيرها من قرى الوادي، اعتبرت منكوبة بالكامل ولا تصلح للحياة. وأشار الأهالي الى «أنّ هذه الطوفة لم يحصل مثيل لها من سنوات طويلة، بعدما حفرت سيول الأمطار الطرق الرئيسية والزراعية، واقتحمت البساتين والحقول وعشرات المنازل وخيم النازحين السوريين وبيوتهم، حتى القبور لم يكتب لساكنيها الرقود بهدوء تلك الليلة بعدما اجتاحتها السيول».
وفي المشاهدات الميدانية أيضاً، سيدة كانت تزرع بعض البطاطا خلف بيتها الصغير المتواضع ذي السقف التنك، اقتلعتها السيول، وتقدّر أضرارها بـ300 دولار أميركي. صحيح أنّ هذا المبلغ قد يكون متواضعاً بالنسبة لغيرها، إلا أنها لا تملكه فهو مبلغ كبير والخسارة كبرى. أما جارها الذي اشترى حمولة حطب من أجل التدفئة بمئة دولار أميركي، فيقول «استدنت المبلغ واشتريتها، وأخذتها السيول معها. أنا عسكري متقاعد معاشي كله في الشهر 100 دولار».
الأهالي نقلوا عبر «نداء الوطن» معاناتهم مشيرين إلى أن خسائرهم كبيرة، سواء في المعدّات والأدوات المنزلية أم في المزروعات والمواشي. وطالبوا المعنيين في الدولة اللبنانية والهيئة العليا للإغاثة بالتعويض عليهم سريعاً.
وقد تابع الجيش وفرق الإغاثة في الصليب الأحمر اللبناني والدفاع المدني ومتطوّعون منذ ليل الجمعة، عمليات إجلاء الأهالي المتضرّرين، وكان قد عاين المنطقة والأضرار فيها، النائبان في كتلة «الإعتدال الوطني» محمد سليمان ووليد البعريني وأمين عام الهيئة العليا للإغاثة اللواء محمد خير.
وباكراً، وصل النواب سليمان والبعريني ومحمد يحيى إلى وادي خالد، للإعراب عن تضامنهم مع أهالي المنطقة. كذلك حضر خير، مؤكدين «أنّ خسائر الأهالي فادحة بحسب المشاهدات، ولا بدّ من خطة طوارئ واستجابة سريعة من الحكومة مجتمعة لنداءات الناس المنكوبة والتعويض عليهم، ومباشرة تأهيل الطرقات التي تحوّلت حفراً وخنادق بسبب السيول الجارفة».
النواب أيضاً أكّدوا أنّ «وادي خالد منكوبة بالأصل وجاءت السيول لتزيد الطين بلّة ولن نقبل بأقل من وصفها بذلك، لا من الحكومة ولا من وزير الأشغال ولا من أي جهة رسمية معنية كانت. فهذا ليس وقت شجب وإدانات فهي لم تعد تنفع، كذلك التغاضي الرسمي لم يعد مقبولاً ولن نقبل بأعذار بعد اليوم، ونطالب الحكومة بإعلان حال الطوارئ في وادي خالد».
يشار في السياق إلى أنّ نكبة السيول الأخيرة زادت آلام أهالي وادي خالد ومعاناتهم. فهذه المنطقة الحدودية تفتقر إلى الكثير من الخدمات والبُنى التحتية، أهمها صيانة شبكة الطرق فيها، وتعزيز دور الدولة وأجهزتها فيها، وما كان ينقصها إلا هذه النكبة حتى تزيد طين المعاناة اليومية بلّة.