كتب مايز عبيد في “نداء الوطن”:
من خارج السياق المتوقّع، جاءت موافقة وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال بسام مولوي على قرار الطعن الصادر عن مجلس شورى الدولة القاضي بإبطال رئاسة المهندس أحمد قمر الدين لبلدية طرابلس، وذلك بعد أشهر على صدور القرار الذي لم يُنفّذ في حينه.
وكان الدكتور رياض يمق تقدّم بطعن أمام مجلس شورى الدولة بقرار المجلس البلدي الذي سحب الثقة منه، وانتَخب قمر الدين رئيساً، في تشرين الأول عام 2022، ما حدا بيمق للجوء الى مجلس الشورى الذي أعاد اليه الرئاسة بقرار صدر أواخر العام نفسه، لكنّ مولوي لم يستجب لقرار مجلس الشورى آنذاك، لأنّ الأعضاء الذين أتوا بقمرالدين رئيساً هدّدوا بالإستقالة إذا عاد يمق، ففضّل الوزير التريث لئلا تذهب البلدية إلى إدارة محافظ الشمال رمزي نهرا… إلى أن وقّعه حديثاً.
قرارمولوي الأخير أثار موجة تساؤلات لجهة التوقيت، خصوصاً أنه لا ينفك يؤكّد أنّ الإنتخابات البلدية ستحصل في موعدها في أيار المقبل، أي بعد 3 أشهر من الآن، فما الغاية من ترئيس يمق في الشهور الأخيرة من الولاية الثانية الممدّدة؟ هنا، يشير مطّلعون إلى أنّ ما حدا بمولوي الى الموافقة الآن هو الوعكة الصحية التي تعرّض لها قمرالدين في أثناء مشاركته في مؤتمر في العراق قبل أسابيع، وسط حديث عن أنه يحتاج إلى وقت إضافي للتعافي بشكل كامل وممارسة مهماته، وهذا الأمر سيؤثّر من دون شك على أداء المجلس البلدي في طرابلس وعمله.
وقد يكون مولوي استعاد ما حصل عندما أعاد المجلس البلدي انتخاب قمر الدين، ثم انقسم على نفسه في إنتخاب نائب الرئيس بعد إستقالة خالد الولي وإبقائه على العضوية، ومغادرة لبنان، ما أدى الى تطيير الجلسة حينها، ولم تعقد جلسة ثانية لانتخاب نائب الرئيس، ليصبح المجلس في غياب قمرالدين من دون رئيس ونائب للرئيس معاً.
قرار مولوي أيضاً حصّنته تطمينات من عدد من الأعضاء إلى مفتي طرابلس والشمال محمد إمام، بعدم الإتجاه نحو الإستقالة في هذه الفترة المتبقّية، لكي لا تذهب البلدية إلى عهدة المحافظ رمزي نهرا.
وبحسب المعلومات، فقد زار رئيس البلدية المُعاد إلى كرسيّه بقرار مولوي، مركز بلدية طرابلس وسط المدينة، في اليوم التالي الذي أعقب صدور القرار، والتقى عدداً من الموظفين فيها، مكث في مكتبه قرابة الساعة ثم غادر. وأجاب الأعضاء الذين هددوا بالاستقالة: «فليكن… فسيكونون هم المسؤولون عن تسليم البلدية للمحافظ». وفي هذا السياق، أكّد مصدر مطّلع في بلدية طرابلس لـ»نداء الوطن» أنّ «تهديدات عدد من الأعضاء لا تعدو كونها بالونات اختبار وذراً للرماد في العيون، ومن أراد الإستقالة قد فعل في السابق، ومن يريد الإستقالة لا يهدّد بها».
يشار إلى أنّ عدد أعضاء المجلس البلدي الطرابلسي الحالي 20 عضواً من أصل 24، وذلك بعد إستقالة كل من: عزام عويضة، شادي نشابة ويحيى فتال، ووفاء لؤي المقدم. وقد تميّزت فترة ولاية هذا المجلس سواء الست سنوات الأساسية أو السنتين الممدّدتين بالكثير من الخلافات والإختلافات، ولم يستطع كمجلس النهوض بواقع طرابلس على كل الصعد، مع أنه اعتُبر في بداية الأمر فريق عمل من لون واحد تقريباً وصل بدعم من النائب اللواء أشرف ريفي في وجه لائحة مدعومة آنذاك من الرئيسين سعد الحريري ونجيب ميقاتي. وشهد المجلس الحالي أكثر من انقسام على نفسه، وتوزّع رؤساؤه الولاءات السياسية في أكثر من اتجاه، لكنّ التخوّف من أن تطير صلاحياته إلى المحافظ ظلّ هو السيف المصلت فوق رؤوس الأعضاء الذي يمنع حلّه كل مرّة.