كتب مايز عبيد في “نداء الوطن”:
إتّخذت الذكرى الـ19 لاستشهاد الرئيس رفيق الحريري أبعاداً جديدة لم تكن تحملها، أقله في السنوات الثلاث الماضية، سواء على المستوى الشعبي أم على المستوى السياسي الداخلي والخارجي.
فعلى المستوى الشعبي والسياسي الداخلي لم يكن الإهتمام الرسمي منصباً على الحديث عن ضرورة وأهمية عودة رئيس «تيار المستقبل» سعد الحريري عن عزوفه وعودته إلى ممارسة السياسة، فيما استنفرت قيادات مستقبلية جهودها لحشد أكبر عدد من المواطنين والمناصرين يوم 14 شباط امام ضريح الرئيس الشهيد رفيق الحريري ليقولوا لسعد الحريري «لا تفل».
ما لم يحصل في السنوات السابقة؛ حصل هذه السنة فانطلقت حملات التجييش والحشد للذكرى في مختلف مناطق الشمال، تحت شعار «تعوا ننزل ليرجع».
في مناطق الشمال لا يمكن للمراقب إلا أن يُلاحظ أنّ التحضيرات لإحياء ذكرى اغتيال الحريري هذه السنة مختلفة عن السنوات السابقة، وأداء «التيار الأزرق» وبعض قياداته الأساسية على الأرض، لا يوحي أنه تيارٌ علّق عمله السياسي وانكفأ، إذ فجأة هبّ بعض القيادات المستقبلية للحشد والإستقطاب والتحضير للذكرى 19 وتريدها أن تكون استثنائية، وبدأت السيارات التي تحمل مكبّرات الصوت وأغاني الذكرى والمناسبة، وصور الشهيد رفيق الحريري ونجله سعد، تجول في شوارع طرابلس والمنية والضنية، في مشهدٍ يذكّر بسنواتٍ ومناسبات خلت.
بعض النواب لم يكونوا بعيدين عن جو التحضير، ففي عكار برز دور للنائبين وليد البعريني ومحمد سليمان على خط الحشد للذكرى، ومن قيادات الصف الأمامي للتيار برزت حركة عضو هيئة الرئاسة سامر حدارة، الذي تواصل لأيام مع فاعليات المنطقة من بلديات وغيرها لدعوتها إلى 14 شباط، إلى جانب بعض الدوائر والقطاعات في المنسقية وبعض الفاعليات في المنطقة التي نشطت أيضاً. أما في طرابلس فكان الدور الأكبر على عاتق عضو المكتب السياسي في «المستقبل» ناصر عدرة مع مجلس المنسقية، بالإضافة إلى بعض الشخصيات التي تدور في فلك «المستقبل».
ولأنّ هذا الحشد لا يمكن أن يحصل من دون دعم لوجستي ومادي أيضاً، أقلّه لجهة تأمين مصاريف التنقّل والصور واللافتات، خصوصاً تلك التي ملأت شوارع وطرقات المناطق قبل أيام، مذيّلة بأسماء نواب وشخصيات مناطقية وعبارات الوفاء وغيرها. وقد توقّف مراقبون عند مسألة التمويل الذي ظهر فجأة ضمن المنسقيات وبين أيدي المستقبليين، بعد حالة من الركود المادي والسياسي. فعن التمويل، وكيف توافر؟ تدور الأحاديث عن أنّ رئيس جمعية «إمكان» أحمد هاشمية والوزير السابق محمد شقير تكفّلا بالمصاريف الخاصة بـ14 شباط، وثمة كلام آخر يقول إنّ النواب يدفعون من جيبهم، وكذلك بعض المسؤولين في التيار من أجل إنجاح الذكرى. في المقابل، سرت معلومات أمس أنّ الحريري نفسه هو من يتكفّل بكل التكاليف. كل هذا لا يلغي وجود أنصار للتيار وزعيمه سينزلون إلى بيروت اليوم على نفقتهم الخاصة بغية أن يوصلوا للحريري رسالة البقاء في لبنان.
وتضيف المعلومات أنّ الحريري هو من طلب من قياداته والقريبين منه جعل هذه الذكرى مختلفة من حيث الحشد والإستقطاب، وأنّ لا يقلّ الحشد المطلوب من مناطق الشمال على ضريح الشهيد في وسط بيروت عن 10 آلاف إلى 20 ألف مشارك، من أجل إيصال رسالة واحدة وواضحة إلى من يعنيه الأمر في الخارج، بأنّ الزعامة السنيّة في «بيت الوسط»، والحريري هو القادر على جمع السنّة وتوحيدهم وهو القادر باسمهم على التحاور مع كل الأفرقاء اللبنانيين وتشكيل نقطة تواصل بين الجميع. بالمختصر، سيكون الحضور الشعبي الشمالي وازناً وربما هو الأكبر.